عرب وعالم

الخميس - 01 مايو 2025 - الساعة 12:23 م بتوقيت اليمن ،،،

وكالات


كشفت الإمارات الأربعاء عن خلية لتهريب أسلحة وعتاد عسكري إلى الجيش السوداني، ما يضع قادة القوات المسلحة السودانية في ورطة في ظل التناقض بين ما يقولونه وما يفعلونه، حيث دأبوا على اتهام قوات الدعم السريع بالحصول على أسلحة من الإمارات ليتضح أن الجيش يستمر في الحرب من خلال تنظيم عمليات تهريب الأسلحة والحصول عليها بطرق غير مشروعة ثم يلقي بالتهم على خصومه.

لكن سعي الجيش السوداني إلى تهريب أسلحة عبر الإمارات يثير التساؤل حول المغزى من وراء مثل هذه المغامرة، وهل أن للأمر صلة بالاتهامات التي يوجهها قادة المؤسسة العسكرية السودانية للإمارات.

ولم يستبعد خبراء عسكريون أن يكون الهدف من وراء خطة التهريب هو استثمار السلاح المهرب لشن حملة على الإمارات، مشيرين إلى أن الخطة تقوم على أن تعبر شحنات الأسلحة المهربة عبر أحد مطارات الإمارات وعند وصولها إلى الجيش السوداني يتولّى حجزها ثم الادعاء بأنها جاءت من الإمارات وأنها موجهة لقوات الدعم، ويوغل في ذكر التفاصيل الفنية مثل رقم السلسلة وجهة التصدير للإيحاء بصدق روايته.

ويتساءل الخبراء حول الاتهامات السابقة هل اعتمدت نفس السيناريو بتهريب الأسلحة عن طريق نفس الخلية وبنفس الأسلوب ليتم ضبطها من الجيش وتصويرها والإيهام بأنها موجهة من الإمارات إلى قوات الدعم السريع، والبناء عليها لتقديم شكوى أمام محكمة العدل الدولية.

وما يدعم مؤامرة تهريب أسلحة ونسبتها إلى الإمارات أن التقرير، الذي قدمته لجنة خبراء لمجلس الأمن الدولي، لم يتوصل إلى أيّ دليل بشأن اتهامات الجيش السوداني للإمارات، ولم يجد أيّ دليل على أن الإمارات طرف في النزاع السوداني، أو أنها تنقل أسلحة أو مواد عسكرية وتحولها إلى قوات الدعم السريع، ما يجعل تلك الاتهامات باطلة وملفقة بهدف نقل مسؤولية الدمار والقتل إلى طرف خارجي بدل أن تتحملها المؤسسة العسكرية التي رفضت مسار الحوار السوداني – السوداني وانقلبت عليه.

ويقول متابعون إن الاتهامات التي وجهها القضاء الإماراتي قوية وخطيرة ومليئة بالأدلة، وطالت أسماء محددة في السلطة أو قريبة منها، ما يجعلها محل اهتمام داخل السودان وخارجه، ويمنح التوقيت الحساس الذي كشفت فيه القضية أهمية مضاعفة، في ظل ما يعتري العلاقات بين البلدين من توتر سياسي عقب التصعيد المتعمد من جانب الخرطوم ضد دولة الإمارات، ومحاولة التوظيف السياسي لما تردد جزافا بحق دولة عربية قدمت مساعدات إنسانية سخية لم تقدمها دولة أخرى للسودان في العامين الماضيين.

ومن شأن صدور حكم من القضاء في الإمارات المعروف بنزاهته بحق قادة في الجيش السوداني مباشرين أو سابقين وعناصر قريبة منه أن يطال مصداقية المؤسسة العسكرية أمام المجتمع الدولي، ويثير الشكوك حول تعاملاتها بما في ذلك لدى الدول الصديقة خاصة أن قيادة الجيش عرفت بإطلاق مواقف تتسم بالتناقض والانتقال من التحالف مع هذه الدولة إلى دولة أخرى.

ولم يستبعد المحلل السياسي السوداني عبدالواحد إبراهيم أن يكون الهدف من وراء الاتهامات الموجهة إلى مجموعة من العناصر التي لديها ارتباط ببعض قيادة الجيش السوداني التكسب من تهريب السلاح، وهي مغامرة كان يمكن التربح من ورائها بالملايين من الدولارات، مشيرا إلى أن الاتهام يتضمن شركات بعينها وستكون الأيام المقبلة كاشفة عن تفاصيل الواقعة بعد إحالة القضية إلى القضاء الإماراتي.

