أخبار وتقارير

الجمعة - 11 أغسطس 2023 - الساعة 11:14 م بتوقيت اليمن ،،،

د. عيدروس نصر النقيب


قد يبدو السؤال غريباً وربما يراه البعض في غير محله، ويمكن لأحدهم أن يتساءل: أين هو هذا الحصار؟ ومن الذي يحاصر الجنوب؟ وما هي صور وأشكال هذا الحصار؟ . . . وما لا نهاية له من الأسئلة.

بعد مشاورات مسقط وما نتج عنها من اتفاقات بين المملكة الشقيقة والحوثيين، طرأت مجموعة من المتغيرات على مختلف الأصعدة الاقتصادية والسياسية والأمنية والعسكرية فتوقفت المواجهات المسلحة في مختلف جبهات الشمال كما توقفت العمليات العسكرية لقوات التحالف العربي ضد الحوثيين ومعسكراتهم ومخازن أسلحتهم، لكن الحرب على الجنوب لم تتوقف.

من بين تلك المتغيرات الهامة التي أتت بها مشاورات مسقط رفع الحصار الجوي عن الجماعة المهيمنة على الجمهورية العربية اليمنية (السابقة) وفتح مطار صنعاء للرحلات الدولية وفتح ميناء الحديدة للاستيراد والتصدير ومتغيرات أخرى لسنا بصدد حصرها لكنها جميعا تصب في مصلحة الحوثيين الذين ما يزالون ينعتون الشقيقتين (السعودية والإمارات) بــ"دول العدوان" وقادة الشرعية وكل من يقف معهم بما في ذلك الشعب الجنوبي وقواه السياسية وقواته المسلحة والأمنية بـ"المرتزقة".

وفي حقيقة الأمر إن هذه الإجراءات طبيعية ومحمودة لو إن من يحكم صنعاء حكومة طبيعية مثل سائر حكومات العالم، تستخدم هذه الانفراجة لمعالجة معاناة المواطنين الذين يخضعون لحكمها وتخفيف القبضة الحديدة عليهم وتسليم موظفي الدولة (المفترضة) مرتباتهم المتوقفة منذ سنوات، وهي كذلك طبيعية ومحمودة لو إن "الشرعية" وحكومتها أيضاً شرعية طبيعية وحكومة طبيعية مثل كل شرعيات وحكومات العالم تغتنم المؤشرات الناجمة عن تلك التوافقات لرفع المعاناة عن الشعب الجنوبي وجماهير المديريات والمحافظات التي يفترض أنها تخضع لحكم هذه الـ"شرعية" وحكومتها،

لكن غير الطبيعي هو إن تتظافر الـ"حكومتان" الانقلابية والشرعية في الحرب على الجنوب وتنفذان الهدنة بكل حذافيرها على كل مناطق التماس في محافظات الشمال وتواصلان الحرب المسلحة والمعيشية على أبناء الجنوب.
وحتى لا نُتَّهَم بالمبالغة والتحيز نشير إلى الآتي:

1. حكومة الشرعية في عدن برئاسة معين عبد الملك رفعت سعر الدولار الجمركي مرتين بواقع الضعف فيصير سعره في ميناء ومطار عدن وبقية منافذ الجنوب أربعة أضعاف سعره في ميناء الحديدة ومطار صنعاء وبقية المنافذ الشمالية، وبطبيعة الحال لا يوجد تاجر غبي يستورد بضاعته عبر الميناء الذي يكلفه أربعة أضعاف ما سيكلفه ميناء آخر في نفس البلد (المقترض أنه) الموحد، وهو ما يعني القضاء على ميناء عدن ورفد الجماعة الحوثية بموردٍ لم تكن تحلم به حتى لو لم تخض حرباً ولم تعرف عصاراً، كما يقول إعلامها.

2. المناوشات العسكرية متوقفة في الجبهات الشمالية، وهذا أمر طيب ونتمنى أن يستمر، لكن المواجهات المسلحة على الحدود الجنوبية متواصلة ولم تتوقف للحظة، وكل العالم يتحدث عن هدنة قائمة وحتى الإعلام الجنوبي لم يقل كلمة واحدة بشأن عدم وجود هدنة، رغم حديثه عن المواجهات على الشريط الحدودي الجنوبي-الشمالي، ولم يقل إن الموجود الفعلي هو حرب معلنة في جبهات الصبيحة، كرش والمسيمير والضالع ويافع ومكيراس وثرة وحدود بيحان، ولم تدن الشرعية ولا الأوساط والمنظمات الإقليمية والدولة الحرب المستمرة على الجنوب.

3. وبجانب حرب الشرعية على الجنوب، يقصف الحوثي موانئ تصدير النفط الجنوبي، ويوقف أهم مينأين جنوبيين باستخدامه الطيران المسير الذي يستلمه من إيران، حتى بعد توقيعها تطبيع العلاقات مع الشقيقة السعودية، ولم تعلن الشرعية اي خطوة ولا حتى بيان استنفار لمواجهة هذا الفعل، وطبعاً لم تتقدم بطلب المساعدة من دول التحالف لتشغيل منصات تصدير النفط وتوفير الحماية اللازمة لها ضد الهجمات الحوثية المحتملة التي يلوح بها الحوثيون على مسمع ومرأى من العالم.

لا بل إن الشرعية تتفاوض في السر والعلن، عن إمكانية مكافأة القتلة الحوثيين ومنفذي العمليات الإجرامية، على مطار عدن ومينأي الضبة والنشيمة من صادرات النفط الجنوبي، في تدليل لا تحصل عليه أكبر عصابات الخطف والابتزاز في افلام هوليود وبوليود.

4. وفضلا عن هذا الحصار العسكري والأمني، الذي ينفذ في حق الجنوب والجنوبيين، تواصل حكومة معين عبد الملك حصارها على الجنوب من خلال حرب الخدمات وسياسات التجويع، بإعدامها خدمات المياه والكهرباء والخ

5. دمات الطبية والتعليمية والبلدية ونهب مرتبات الموظفين والمتقاعدين الجنوبيين وتحويل تلك المخصصات إلى عملة صعبة لصرفها على جيش القادة والوزراء والنواب والوكلاء والدبلوماسيين، الذين لا يقومون بأي عمل ولا يحضرون أي دوام، وأفضلهم من يحضر للتوقيع على استلام الراتب الشهري يوماً واحداً آخر كل شهر فقط.

السؤال البديهي الذي يطرح نفسه في ظل هذه المعادلة البارادوكسالية هو: هل حقاً لا تمتلك الشرعية وسيلة لحماية منصات تصدير النفط في النشيمة والضبة؟ وهل عجزت قوات التحالف العربي عن إمداد "الجيش الشرعي" بوسائل التصدي للطائرات الإيرانية الحوثية المسيرة التي تقصف الموانئ الجنوبية؟

سؤال مطروح على رئيس الشرعية د. رشاد العليمي وزمىئه أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، وقبل هذا وبعده على الأشقاء قادة دولتي التحالف العربي الكريمتين.