عرب وعالم

الأربعاء - 17 ديسمبر 2025 - الساعة 12:30 م بتوقيت اليمن ،،،

العرب


أبدى الفريق أول عبدالفتاح البرهان استعدادا للعمل مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومبعوثه مسعد بولس من أجل إحلال السلام في السودان، في تحول لافت ربطه مراقبون بالجهود التي بذلتها الرياض من أجل تضييق فجوة الثقة بين قائد الجيش السوداني وإدارة ترامب.

.وجاء موقف البرهان، في ختام زيارة رسمية أجراها إلى الرياض بدعوة من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وقد تزامنت الزيارة التي بدأت الاثنين، مع وجود المبعوث الأميركي لشؤون أفريقيا (بولس) في المملكة، وسط تسريبات عن لقاء مغلق عقد بين الطرفين.

وأفاد بيان لوزارة الخارجية السودانية المحسوبة على الجيش بأن البرهان أكّد في ختام الزيارة "حرص بلاده على العمل مع الرئيس ترامب ووزير خارجيته (ماركو روبيو) ومبعوثه للسلام في السودان (بولس) في جهود تحقيق السلام ووقف الحرب".

وأوضح مصدر حكومي سوداني أن زيارة البرهان الرسمية للرياض هدفت إلى البحث في المبادرة التي طرحها ولي العهد السعودي على الرئيس الأميركي لإنهاء الحرب في السودان، خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن.

وتوقفت مفاوضات السلام التي تقودها الولايات المتحدة مع الدول الأخرى الأعضاء في اللجنة الرباعية للوساطة في السودان وهي مصر والسعودية والإمارات، بعد رفض البرهان آخر مقترح للهدنة طرحه بولس.

وسبق أن وصف البرهان الرباعية بـ "غير المحايدة"، واتهم المبعوث الأميركي بالانحياز، وقال إن "بولس يتحدث وكأنه يريد أن يفرض علينا بعض الفروض، ونخشى أن يكون عقبة في طريق السلام الذي نريده، كما أنه يهدد بالحديث عن منع الحكومة وصول الإغاثة واستخدام الأسلحة الكيميائية".

ورأى البرهان حينها أن الورقة التي عرضها بولس تعد "أسوأ الأوراق لأنها تلغي وجود الجيش وتطالب بحل الأجهزة الأمنية وتبقي على الدعم السريع"، مردفا "لن نقبل بذلك".

ويرجع مراقبون التغيير في موقف البرهان من بولس، إلى ولي العهد السعودي الذي لعب، بالواضح، دورا رئيسيا في تضييق الفجوة بين الطرفين، وتبديد هواجس قائد الجيش السوداني حيال المبعوث الأميركي.

ويشير المراقبون إلى أن حديث البرهان عن السلام مؤشر إيجابي يعكس انفتاحا على التسوية، لكن من المبكر جدا الجزم بمدى استعداده للمضي في هذا المسار، في ظل الضغوط المتوقع أن يواجهها من حلفائه الإسلاميين.

ويستدرك هؤلاء بالقول إن الوضع الميداني لا يصب حاليا في صالح الجيش، بعد خسارة آخر موطئ قدم له في إقليم دارفور، والصعوبات التي يواجهها في الحفاظ على مواقعه في إقليم كردفان المجاور، وبناء على ذلك فإن التهدئة بالنسبة له لم تعد خيارا بل ضرورة.

ومنذ سقوط الفاشر آخر معقل للجيش في إقليم دارفور الشاسع في الغرب، اشتدت حدة المعارك في إقليم كردفان المجاور، وهو منطقة جنوبية خصبة غنية بالنفط والذهب وتشكل خطا للإمداد وتحركات الوحدات العسكرية.

وقال رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل المهدي إن الأوضاع العسكرية في إقليم كردفان دخلت مرحلة بالغة الخطورة، محذراً من أن المخاطر باتت تحيط بمدن رئيسية مثل الأبيض وأم روابة والرهد، في ظل استمرار الحصار المفروض على كادوقلي والدلنج، وتزايد أعداد النازحين من مناطق القتال.

وأوضح الفاضل أن سقوط عدد من المدن والمناطق الإستراتيجية خلال الفترة الأخيرة يعكس حجم التدهور العسكري، مشيرً إلى أن استمرار الحصار يهدد بتوسع رقعة المواجهات ويضاعف معاناة المدنيين في الإقليم.

وشدد رئيس حزب الأمة في تدوينة نشرها على منصة "إكس"، على أن الأزمة الإنسانية في كردفان تشهد تصاعداً مقلقاً نتيجة التدفقات المستمرة للنازحين من مناطق القتال والمناطق المستهدفة، وعلى رأسها مدينة الأبيض. وحمّل استمرار الحرب مسؤولية الانهيار المتسارع للأوضاع المعيشية والأمنية، مؤكداً أن المدنيين يواجهون ظروفاً قاسية مع تزايد النزوح وتراجع الخدمات الأساسية. وأشار إلى أن هذه التطورات تضع الإقليم أمام تحديات إنسانية غير مسبوقة، في ظل غياب حلول سياسية توقف النزاع.

وطالب الفاضل قائد الجيش السوداني بتجاوز "الارتهان لمخططات حلفائه من الإسلاميين"، داعياً إياه إلى استثمار زيارته إلى السعودية لإعلان الموافقة الفورية على وقف الحرب والتوقيع على الخطة الأميركية، بدعم من الولايات المتحدة ومصر والسعودية.

وأشار رئيس حزب الأمة إلى أن رفض وقف الحرب في مراحل سابقة، عقب استعادة الوسط والعاصمة الخرطوم، أتاح لقوات الدعم السريع فرصة لإعادة ترتيب صفوفها، ما أسهم – بحسب تعبيره – في اتساع رقعة المواجهات وعودة التهديد إلى عدد من مدن كردفان.

ويعتقد الكثير من المحللين أن زيارة البرهان إلى السعودية سيكون لها ما بعدها، مشيرين إلى أن الزيارة أنعشت نسبيا فرص نجاح مبادرة الرباعية، وسط ترجيحات بأن تكون الإطار الذي سيجري على أساسه التفاوض.

وسبق وأن أعلنت قوات الدعم السريع قبولها مقترح الرباعية بهدنة إنسانية في البلاد، مع تجدد الآمال في أن يلاقيها الجيش في المنتصف.

وأسفرت الحرب الدائرة منذ أبريل 2023 بين الجيش الذي يسيطر على شمال السودان وشرقه، وقوات الدعم السريع المهيمنة في الغرب وبعض مناطق الجنوب، عن مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص وتشريد الملايين، وتسببت في "أسوأ أزمة إنسانية في العالم" وفق الأمم المتحدة.