أخبار اليمن

الأحد - 26 فبراير 2023 - الساعة 03:52 ص بتوقيت اليمن ،،،

كرم أمان


أشعلت التصريحات الأخيرة الصادرة عن رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي حول القضية الجنوبية، أزمة جديدة مع المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي استنكر تلك التصريحات واعتبرها غير دقيقة ولا تستقيم مع ما تم الإتفاق عليه ومخرجات مشاورات الرياض التي رعاها مجلس التعاون الخليجي. 

وأثارت تصريحات رشاد العليمي التي جاءت في حوار صحفي اجرته معه صحيفة الشرق الأوسط ونشر الخميس الماضي، حفيظة المجلس الانتقالي الجنوبي، واستدعته لاصدار ردا عبر المتحدث الرسمي للمجلس الانتقالي علي الكثيري، وهو ما أعاد أزمة الثقة إلى واجهة المشهد السياسي داخل مجلس الرئاسة والمعسكر المناهض للحوثيين. 


وكان العليمي قال في تصريحه الأخير أن: "القضية الجنوبية قضية عادلة، والحديث عنها في هذه اللحظة قد يكون غير مناسب، عندما نستعيد الدولة، سنضع كل شيء على طاولة الحوار والنقاش ونضع المعالجات بالحوار وليس بالعنف، أو بالفرض (...)".

ويرى محللون ومراقبون سياسيون أن أكثر ما اثار استفزاز المجلس الانتقالي الجنوبي في التصريحات الصادرة عن رشاد العليمي، هو إعادة تكرار وعود وتصريحات لمسؤولين يمنيين سابقين حول القضية الجنوبية ، كانت سببا رئيسيا في تأزيم الأوضاع جنوبا خلال السنوات الماضية، بالإضافة إلى ما وصفوه " نكثا " بإتفاقات ومخرجات المشاورات الأخيرة التي رعاها التحالف العربي ومجلس التعاون الخليجي.

تصريحات مستفزة

يرى عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي سالم ثابت العولقي أن: "تصريحات رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي بشأن قضية الجنوب لم تكن حصيفة بل مستفزة لشعب الجنوب". 

وأضاف العولقي في حديث خاص : "مشاورات الرياض نفسها التي نتج عنها مجلس القيادة الرئاسي برئاسة د. رشاد العليمي، نتج عنها أيضا التوافق على إدراج قضية الجنوب في مفاوضات وقف الحرب ووضع إطار خاص بها".

 وأوضح أنه: "لا يمكن بأي حال من الأحوال الالتفاف على هذه المخرجات، بل أن التراجع عن توافقات إتفاق الرياض ومشاورات الرياض عمل غير حكيم ويهدد استمرار التوافق والشراكة وتماسك مجلس القيادة الرئاسي وسيعيد الأوضاع إلى ماقبل مخرجات الرياض".

تكرار الوعود

بدوره، يرى الباحث والمحلل السياسي صلاح السقلدي أن: "تصريحات العليمي بشأن القضية الجنوبية أقل ما يمكن وصفها بأنها استفزازية وخطيرة جدا، أن تصدر من رئيس دخل معه المجلس الانتقالي بشراكة سياسية". 

وأضاف السقلدي في حديث خاص : "يبدو أن العليمي يحاول أن يتذاكى على الجنوبيين كما فعلت قبله تلك القوى والأحزاب اليمنية غداة الاحتجاجات التي عصفت بالنظام السابق عام 2011، حين كانت تطالب الجنوبيين بالتخلي عن ثورتهم والانخراط بتلك الاحتجاجات، ومن ثم بحسب وعودهم سيتم النظر بالقضية الجنوبية، ولكن بمجرد أن فشلت احتجاجاتهم وعادوا مرة أخرى للشراكة بالسلطة مع النظام السابق أداروا ظهورهم لتلك الوعود وأعادوا الخطاب العدائي تجاه القضية الجنوبية إلى ما كان عليه".

وتساءل السقلدي حول توقيت تصريحات العليمي والغرض منها، حيث أوضح أن هناك سببين: "أولهما يدل على أن العليمي صار يشعر أنه بات يمتلك قوة بعد تشكيل قوات درع الوطن، ستمكنه من قمع القضية الجنوبية كما تم منذ مابعد 1994 ، بينما السبب الآخر يعود إلى معرفة العليمي أن ثمة إتفاق قد تم إبرامه بين السعودية والحوثيين، وفيه تم تغييب جميع الأطراف بما فيها الطرف الجنوبي".

