كتابات وآراء


الثلاثاء - 13 فبراير 2024 - الساعة 12:17 ص

كُتب بواسطة : د. عارف محمد الحسني - ارشيف الكاتب



للتاريخ القصصي القديم معاني وعِبر ذات دلالة تاريخية اجتماعية وثقافية وحتى سياسية ، سبرت أغوار النفس البشرية لتعبر عن مكنونات هذه النفس التواقة إلى الحياة ، ومدافعة عن نفسها من الموت بالبقاء بكل ما أُوتيت من قوة الفعل أو الكلمة ، فخُلِصت لنا هذه الأساطير القصصية المساندة لبقائها المواسية لأحزانها ، وصانعة الأمل بالانتصار لكافة أصناف القهر الذي يمكن أن تتعرض له عند ممارستها لأنشطتها الإنسانية المختلفة ، ومنها البقاء في هذه الحياة ، فانتصرت على ظالمها ، وقاهرها بصنع هذه الأحداث الخيالية صانعة بها الأمل بأن الحق باق لرفع راية انتصاره .

حكاية شهرزاد مثال جيد لمقدمتنا ، ملخصها انتصار شهرزاد على الملك الظالم "عدو الحياة " وكيف استطاعت بفطنتها وثقافتها المتسعة البقاء على قيد الحياة طيلة ألف ليلة وليلة صانعة بها واقع جديد في زمن معلوم لدينا كما اخبرنا المؤرخون ؛ حيث لا تتعدى زمن أحداثها ثلاثة أعوام إذا حسبنا ليلتها بيوم كامل، ولكن الذي لم يخبرنا به المؤرخون هل زادت عدد السنين الكبيسة أم البسيطة .

بينما أحداث قصة ظلمِنا التي نعيش أحداثها القريبة من بدأ تاريخ أحداثها يمكن تحديد سنينها الكبيسة والبسيطة إلى لحظتنا هذه فهي مضروب حكاية ألف ليلة وليلة في العدد الفردي ثلاثة ، ولكن مضمون حكايتنا هي معكوس المدلول التاريخي لحكاية ما استشهدنا بها ؛ فحكايتنا هي خديعة السلطة السياسية والتنفيذية العليا لأفراد شعبها لإطالة زمن بقائها حاكمة ، دون خطة لرفع آلام شعب ، وانتصاره على حكامه ؛ فقدنا معها الأمل بالجديد الأفضل ، فعي تعمل جاهِدة لإطالة زمن بقائها كعثرة في طريق بدلاً من إصلاح شؤوننا الحياتية ، تزيد من هموم المواطنين ، فاعتقلت بها كل أحلامنا في وطن يسمى بالمناطق المحررة ، فأسقطت عليه كل خبلها بإهمال متعمد حِفاظاً على مصالحها الذاتية ، للبقاء .

فضلت تحكي لنا بأن معاناتنا مع العدو القديم "الكهرباء" سيُحل بأكذوبة طرحت من عام 2015م البعيد إلى يومنا هذا العام الجديد ، ويتجدد الأمل بكذبه مع قدوم صيف كل عام بعد هذا التاريخ اللعنة ، بمشاريع عملاقة بارتفاع سطح طحلب نامي في بيئة مائية ، وأخبرونا بعلاوة أسنان لبنية قدرها 4% من عام 2021م وحتى مطلع عامنا الجديد 2024م ولم تتحقق ، شبيهة بهلال شوال نبحث عنه عند نهاية ، وبداية كل شهر عند قدوم عام جديد ، وَعَدُونا بتحسين صرف العملة المحلية الفقيرة مثلنا عند تعيين نخبة النخبة في بنك مركزي فأخلوه من باقي الكعكة فأصبحوا علينا نكبة ولعنة فزاد التضخم في وزن أجسادهم من الراتب القفزة ؛ وزادوا الطين بلة أن أيدوا برفع تعرفةِ جَمْركة واردات ميناء عدن الطفرة مع بقية حكومة الشلة ، ففقدنا دولار كان يُغطي رواتب وزراء قصر معشاق ومتطلبات الأسرة ، فقالوا آسفين هذه خديعة زادوا علينا بها التحالف قليلِ الخبرة ، فأضعنا بها الربع 250% ، والنصف 500% ، والفكرة 750% ؛ وسهلنا بها دخول البواخر إلى موانئ إخوتنا الخبرة .

قلنا لكم عندنا حكومة ومجلس رئاسي نحسد عليه من الرباعي بالكفرة ، إيش العقول هذه مثل الجُملة النكِرة ، عاجزة عن حلول كيف نخرج من فوهة الحفرة ، قالوا لنا باقي 20% من مساحة وطن مازال يُحكم من القناديل والزنابيل ، والعترة ، ولكن لن نعود قسماً برب محمد ، والكعبة لن نعود إلا والحوثي مربوط بحبل من البطن والأفخاذ والرقبة في أشجار السمر والأثل والعلبة ، ونحن منتظرون من يومها تسعة سنين لقهقهت وضحكة البقرة ؛ وأصبحوا مثل عبد المطلب جاء يطالب بالجمل والماعز البقرة ، وقالوا هذه حقنا حررناها في عام 94 م من الكفرة ، وتركوا الكعبة لحاكمها الأزلي جد الحوثي سيدي ، والبررة .

التاريخ القصصي لزعماء دولتنا شبيهة بجبهة متماسكة لا ينقصها أخطاء أو إهمال ، بل نجاح دائماً بمرتبة الفشل ، اغتصبت به على كل استحقاق بحكمهم لنا ، لا حلحلة لتصحيح وضع متردي في عهدهم بل فاقدة طريقها بمراسيم حلول تسلمت به راية الفشل منا ، لجهودها الكاذبة .

هل اقتربنا من انتزاع سلطتهم علينا بردها إلى الشعب ، أم أن قوى ردعهم بإطالة أمد كذبهم بآمال سراب مازالت فاعلة بآذان منا ، تستمع لهم ، فأضحت أخطاء قاتلة للمصداقية مضادة تماماً لحقيقة محاصرة الحوثي لمصادر تصدير النفط ، والغاز ، وشروط دخول البضائع إلى مناطقنا المحررة ، لفرض شروط السلام الشبيه بالمزحة .

سلطة تتوعد بكذبها الطويل بالانتصار ، فاقتربت من تسليم كل أحلامنا للاندثار ، وهنا طالت حكاية الانتظار ، لا قديم صدقت به ، ولا جديد في عُهدة الراوي الفصيح من أول سطر في صفحات الكتاب الجديد ، تؤهله لفعل عظيم .

إذاً لن تنالوا الرضا من الله ومن شعبكم المظلوم بحكمكم له بصور عذاباتكم العديدة ، وأنتم ما زلتم لم تعانوا من شغف العيش ونقص المئونة الذي نعيشه ، فما زال أبنائكم يتنقلون بأحدث السيارات ، ويدرسون في أرقى الجامعات والتخصصات ؛ وما زالت دياركم عامرة بالحياة وموائدكم يتخللها ألذ الأطعمة والفواكه والحلويات ، والمشروبات يتم تدويرها عندما تعف عنها أنفسكم بين الحين والآخر من كثرة مشاهدتها في صباح وظهيرة ومساء ، بقولكم لقد مللنا منها هل هناك من بديل بطعم آخر جديد والبعض منا يتضور جوعاً يأمل في بقايا الطعام .

د. عارف محمد أحمد علي