أخبار وتقارير

الأحد - 21 ديسمبر 2025 - الساعة 12:23 م بتوقيت اليمن ،،،

جمال عبد الحميد


اليوم، تتدفق الجموع في ساحات الجنوب حاملةً راية الاستقلال، مؤكدةً أن حلم الشعب الجنوبي لم يمت رغم محاولات وأدِه عبر عقود من "الوحدة" القسرية التي تحولت إلى احتلال واستبداد. ما حدث عام 1994 لم يكن اندماجاً طوعياً بين شعبين، بل كان إخضاعاً عسكرياً لجنوب مستقل، وتحويل أحلامه الوطنية إلى كابوس من التهميش والاقتطاع والإذلال.

تاريخ الجنوب المستقل

كان للجنوب اليمني دولته المستقلة المعترف بها دولياً (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) لعقود قبل أن يدفع عام 1994 ثمن حلم الوحدة الذي تحول إلى كابوس. لم تكن "الوحدة" تجسيداً لإرادة شعبية حقيقية بقدر ما كانت إجراءً قسرياً فرضته موازين القوى آنذاك، ثم تحولت إلى أداة للهيمنة الشمالية على موارد الجنوب وإرثه الحضاري.

معاناة واقعية

عانى الجنوبيون منذ عام 1994 من:

1. تغيير ديموغرافي ممنهج لطبيعة المناطق الجنوبية
2. تدمير مؤسسات الدولة التي كانت قائمة قبل الوحدة
3. تهميش اقتصادي منهجي رغم ثروات الجنوب النفطية والموقع الاستراتيجي
4. قمع سياسي وثقافي مستمر لكل صوت جنوبي
5. تلاعب بالهوية الجنوبية ومحاولة طمسها

الزخم الشعبي اليومي

المشاهد اليومية في خور مكسر وساحات الجنوب الأخرى ليست سوى القمة الجليدية لوعي جنوبي تراكم عبر سنوات المعاناة. إنها تعبير عن:

· إرادة شعبية راسخة في تقرير المصير
· رفض تاريخي للصيغة الحالية التي حولت الجنوب إلى منطقة محتلة
· عودة الروح الوطنية الجنوبية بعد محاولات قسرية لكبتها
· إدراك جمعي أن المستقبل لا يكون إلا باستعادة الدولة الجنوبية

استحقاق لا جدال فيه

يستحق شعب الجنوب الاستقلال لأنه:

1. أمة ذات هوية متميزة وتاريخ دولة مستقلة
2. دفع ثمناً باهظاً لصيغة وحدة فاشلة
3. يملك الحق الطبيعي في تقرير مصيره كما تنص مواثيق الأمم المتحدة
4. عانى من انتهاكات منهجية لحقوقه الأساسية
5. يقدم اليوم برهاناً حياً على إرادته عبر التحركات الشعبية السلمية

خاتمة: نحو مستقبل مستحق

الاستقلال ليس شعاراً عاطفياً، بل ضرورة تاريخية وعدالة لجنوب دفع ثمناً لا يدفعه شعب طموح في العصر الحديث. الحراك الجنوبي اليوم هو حراك مصيري يحمل شرعية التاريخ وشرعية المعاناة وشرعية الحق الطبيعي للشعوب في العيش بحرية وكرامة.

إن الدعم الدولي والإقليمي لهذا الحق الجنوبي ليس تدخلاً في الشؤون الداخلية، بل هو إقرار بحق إنساني أساسي، وتصحيح لظلم تاريخي، ومساهمة في استقرار إقليمي دائم لن يتحقق إلا بإنهاء حالة الاحتلال والاستبداد التي يعيشها الجنوب منذ 1994.

شعب الجنوب يستحق دولته.. والعالم مدعو لاحترام هذا الحق المشروع.