عرب وعالم

الإثنين - 27 مارس 2023 - الساعة 06:02 ص بتوقيت اليمن ،،،

العرب


ظهرت وسائل الإعلام الروسية المملوكة للدولة الناطقة بالعربية، كروسيا اليوم وسبوتنيك، قبل سنوات من غزو أوكرانيا، وأصبحت من مصادر الأخبار الإقليمية الرئيسية في الشرق الأوسط.

ولم تحظ النسخ الموجهة إلى الغرب من هذه المنابر بنفس الشعبية، ومع اندلاع الحرب تقرر حظر بعضها، مثل روسيا اليوم في بريطانيا، في حين اختارت قنوات أخرى إغلاق مكاتبها بسبب أحداث غير متوقعة لانقطاع الإرسال، كما حدث لروسيا اليوم في الولايات المتحدة حين لم تعد متوفّرة عبر مزود القنوات الفضائية “دايركت تي في” وشركة البث روكو في 2022.

لكن وسائل الإعلام الروسية التي تديرها الدولة احتفظت في الشرق الأوسط بإمكانية الوصول الكامل إلى البيوت العربية طوال أزمة أوكرانيا، مما مكّن الكرملين من نشر روايته عن الحرب عبر وسائل الإعلام الإقليمية.

وتعرف موسكو طبيعة جمهورها في الشرق الأوسط جيدا. وتصوّر الحرب بشكل روتيني على أنها تحدٍ روسي للنظام المهيمن الذي تقوده الولايات المتحدة، وهي حجة تجد من يتفهّمها في العديد من العواصم العربية.

وتستشهد آنا بورشفسكايا، الزميلة في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ضمن مقال نشرته في مجلة “فورين بوليسي”، بإعادة موقع “نبض” الإخباري نشر مقالات روسيا اليوم باللغة العربية.

وترى الكاتبة أن قاعدة بيانات المعلومات المضللة التابعة للاتحاد الأوروبي توفر سجلا شاملا لإعادة نشر هذه المقالات عبر وسائل الإعلام الإقليمية، في “نبض” وغيره من المواقع الأخرى بعناوين مثل “الغرب والولايات المتحدة غير مهتمين بدعم أوكرانيا بل إضعاف روسيا”، و”مهمة واشنطن هي الحد من نمو شركائها الأوروبيين والآسيويين”، و”أوكرانيا مجبرة على القتال نيابة عن الناتو”.

وتكررت وجهة نظر الكرملين أكثر من مرة في محادثات خاصة مع سياسيين عرب ونشطاء ورجال أعمال، تحدّثوا عن استفزاز روسيا بسبب توسع الناتو، وتاريخ روسيا وأوكرانيا “المعقد”، وعن أن الولايات المتحدة التي غزت العراق بلا سبب لا يجب أن تنتقد التحرّك الروسي في أوكرانيا.

وتُرجمت هذه المشاعر دبلوماسيا باكتفاء المسؤولين بالدعوة دوما إلى إجراء مفاوضات سلمية لحل الأزمة الأوكرانية – الروسية.

كما أن جامعة الدول العربية أصدرت إثر الغزو بيانا أعربت فيه عن “القلق الشديد” بشأن الوضع في أوكرانيا ودعت إلى بذل جهود لحل الأزمة من خلال الحوار والدبلوماسية، دون تحديد روسيا بكونها المعتدي.

وحقق الهجوم الإعلامي الروسي انتصارا اقتصاديا في إقناع العواصم العربية بعدم الانضمام إلى أنظمة العقوبات الغربية، حتى أن بعض دول الشرق الأوسط (وخاصة تركيا والإمارات العربية المتحدة) سجّلت زيادات في تجارتها الثنائية مع موسكو بينما كان الغرب يحاول عزل روسيا.

ونجحت الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى حد كبير في إقناع معظم قادة العالم بالتصويت بالطريقة التي يريدونها في الجمعية العامة للأمم المتحدة، فأصبحوا يعتقدون أنهم يكسبون معركة الحجج والروايات.

لكن صورة روسيا لم تتغيّر في الكثير من أنحاء العالم، بما في ذلك الأماكن المهمة مثل الهند وجنوب أفريقيا ومعظم الشرق الأوسط.

ويتوقع محللون أن يستمر انتشار التعاطف مع موقف موسكو إثر دخول سنة أخرى من الدعاية “التي تتنكر في صورة أخبار وتحليلات”.

وبحسب هؤلاء يبدو الطريق طويلا لمواجهة الرواية الروسية ويحتاج الغرب إلى الأخذ بزمام المبادرة في مواجهة الدعاية الروسية في الشرق الأوسط ونشر رؤيته الخاصة في المنطقة بوضوح أكبر.

ويلاحظ المراقبون غياب إستراتيجية غربية لمواجهة الدعاية الروسية بشكل فعال في منطقة الشرق الأوسط.

ويحتاج الشرق الأوسط حسب محللين إلى برامج تدريب صحفية أقوى من أوروبا وإمكانية وصول محسّنة إلى أدوات مراجعة المعلومات الخارجية. ويمكن أن يشمل ذلك زيادة تمويل منافذ مثل وكالة صوت أميركا والبي بي سي بالعربي، ورسم طرق فعالة لإدخال وجهة النظر الغربية والأوكرانية إلى وسائل الإعلام المحلية.