عرب وعالم

السبت - 06 ديسمبر 2025 - الساعة 12:16 م بتوقيت اليمن ،،،

العرب


كشف البيت الأبيض منتصف ليل الخميس الجمعة، عن إستراتيجيته للأمن القومي، التي منح فيها الأولوية للجزء الغربي من الكرة الأرضية (الأميركتين)، مع تراجع الشرق الأوسط "ليس بسبب فقدان المنطقة لأهميتها، ولكن لأنها لم تعد مصدراً لأزمات متلاحقة، وباتت تتحول تدريجيا إلى ساحة شراكة وصداقة واستثمار".

وتشير الإستراتيجية التي تحدد رؤية ترامب القائمة على شعار "أميركا أولا"، إلى تحوّل حاد في السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

وقالت الإدارة الأميركية في الإستراتيجية التي تتألف من 33 صفحة، ونشرت على موقع البيت الأبيض، إن أولوية سياستها الخارجية لن تكون في الشرق الأوسط، وإنما في النصف الغربي للكرة الأرضية، كما ستعمل على "الفوز اقتصاديا" في المستقبل ومنع المواجهة العسكرية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، ودفع أوروبا للاعتماد أكثر على نفسها، والانتقال إلى الشراكة مع إفريقيا.

واعتبرت الإدارة الأميركية أن السنوات الماضية، شهدت تراجعا في اهتمام الولايات المتحدة بالجزء الغربي، ما "أتاح لمنافسين دوليين التوسع اقتصادياً وأمنياً"، في هذه المنطقة الهامة للولايات المتحدة.

وذكرت إدارة دونالد ترامب أنها ستعمل على تحديث مبدأ "مونرو" بـ"بالملحق الترمبي"، وينص مبدأ مونرو وهو حجر الزاوية في سياسة الولايات المتحدة تجاه نصف الكرة الغربي، وصاغه الرئيس جيمس مونرو في 2 ديسمبر 1823، على رفض التدخل الأوروبي في شؤون الدول الأميركية أو استعمار أراضٍ فيها، مقابل عدم تدخل الولايات المتحدة في الشؤون الأوروبية.

وفي الجزء المتعلق بالشرق الأوسط، قالت الإدارة الأميركية إنه على مدى نصف قرن على الأقل، شكّلت المنطقة أولوية مطلقة في السياسة الخارجية الأميركية.

وأوضحت أن الأسباب كانت واضحة، إذ أن الشرق الأوسط "شكّل لعقود المورد الأهم للطاقة في العالم، وساحة رئيسية للتنافس بين القوى العظمى، وبؤرة صراعات كانت تهدّد بالامتداد إلى بقية دول العالم وحتى إلى الأراضي الأميركية".

واعتبرت أن اليوم، "لم تعد اثنتان من هذه الحقائق ساريتين. فقد تنوّعت مصادر الطاقة بشكل كبير، وأصبحت الولايات المتحدة مجددا مصدّرا صافيا للطاقة. كما تراجع التنافس بين القوى العظمى إلى مستوى تنافس بين قوى كبرى، مع احتفاظ واشنطن بموقعها الأكثر تفوّقا، مدعوما بجهود الرئيس ترامب في إعادة إحياء التحالفات الأميركية في الخليج ومع الشركاء العرب وإسرائيل".

وأشارت إدارة ترامب في الإستراتيجية إلى أن النزاع بالمنطقة، "لا يزال العامل الأكثر إزعاجا في المشهد، لكن حجمه اليوم أقل مما قد يوحي به المشهد الإعلامي".

وفصلت الإستراتيجية ما تشير إليه بالنزاع، وقالت إن "إيران، التي تُعد القوة الأكثر زعزعة للاستقرار في المنطقة، ضعفت بشدة بفعل العمليات الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر 2023، وبفعل عملية مطرقة منتصف الليل، الأميركية في يونيو 2025، التي أدت إلى تراجع كبير في برنامجها النووي".

وذكرت أن الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي "يظل معقدا"، إلا أن وقف إطلاق النار وتحرير الرهائن الذي تفاوض عليه الرئيس الأميركي ساهم في فتح باب نحو تهدئة أطول أمدا.