وأوضح النائب العام الإماراتي حمد الشامسي في بيان نقلته وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية أن “أجهزة الأمن في الدولة تمكنت من إحباط محاولة تمرير كمية من العتاد العسكري إلى القوات المسلحة السودانية، بعد القبض على أعضاء خلية متورطة في عمليات الوساطة والسمسرة والاتجار غير المشروع في العتاد العسكري، دون الحصول على التراخيص اللازمة من الجهات المختصة.”

وأضاف أنه “جرى ضبط المتهمين، أثناء معاينة كمية من الذخائر داخل طائرة خاصة، كانت تحمل نحو 5 ملايين قطعة ذخيرة عيار 7.62×54، من نوع جيرانوف من العتاد العسكري، في أحد مطارات الدولة، بالإضافة إلى ضبط جزء من متحصلات الصفقة المالية بحوزة اثنين من المتهمين داخل غرفهم الخاصة بأحد الفنادق.”

ولفت الشامسي إلى أن التحقيقات “كشفت تورط أعضاء الخلية مع قيادات الجيش السوداني، إذ تضم المدير السابق لجهاز المخابرات السوداني صلاح قوش وضابطا سابقا بالجهاز، ومستشار وزير المالية السابق، وسياسيا مقربا إلى (قائد الجيش السوداني) عبدالفتاح البرهان و(معاون رئيس أركان القوات السودانية) ياسر العطا، وعددا من رجال الأعمال السودانيين.”

وقالت الإمارات إن التحقيقات أوضحت أن “الشحنة التي تم ضبطها في العملية الأخيرة في أحد مطارات الدولة على متن طائرة خاصة كانت قادمة من دولة أجنبية هبطت للتزود بالوقود، وأعلنت رسمياً أنها تحمل شحنة أدوات طبية، قبل أن يتم ضبط العتاد العسكري.”

وكشفت عن “وجود عدد من الشركات المملوكة لرجل أعمال سوداني الأصل أوكراني الجنسية، من بينها شركة تعمل داخل الإمارات، شاركت في توفير احتياجات الجيش السوداني من أسلحة وذخائر وقنابل وطائرات دون طيار، بالتعاون مع أعضاء الخلية والمسؤول المالي بالقوات المسلحة السودانية، وهي مدرجة ضمن قوائم العقوبات الأميركية.”

وفي مارس الماضي، رفع السودان شكوى ضد الإمارات أمام محكمة العدل الدولية، وهي أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، بسبب مزاعم دعمها المفترض للدعم السريع. وندّدت الإمارات بالشكوى التي رأت فيها “حيلة دعائية خبيثة” مؤكدة أنها ستعمل على ردّها. ومن المرتقب أن تصدر محكمة العدل الدولية حكمها في الدعوى في الخامس من مايو المقبل.

وخلصت التحقيقات الإماراتية وفق البيان الثلاثاء إلى أن “تلك الصفقات تمّت بناء على طلب من لجنة التسليح بالقوات المسلحة السودانية برئاسة عبدالفتاح البرهان، ونائبه ياسر العطا وبعلمها وموافقتها، وبتكليف مباشر لأعضاء الخلية بالتوسط وإتمام الصفقات، بواسطة أحمد ربيع أحمد السيد، السياسي المقرّب من القائد العام للجيش السوداني ونائبه المسؤول عن إصدار الموافقات وشهادات المستخدم النهائي.”

وأشار البيان الذي نشرته “وام” إلى أن أعضاء الخلية “أتموا صفقة عتاد عسكري شملت أسلحة من نوع (كلاشينكوف)، وذخائر، ومدافع رشاشة، وقنابل، بقيمة تجاوزت ملايين الدولارات.”

وأكّد ضلوع المدير السابق لجهاز المخابرات السوداني صلاح قوش في “إدارة عمليات الاتجار بالعتاد العسكري غير المشروع داخل الدولة، بالتعاون مع باقي أعضاء الخلية، حيث تحصلوا على 2.6 مليون دولار كفارق سعر عن القيمة الحقيقية للصفقتين.”