أخبار اليمن

الخميس - 11 ديسمبر 2025 - الساعة 03:12 م بتوقيت اليمن ،،،

صالح النود


هل يذهب الانتقالي نحو فك الإرتباط بخطوات تدريجية ام انه سيبدأ بالإعلان عن فك الارتباط ومن ثم معالجة اي تداعيات لذلك القرار؟

في تقديري، التدرج في الخطوات نحو فك الارتباط يبدو المسار الأكثر واقعية، للاسباب التالية:

بعد تحقيق السيطرة العسكرية شبه الكاملة على الجنوب، توجد أمام المجلس الانتقالي ثلاثة مسارات رئيسية محتملة قد يتحرك ضمنها بدرجات متفاوتة، وغالبًا بشكل متوازٍ وليس منفصلًا.

1. تثبيت الإدارة والحوكمة في المحافظات الجنوبية (السيناريو الأقرب على المدى القصير)

الانتقالي يدرك أن أي خطوة سياسية كبرى تتطلب أولًا استقرارًا إداريًا وأمنيًا، ولذلك فالإجراءات المحتملة هي الاتي:

• إعادة تنظيم المؤسسات المحلية وتوحيدها تحت سلطة المجلس فعليًا بما في ذلك السلطة القضائية واجهزة الرقابة والمحاسبة ومكافحة الفساد.

• تعزيز الأجهزة الأمنية وضمان الانضباط والقدرة على فرض القانون.

• معالجة ملفات الخدمات (كهرباء، ماء، رواتب) لتحسين الشرعية الشعبية.

• إجراء تغييرات في القيادات الإدارية لملء الفراغات أو لإحكام السيطرة.

وهذه الإجراءات مهمة لأن أي مشروع سياسي لن ينجح دون قدرة واضحة على إدارة الأرض وإظهار أن الجنوب يمكن أن يكون مستقرًا وقابلًا للحكم الذاتي او حكم دولة مستقلة.

2. الانتقال إلى مرحلة “التفاوض من موقع قوة” (متوسط المدى)

بعد تثبيت السيطرة، قد يتجه الانتقالي إلى تحويل مكاسبه العسكرية إلى أوراق قوة سياسية في المشهد اليمني الأوسع.

وفي هذا الصدد فالإجراءات المحتملة هي كالتالي:

• الضغط لإعادة صياغة هيكلة السلطة داخل مجلس القيادة الرئاسي.

• المطالبة بصلاحيات أوسع للجنوب مثل الادارة او الحكم الذاتي وتثبيت ضمانات لحق الشعب الجنوبي في استعادة دولته مستقبلاً.

• الدخول في مفاوضات مباشرة مع أطراف دولية (الأمم المتحدة، دول التحالف) حول مستقبل الجنوب والحصول على ضمانات تحمي حق الشعب الجنوبي في استعادة دولته.

وهذه الاجراءات متوقعة لأن الانتقالي يفضّل أن يكون جزءًا أساسيًا من أي حل سياسي شامل، وليس خارج العملية، والسيطرة العسكرية تعطيه الشرعية السياسية في التفاوض.

3. إعلان سياسي أكبر، مثل الحكم الذاتي او فك الارتباط (المدى المتوسط إلى الطويل)

وهو موضوع حساس، لكنه يبقى الهدف الرئيسي الحتمي المعلن للمجلس، وإن كان توقيته يعتمد على عوامل كثيرة.

وإمكانية إعلان سياسي في هذا المستوى قد تتحقق من خلال:

• توسيع صلاحيات الإدارة الذاتية/الحكم الذاتي ليدار الجنوب باستقلالية شبه دولة (دون إعلان فك الارتباط رسمياً).

• طرح استفتاء جنوبي وهذا موضوع حساس قانونياً لكنه اخراج ديمقراطي مرغوب دبلوماسياً.

• أو رفع خطاب سياسي أعلى سقفًا للمطالبة باستعادة الدولة من طرف واحد.

وهناك عدة عوامل لا يمكن تجاهلها في هذا الصدد.

• الموقف الإقليمي والدولي (الذي لا يزال حتى الآن يتحدث عن الحل الشامل للازمة اليمنية).

• استقرار الجنوب داخليًا.

• شكل الاتفاق القادم بين الحوثيين (والشرعية) والتحالف وشكل الحل النهائي للازمة اليمنية.

لذلك قد لا يكون إعلان فك الارتباط الكامل هو الخيار الاول في المدى القصير، لكنه يبقى الهدف الذي يسعى اليه المجلس وكل الخيارات الاخرى لا بد ان تكون مقدمات له وتعزيز لامكانية تحقيقة.

4. ضبط العلاقة مع القوى الجنوبية الأخرى

لإنجاح المشروع طويل الأمد، المتمثل بفك الارتباط واستعادة وبناء الدولة، لا شك ان الانتقالي سيعمل على:

• استيعاب القوى الجنوبية المتحفظة أو المعارضة.

• توحيد الرؤية السياسية داخل الجنوب ورسم ملامح للمستقبل السياسي.

• منع ظهور مراكز قوى منافسة داخل نفس الجغرافيا.

هذه الخطوة ضرورية لأن القوة العسكرية وحدها لا تكفي لصياغة مستقبل سياسي مستقر.

5. تعزيز التحالفات الإقليمية والدولية

بما ان لمجلس الانتقالي يعتمد بشكل كبير على الدعم السياسي الإقليمي، فمن المتوقع أن يعمل الانتقالي على:

• تثبيت العلاقة مع الإمارات والسعودية والرباعية وتطويرها مع توازنات جديدة.

• تقديم نفسه كقوة استقرار تستطيع مكافحة الإرهاب وضبط الموانئ والحدود.

وهذه الأوراق مهمة للحصول على اعتراف شبه رسمي على الاقل بوضعه كسلطة أمر واقع.

وخلاصة القول، إذا رتبنا الخطوات حسب درجة احتمالها:

1. تثبيت السيطرة الداخلية والخدمية والمؤسسية (الأكثر احتمالًا والأقرب زمنًا).
2. رفع مستوى التفاوض السياسي من موقع قوة داخل وخارج مجلس القيادة.
3. خطوات سياسية تدريجية لزيادة استقلالية الجنوب.
4. توحيد الصف الجنوبي.
5. تعزيز العلاقات الإقليمية للحصول على دعم وغطاء سياسي.

والله اعلم

المحامي صالح النود
#صالح_النود