منوعات

الخميس - 13 يوليو 2023 - الساعة 08:00 ص بتوقيت اليمن ،،،

عدن حرة / BBC

"أريد فقط من يسمع صوتي. أنا أتألم ولست الوحيدة" هذا ما قالته طالبة جامعية أفغانية وقد أجهشت بالبكاء.

"معظم الفتيات في صفي كانت لديهن أفكار انتحارية. كلنا نعاني من الاكتئاب والقلق. ليس لدينا أمل".

حاولت تلك الشابة، وهي في أوائل العشرينات من عمرها، إنهاء حياتها قبل أربعة أشهر، بعد أن منعت حكومة طالبان الطالبات من الالتحاق بالجامعة في ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي. وهي حاليا تتلقى العلاج على يد طبيب نفساني.

تلقي كلماتها الضوء على أزمة صحية ربما تكون أقل وضوحا من سائر المشاكل في أفغانستان، ولكنها تشكل أزمة ملحة تواجهها البلاد.



تقول عالمة النفس الدكتورة أمل: "لدينا جائحة من الأفكار الانتحارية في أفغانستان. الوضع هو الأسوأ على الإطلاق، ونادرا ما يفكر فيه العالم أو يتحدث عنه".



والقصص الأخرى التي نسمعها متشابهة ، وقد توقف الزمن بالنسبة لهن ولم يعد هنالك من مستقبل يتطلعن إليه.

تحدثنا إلى المعلمة مهر، التي تخبرنا أنها حاولت الانتحار مرتين.

تقول: "أغلقت طالبان أبواب الجامعات أمام النساء، لذلك فقدت وظيفتي. كنت أعيل أسرتي، والآن لا يمكنني تحمل النفقات. لقد أثر ذلك علي تأثيرا بالغا... لأنني أُجبرت على البقاء في المنزل، كنت أتعرض لضغوط من أجل الزواج. لقد انهارت كل الخطط التي رسمتها لمستقبلي. شعرت بالارتباك التام، فقد أصبحت بلا أهداف أو أمل، ولهذا السبب حاولت إنهاء حياتي".

بدأنا النظر في هذه الأزمة لأننا رأينا مقالات متعددة في وسائل الإعلام المحلية تتحدث عن حالات انتحار من أجزاء مختلفة من البلاد.

يقول الدكتور شان ، الطبيب النفسي الذي يعمل في مستشفى عام في أفغانستان: "الوضع كارثي وحرج. لكن لا يُسمح لنا بتسجيل إحصاءات الانتحار أو الوصول إليها. وعلى الرغم من ذلك يمكنني القول بالتأكيد إنه بالكاد يمكنك العثور على شخص لا يعاني من مرض عقلي في البلاد".

أظهرت دراسة أجراها مركز أفغانستان للدراسات الوبائية في ولاية هيرات، ونشرت في مارس/ آذار من هذا العام، أن ثلثي المراهقين الأفغان أبلغوا عن أعراض الاكتئاب. كما دقت الأمم المتحدة ناقوس الخطر بشأن "انتشار قضايا الصحة العقلية وتصاعد حالات الانتحار".

تقول طالبان إنها لا تسجل أعداد من يحاولون الانتحار، كما لم ترد على أسئلة حول الزيادة في الأعداد. و بسبب وصمة العار المرتبطة بالانتحار، يأبى العديد من العائلات الإبلاغ عن حدوثه.


وفي ظل غياب البيانات، حاولنا تقييم حجم الأزمة من خلال المحادثات مع العشرات من الأشخاص.

تخبرنا فتاة مراهقة والدموع تنهمر على وجهها: "البقاء في المنزل دون تعليم أو مستقبل، يجعلني أشعر بالإحباط وباتت لدي حالة من الاستخفاف بكل شيء. أشعر بالإرهاق وعدم المبالاة. لم يعد هناك شيء مهم".

لقد حاولت تلك الفتاة هي الأخرى الانتحار. نلتقيها في حضور طبيبها ووالدتها التي لا تترك ابنتها تغيب عن أنظارها.

نسألهم لماذا يريدون التحدث إلينا.

تقول الفتاة: "لا شيء يمكن أن يحدث أسوأ من هذا الذي يحدث حاليا، ولهذا أتحدث علانية... وأعتقد أنه ربما إذا تحدثت، فسوف يتغير شيء ما. إذا كانت طالبان ستبقى في السلطة، فأعتقد أنه ينبغي الاعتراف بها رسميا... إذا حدث ذلك، أعتقد أن الحركة ستعيد فتح المدارس".

Women in Afghanistan
التعليق على الصورة،
قال طبيب نفسي لبي بي سي إن الوضع حرج إذ من الصعب العثور على شخص لا يعاني من مرض عقلي

تقول الدكتورة أمل، أخصائية علم النفس، إنه على الرغم من تعرض النساء لأزمات أكبر، إلا أن الرجال يتأثرون أيضا.

وتمضي للقول: "في أفغانستان يتربى الرجل على الاعتقاد بأنه يجب عليه أن يكون صلبا وقويا... لكن في الوقت الحالي، لا يستطيع الرجال الأفغان رفع صوتهم. لا يمكنهم توفير المال لعائلاتهم. إن الوضع يؤثر عليهم بشكل سلبي جدا".

وتضيف: "ولسوء الحظ ، عندما يكون لدى الرجال أفكار انتحارية، فمن المرجح أن ينجحوا في محاولاتهم أكثر من النساء بسبب الطريقة التي يخططون للانتحار بها".


في مثل هذه البيئة، نسأل الدكتورة أمل: ما هي النصيحة التي تقدمها لمرضاها؟

تجيبنا بالقول: "أفضل طريقة لمساعدة الآخرين أو نفسك هي عدم عزل نفسك. يمكنك الذهاب والتحدث إلى أصدقائك والذهاب لرؤية جيرانك وتشكيل فريق دعم نفسي وعقلي، على سبيل المثال والدتك أو والدك أو إخوتك أو أصدقائك" .

وتمضي للقول: "أسألهم من هو قدوتك؟ على سبيل المثال، إذا كان نيلسون مانديلا هو الشخص الذي تتطلع إليه، فعليك أن تدرك أنه قد أمضى 26 عاما في السجن، ولكن بفضل قيمه، تمكن من النجاة ومن تغيير حياة الناس الذين دافع عنهم. وهكذا أحاول أن أعطيهم الأمل والصمود ".