كتابات وآراء


الأحد - 02 نوفمبر 2025 - الساعة 04:48 م

كُتب بواسطة : د. عارف محمد الحسني - ارشيف الكاتب




ماذا إذا سُئِلت من احد أبنائك ، لماذا أتيت بنا إلى هذه الحياة ، وانته غير قادر على توفير سُبل العيش فيها بكرامة ؟ هل ستكون إجابتك له مسرعة ، وواضحة تُجيب فيها عن تساؤله ، أم ستجد من الصعوبة ما يثقل الجبال ، وبأن سؤاله لم يخطر على بالك بأن تُسَّأل به ، وخاصة من احد أولادك ، فتتلعثم لأن ليس لديك إجابة شافية قادرة على منع المزيد من الأسئلة قد تصنعها إجابتك له عند تبريرك لكي يعيش حياة كريمة وآمنة .

فقد يصبح سؤال طفلك شبيه بقنبلة انشطارية لمزيد من الأسئلة تصنعها بينك وبين عقلك ، نعم سؤال لم أسأل نفسي به ، لماذا أتيت به إلى هذه الحياة ، وأنا لم أستطيع أن أوفر له سبل العيش بحياة كريمة غير مذلة .

وتصبح الإجابة أكثر صعوبة من الأب ، إذا كان هذا الأب زري " متباهي" في مظهره ، محافظاً على احتياجاته الخاصة أولاً مثل توفير مصدر التخزينة والطعام الجيد والمركوب الممتاز والتسلية مع الأصحاب ، والباقي يتركها من دخله للأولاد وأمهم ، غير عابئ كيف يعيشون وبأي حال ، وعادة يزيد الأمر بله عندما يُكنى بأكبر أبناءه .

هذا السؤال يجب أن يتصدر إلى ساستنا وكبرائنا لماذا تحكمونا " تسوسونا" ؟! هل لشغل المناصب بمراسيم رسمية لتحقق بها أمنيتك الخاصة لتحَّضِا بِكنَّية سياسية ، أو تنفيذية بصورة غير مؤهلة لصنع واقع جديد لخاصتك ، حاثاً عليها بمزيد من المجهود ، بذريعة تخاطب بها نفسك ، إنها فرصة العمر، لا تأتي إلا مرة واحدة في العمر مثل شجرة "ملكة الإنديز" ، لا تزهر إلا مرة كل مئة عام .

هذا هو شيطانك يعبر عن مكنونات نفسك ، كابن آوى ، مخادع ، لا يتأفف من العيش بهذه الصورة ، يلَّعب ، يمَّرح ، يتذوق الحياة مهما رأى من أحزان الحياة بالآخرين ، فهي من ضروريات البقاء له .

يناقش آلامنا بمزيد من المُبرِرات ، دءوب للدفاع عن نفسه ، وإن خلف الدمار لشعبه ، ليس له اعتراض ، كل شيء فيها وجه نظر مختلفة لما نراه ، ونسمعه ، فأصبحنا خاليين الوفاض من نتيجة ، كخطبة مكونة من حرف أبجدي واحد ، لا تصنع ملحمة للنصر ، بل دفاع مستميت للفشل ، يريد بها تسجيل صورة للحضور في اجتماع باهت لا ينتج أفضلية للحلول .

ليقلص من نِسب تذمُرنا نحوه ، مبدياً استعداده لبذل المزيد من الجهد لتحقيق الأمنيات بدون تاريخ محدد ، فيوظف كلماته السياسية بطريقة مثالية مع إحساسنا المفرط بالكذب فيما يقول ، ولكن نتمنى له التوفيق بتحقيق الإنجاز الرائع ، وإن كانت تخالطنا نسبة الرسوب العالية في المواد الأساسية للنجاح ، ليعزز بها استجابة البقاء والصمود .

بل يكشف عن استمرارية انتهاك كل موجبات البقاء بشروط عقد مر من قريب ، ويتم تدويره كجزء من سياسة لا تكشف عن ملابسات الحيثيات ، فالكل يحترم قواعد الاتفاقيات ، وعدم المساس بها التزاماً بِحلف القسم ، وفوائده الشخصية ، وإلى حين ميسَّرة للشعب ، مع إدانة لِممارسة الضغوط ، ولكن لا يصنع تحولاً للقطيع المحكوم ، ولا يكشف سراً .

هذه التحركات الاستفزازية تعكس حالة الانفصام الذي يعيشها السياسي بين تبعيته لمصالحه ، وتبريرات فشلة الذي يسوقها كدليل لتبرئة نفسه من سلطة صنعها لنفسه للبقاء يريد الاستئثار بمنافعها ، وسلطة باسم الشعب تمثل نهج دولة ، لتفرض شروط بقائها حتى باتخاذ أقصى العقوبات بحق مخالف للأنظمة الذي هو أول من يخالفها بعد حلفه للقسم .

هو يأتي على أنقاض سلطة فاشلة متهمة بالفساد ، ولكن هو يعمل على تثبيت مرجعياتها ، والإصرار على السير في طريقها ، لما فيها من مصالح لشخصه ، ليس لديه تطلع للتغيير ، بعد أن تواصوا بصيغة مقبولة فيما بينهم لإدارة المنافع لا تكسر قشرة بيضة دجاجة .

هذه هي الإستراتيجية التي يتم بها تحريك دفة المركب ، تصدر أزيزاً ، ولكن سرعان ما يتم تزييتها ليسهل القيادة في اتجاه واحد ، لا طائفية في التوجه ، هذا ما نوصي به أنفسنا " استئثار اللحظة"

فأضحت مؤسساتنا السياسية مشلولة ، وفشلت في تقديم الحلول ، بعد أن خلطت بين السياسة والمصلحة ، وأمست تمارس سياسة سلطة الفائدة فتبعثرت وراء مصالحها فكشفت عن واقع الحال الذي نعيشه ، إلا من فنجرة كلام لا يغير واقع في جغرافية مناطق محررة ، وكشف ملابسات الواقع للحفاظ على الانتصارات .

عندما تختل هذه العلاقة ، فلا تستقيم إلا بعروض جديدة تفرض شروطها لمعادلة جديدة لمستقبل أفضل للحفاظ على واجب المسئولية كجزء لبقاء هذه العلاقة ، وما الطلاق والتفكك الأسري إلا نتاج لفشل مؤسس هذه العلاقة ، ألا وهو الأب ، وعدم قدرته على الإجابة على الكثير من التساؤلات ، والتي من أسسها المقدرة على الرعاية ، ليحفظ هذه العلاقة من التفكك والتصدعات حتى يصل أفرادها إلى بر الأمان ، بتقديم الدعم المادي والقيم للمثل العليا، وهي القواعد الأساس للحفاظ على بيئة مثالية للبقاء ، أي كان نوعها .

د. عارف محمد احمد علي