 ويرى السقلدي أن: "العليمي يسعى إلى الدفع بالانتقالي لصدام مباشر مع السعودية من خلال اشعال أزمات عديدة بما فيها افشال أي إتفاق مع الحوثيين، ليتسنى له بالتالي البقاء أطول مدة بالرئاسة، فهو يعلم أن أية تسوية سياسية أيا كان شكلها ستطيح به".
 
ليس بالمستوى المطلوب

 وتطرق السقلدي إلى رد المجلس الانتقالي الجنوبي على تصريحات العليمي، واصفا بأنها لم تكن بالمستوى المطلوب ، حيث قال: "صمت الانتقالي إزاء هذه التصريحات وغيرها من التصريحات التي دأب العليمي أن يستفز بها الجنوب، وإزاء تشكيل قوات درع الوطن يضع الانتقالي أمام الجنوبيين بموضع المتساهل إن لم نقل المتواطىء مع العليمي وغيره من خصوم القضية الجنوبية، نأمل ألا يظل الانتقالي يراوح موقفه السلبي هذا في ظل ظروف غاية بالخطورة والحساسية".

فجرت أزمة سياسة

من جانبه، يرى مدير مركز سوث24 للدراسات في العاصمة المؤقتة عدن، الصحفي يعقوب السفياني أن: "التصريحات الصادرة من رأس هرم قيادة الشرعية اليمنية كانت غير موفقة وفجرت أزمة سياسية جديدة مع المجلس الانتقالي الجنوبي".

وقال السفياني في تصريح خاص أن تلك التصريحات أيضا: "عمقت أزمة ضعف الثقة بين أطراف المجلس الرئاسي، لاسيما أن العليمي كان ينظر إليه كرجل توافقي أكثر وعيا ممن سبقوه بحساسية الوضع وأهمية الالتحام ولو مؤقتا لدرء خطر الحوثيين على الجميع".

انقلاب على المضامين

وأضاف:"تعد تصريحات العليمي انقلابا على مضامين وروح مشاورات الرياض التي نصبت العليمي على رأس مجلس القيادة الرئاسي، لأن المشاورات نصت بوضوح في بيانها الختامي الذي ألقاه رئيس الوزراء معين عبد الملك وقال إنه تم الاتفاق على إطار خاص لقضية شعب الجنوب ضمن مشاورات الحل السياسي برعاية الأمم المتحدة".

وأشار السفياني إلى أنه يمكن النظر إلى تصريحات العليمي على أنها: "تأكيد على النهج السياسي الشمالي التقليدي تجاه قضية الجنوب، وهذا النهج خاطئ جداً، وهو من المسببات الرئيسية للأزمات المتلاحقة التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه اليوم".

وأختتم السفياني: "أكد العليمي في تصريحاته على عدالة قضية الجنوب لكنه هرب (كعادة النخب السياسية الشمالية) من استحقاقات القضية ، وقام بتحجيمها وتصويرها على أنها قضية ثانوية على هامش الأزمة اليمنية التي حاول العليمي حصرها بانقلاب الحوثيين".

وكان المتحدث الرسمي للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن علي الكثيري اصدر بيانا مقتضبا، استغرب فيه من تصريحات رئيس مجلس الرئاسة رشاد العليمي ، واعتبر تصريحه "غير دقيق ولا يشير إلى جدية الشراكة والتوافقات التي انبثقت عن مشاورات مجلس التعاون الخليجي".

وأوضح بأن: "قضية الجنوب قضية شعب ووطن وهوية ودولة انتجها فشل الوحدة بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية وحرب احتلال الجنوب في صيف ١٩٩٤م ، وحق شعب الجنوب بدولته كاملة السيادة ..".

ولفت الكثيري إلى أن: "نقاش قضية الجنوب لا يقبل الترحيل ولا التأجيل ولن يكون كذلك أبداً، بل أنه محدد في مخرجات مشاورات الرياض بشكل واضح"، معبرا عن استغرابه من ما اسماها "عرقلة إصدار قرار تشكيل الوفد التفاوضي المشترك الذي تم التوافق عليه، ويؤكد بأن المماطلة في تنفيذ الالتزامات الواردة في مخرجات مشاورات مجلس التعاون الخليجي تمثل مؤشرات خطيرة لا تخدم مستقبل الشراكة والعملية السياسية برمتها".