كتابات وآراء


الخميس - 25 مايو 2023 - الساعة 10:44 م

كُتب بواسطة : ياسر محمد الأعسم - ارشيف الكاتب



كان يجلس على حافة المنصة، يدون ملاحظاته على دفتر صغير ، وحسبته شخصا مهما، فتذكرته، أنه الطالب الزنن المكروه، الذي يختارونه دائما مسؤول المراقبة، فيشعر بسلطته ونفوذه ويعوض نقصه، وبنصف علامة يبيع الصف كله عند الإدارة.

كان المكان شبه فارغا ، فاقتربت وسألته : لمن هذا الاحتفال؟.
حرك رأسه يسارا ويمينا كآلة ، فأدركت أنه هو القعموس (عبود) بلحمه وشحمه وعبطه، ولم يتحرر من البعسسة.

مسح رشحه، وبقايا مادة سائلة على شنبه المطعفر ، وخفظ نبرته : سنعقد مؤتمر وسيحضره رموز الوطن، وسيقررون من سرقه.
ثما أشار بلسانه إلى كرسي مذهب بأجنحة ، يخص كبير الوطن.

دخل الكبير ، وقفت الحاشية، واستقبلوه بتصفق عظيم، فوجد (عبود) في وجهي دهشة، وحسبها من شدة العظمة.
اقترب يوشوشني، فحبست أنفي من رائحة فاسدة، وقال : ربما تعلم أن كل رسالة أول اتباعها من الفقراء والمستضعفين ، فعندما تشرق هالة الوحي على جبين نبي، ليس على أمثالنا حرج أن لم ندركها، فإيماننا يحصننا من الشرك.

منذ الصف الأول الابتدائي، كانت كل نجاحات (عبود) بدهفة أومكافأة على طبزة، ولم يفوته منعطف، ويتشعبط بكل مرحلة .

هكذا تصنع المنابر وعي الناس، حين يستلمها عبيط من أمثال (عبود) طبزة، وكثير من الأمعة المحسوبين فلتة !.

استقر الجميع في الزحمة، فوقفت بفسحة بالمؤخرة، وسرقت نظراتي بعض من المكان، فاحتلتني علامات استفهام كثيرة ، أين الوجوه التي نعرفها ؟.

نفضت وسوسة ظني، فربما يكونوا في مقدمة الكراسي، وخلف الكرسي الكبير بقليل، وقد يتوسط تواضع بعضهم الصفوف.

هز (عبود) خصره، وسرواله البمبي الذي كاد يطيح عن مؤخرته، ورتب قميصه البرتقالي، وربطة عنقه الفسفورية، وبعد أن أنتهى من تأنقه، واستعانته بدفتره، نهض يصعد المنصة، فسقطت دبة الهرور من بين ثيابه.

ومنذ عام سقطت (عبود)، حضروا كل الكبار ، وغاب الوطن، وإذا تنحى (عبود) أو مات، فهناك ألف (عبود)، والوطن واحد، ويستحق الأسف.

- ياسر محمد الأعسم/ عدن