كتابات وآراء


الثلاثاء - 26 أغسطس 2025 - الساعة 11:08 ص

كُتب بواسطة : عبدالكريم السعدي - ارشيف الكاتب



لسنا من أصحاب الإعاشة بشكل عام، لا أولئك المستحقين لها ولا غير المستحقين، ولن نكون منهم لأننا ببساطة لم نكن يومًا مسؤولين في حكومات الفساد والفشل التي ابتلى الله بها اليمن شمالًا وجنوبًا. ولأننا لا نجيد الرقص بالألسنة ولا النفاق، ووجهات نظرنا دائمًا تنطلق من الوطن وتعود إلى الوطن. ولكننا نرى أن هناك أفعالًا قانونية تُتخذ، يعمل البعض بوعي وبغير وعي على تسطيحها وتحويلها لمادة للعداوات الشخصية وتصفية الحسابات. وأنا هنا لا أتحدث عن العوام الذين يتهكمون ويشتمون الملوثين بأموال الإعاشة التي لا يستحقونها قانونًا، ولكنني أتحدث عن الإعلاميين ومواقعهم وصحفهم، وأتحدث عن أي مسؤول سابق أو حالي يتحدث بهذه الطرق التي تظهر مجتمعنا أمام الآخرين غارقًا في التخلف والجهل!!

نحن مع تنظيم موضوع الإعاشة ومنحها للمستحقين لها، وليس للمطبلين ولا للراقصين بألسنتهم وبقية أجزاء أجسادهم. وقبل ذلك، نطالب أولًا بوقف منابع الفساد لمن تسبب في خروج هؤلاء خارج وطنهم، ومن مارس الإرهاب ضدهم، وأفقدهم الأمان في أوطانهم، ومن صنع هذه اللوبيات واستخدمها. ويجب أن لا تقف العملية عند الفضائحية والشماتة، وأن لا تنتهي ب(عفى الله عما سلف)، ولكن يجب أن تصل إلى فتح ملفات هؤلاء ومحاسبتهم بتهم الفساد، هم ودوائرهم التي صنعتهم ورسمت لهم خطوط عملهم. فهنا تتحقق العدالة ونظهر بمظهر المجتمع الواعي الذي لا يحول أي قرار للتصحيح إلى مادة لتصفية الحسابات وبث الأحقاد والكراهية، وللمساس بأعراض الناس والتقليل من شأنهم..!!

القانون هو الفيصل إن كانت هناك دولة كما يدعي البعض ويروج لذلك. أما إذا لم تكن، فإن الأخلاقيات للفرد والمجتمع هي الفيصل. نحن مجتمع قبلي عشائري، ولنا مرجعياتنا الدينية والاجتماعية، يجب أن تحل محل الدولة حتى ينزاح غبار المليشيات ومرتزقتها، وتمطر سحائب الدولة!!

مطالبة الناس بالعودة إلى الداخل في ظل غياب الدولة وسيطرة المليشيات في صنعاء وعدن وغيرها من محافظات اليمن دعوة تفتقد للموضوعية، وفيها تطفل على خصوصيات الآخرين. وهي تشبه كثيرًا مطالبة أصحاب المطاعم بتخفيض وتوحيد أسعارهم. فنحن ليس لنا هنا إلا المطالبة باستعادة أموالنا كشعب، والتي تُصرف في غير محلها، أو على الأقل وقف العبث بها، وبالطرق العقلانية التي لا تضعنا نتبادل المواقع، فيصبح العوام منا وزراء والوزراء عوام!!

نقطة هامة يجب مراعاتها حتى لا تصبح السهام كلها موجهة إلى صدور الضعفاء.
من ملوثي الإعاشة غير القانونية، وهي أن كل مسؤول ما زال يمارس عمله في موقع من مواقع المسؤولية في الداخل والخارج، ثبت عليه استلام إعاشة، يجب أن يُحال إلى التحقيق بتهمة الفساد، وأن يُعفى من مهامه، وأن يُحرم من شغل أي موقع مسؤولية لاحقًا إذا أردنا فعلاً أن نكون مجتمعًا محترمًا ونثبت أننا أحياء!!

ختامًا، وطالما قد فتحنا الملفات، فيجب أن لا نغفل فتح ملف خيانة الوطن، والذي يفترض أن يكون أول الملفات فتحًا لما يحتله من أهمية، ولما تترتب عليه من أضرار. وأن نبدأ من ملفات أعضاء ما يُسمى بمجلس القيادة والهيئات والمجالس المنبثقة عنه، ومطبليهم وإعلامييهم، وكذلك ملفات رؤساء وأعضاء الحكومات المتتالية، لأنني أجزم أن بقية الملفات ما هي إلا نتيجة طبيعية لقذارة ووضاعة هذا الملف. فهل نجرؤ على فتح هذا الملف، أم أننا سنمعن في دفن رؤوسنا في الرمل بحجج واهية!!

عبدالكريم سالم السعدي
26 أغسطس 2025م