وأشارت إلى أن أبرز داعمي حركة حماس "تراجعوا أو أعادوا حساباتهم". وأضافت أن سوريا "تبقى مصدر قلق محتمل، لكنها قد تستعيد استقرارها ودورها الطبيعي بدعم أميركي–عربي–إسرائيلي–تركي".

وأورد نص الإستراتيجية أنه "مع تراجع السياسات الأميركية المقيّدة لقطاع الطاقة، وارتفاع الإنتاج المحلي، تتراجع أيضا الأسباب التقليدية التي جعلت واشنطن تضع الشرق الأوسط في صدارة أولوياتها. فالمنطقة تتحوّل تدريجيا إلى مركز للاستثمار الدولي، في قطاعات تتجاوز النفط والغاز، وصولا إلى الطاقة النووية والذكاء الاصطناعي والتقنيات الدفاعية. كما يمكن للولايات المتحدة العمل مع شركائها في الشرق الأوسط لتعزيز مصالح اقتصادية أخرى، مثل حماية سلاسل التوريد وتوسيع الفرص التجارية في مناطق مثل إفريقيا".

وقالت الإدارة الأميركية في الإستراتيجية إن دول المنطقة "تظهر التزاما أكبر بمكافحة التطرّف، وهو منحى يجب على السياسة الأميركية دعمه. غير أن ذلك يتطلّب التخلي عن النهج الذي حاول دفع هذه الدول، إلى تغيير تقاليدها وهياكلها السياسية. فالإصلاح يجب أن يُشجَّع عندما ينشأ من الداخل، لا أن يُفرض من الخارج".

وأشارت واشنطن في الإستراتيجية إلى أن "جوهر العلاقة الناجحة مع الشرق الأوسط، يكمن في التعامل مع دوله وقادته كما هم، والعمل معهم في مجالات المصالح المشتركة".

وأضافت "ستظل للولايات المتحدة مصالح أساسية في موارد الطاقة، وفي بقاء مضيق هرمز مفتوحاً، والبحر الأحمر آمناً للملاحة، ومنع المنطقة من أن تصبح حاضنة للإرهاب الذي قد يهدد مصالح واشنطن أو أمنها الداخلي، إضافة إلى ضمان أمن إسرائيل. ويمكن تحقيق ذلك، فكريا وعسكريا، من دون الوقوع مجددا في مستنقع حروب بناء الدول، التي أثبتت إخفاقها لعقود".

وذكرت الإدارة الأميركية أنه ستبقى هناك مصلحة أميركية واضحة في توسيع اتفاقيات إبراهيم، لتشمل دولا جديدة في المنطقة والعالم الإسلامي.

لكنها أشارت إلى أن الحقبة التي كان فيها الشرق الأوسط يهيمن على السياسة الخارجية الأميركية، في التخطيط الاستراتيجي، وفي التفاصيل اليومية، "تبدو في طريقها إلى الانتهاء، ليس لأن المنطقة فقدت أهميتها، بل لأنها لم تعد مصدر الأزمات المتلاحقة كما كانت، بل إنها تتحول تدريجياً إلى ساحة شراكة وصداقة واستثمار، وهو مسار يجب الترحيب به وتعزيزه".

وقالت "في الواقع، فإن قدرة الرئيس ترمب، على توحيد العالم العربي في شرم الشيخ سعيا للسلام والتطبيع، ستسمح للولايات المتحدة أخيراً بإعادة تركيز سياستها الخارجية بما يخدم مصالحها أولاً".

وذكرت الإدارة في الإستراتيجية أنها ستعمل على استعادة الدور الأميركي عبر محورين وهما "الاستقطاب" و"التوسع" والتعاون مع القطاع الخاص.

وبشأن أميركا اللاتينية تقول الإدارة الإميركية، إنها ستركز على استقطاب "دول قادرة على لعب دور الضامن الإقليمي"، للمساعدة في وقف الهجرة غير الشرعية، ومحاربة الكارتيلات، وتعزيز الاستقرار الأمني والاقتصادي.

وبحسب الوثيقة، التي نشرت بشأن الإستراتيجية الأميركية، فقد حذّر البيت الأبيض من خطر "محو" الحضارة الأوروبية، مشيرا إلى أنه "إذا استمرت الاتجاهات الحالية، فلن يعود من الممكن التعرّف على القارة في غضون عشرين عاما أو أقل".