أخبار وتقارير

الخميس - 18 ديسمبر 2025 - الساعة 01:13 م بتوقيت اليمن ،،،

العرب


تفاجأ المتابعون للشأن اليمني من تحذيرات تداولها بكثافة وتركيز الإعلام الموالي والمقّرب من المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بإعادة فصل جنوب اليمن عن شماله من تحركات عسكرية حوثية وتحشيدات وصفت بالكبيرة صوب محافظات جنوب البلاد.

وعدا بعض المناوشات المحدودة والمعهودة أصلا في بعض المواقع التي تمثّل خطوط تماس بين مناطق سيطرة جماعة الحوثي ومناطق الشرعية اليمنية لم ترصد أي مصادر مستقلة عن المجلس الانتقالي وإعلامه أي تحرّكات عسكرية تستحق مثل تلك التحذيرات، ما جعل مراقبين يشككون في صحة المعلومات بشأن التحشيدات الحوثية متوقّعين أنّها مجرّد فزاعة مرفوعة من قبل الانتقالي في محاولة للتهرب من تبعات حملاته العسكرية الواسعة التي أطلقها قبل أيام في محافظتي حضرموت والمهرة وأفضت إلى سيطرته على أغلب مناطقهما، قبل أن يتحوّل الأمر إلى ورطة سياسية للمجلس الشريك في قيادة السلطة اليمنية المعترف بها دوليا والتي رفضت بشكل قاطع لتحركاته وأدانت ما رافقها من تجاوزات خطرة ضد المدنيين والعسكريين التابعين لقوات الشرعية، مدعومة في ذلك الموقف برفض سعودي صارم لخطوات الانتقالي.

وتحدّثت المصادر القريبة من المجلس الانتقالي الجنوبي عن توجيه جماعة الحوثي في اليمن لسلاحها المسير والصاروخي بمختلف المديات نحو محافظات الجنوب، قائلة إنّ “الميليشيات الحوثية ستلجأ إلى تنفيذ هجمات صاروخية تستهدف عمق الجنوب ومصالحه ومنشآته الحيوية كما فعلت في استهداف الموانئ في محافظتي حضرموت وشبوة ومطار عدن الدولي".

وجاء ذلك بينما نفت مصادر يمنية أخرى وجود علامات ودلائل واقعية على ذلك التهديد معتبرة أن الأمر مجرّد توقّعات مرتبطة بخلفيات سياسية متعلقة بالوضع الراهن الذي أوجده الانتقالي الجنوبي بتحرّكاته العسكرية الأحادية الأخيرة خارج سلطة الشرعية اليمنية التي ما يزال المجلس يعلن التزامه بالشراكة معها رغم إعلانه في مقابل ذلك عن مساعيه لإنشاء "دولة الجنوب العربي" المستقلة بشكل كامل عن الجمهورية اليمنية.

وجاءت التحذيرات من "التحشيدات الحوثية" بعد وقت وجيز من إعلان القوات التابعة للانتقالي الجنوبي إطلاق عملية مزدوجة "ضد الحوثيين والتنظيمات الإرهابية" ونشر وحدات من قوات الحزام الأمني وقوات الدعم والإسناد ومحور أبين في مناطق المنطقة الوسطى بمحافظة أبين، بالتوازي مع معلومات عن الزج بقوات إضافية إلى خطوط التماس المتاخمة لمكيراس، في إطار "خطة عسكرية متكاملة تهدف إلى إنهاء الوجود الحوثي وتأمين المديرية وربطها بالمناطق التي يسيطر عليها" .

ونقلت وسائل إعلام مساندة لمشروع الانتقالي بفصل جنوب اليمن عن شماله، الأربعاء، عن المصادر قولها إن “مليشيات الحوثي أطلقت عملية تحشيد قبلي أو ما يسمى بـ” النكف” وإرسال تعزيزاتها المادية والبشرية تجاه الجبهات التي ترابط فيها القوات الجنوبية، على طول خط التماس الممتد من حريب مرورا بشبوة وثرة وجيشان أبين وصولا إلى يافع والضالع ومريس والمسيمير وكرش وحمالة وحبيل حنش وطور الباحة، وكذلك الحال بالنسبة لجبهة الساحل الغربي".

وأضافت أن “المليشيات الحوثية نفذت مؤخرا على طول الجبهات الجنوبية أعمال هندسية حربية بدءا من إنشاء غرف عمليات متقدمة في كل من جبل السياني بمحافظة إب والراهدة بمحافظة تعز وحفر أنفاق وتحصينات مركزية ونقل منظومات وقواعد إطلاق صواريخ إليها” لافتة إلى أن أبونصر الشغف المعين من قبل المليشيات قائدا للمنطقة العسكرية الرابعة قد زار مطلع ديسمبر الجاري هذه التحصينات".

وأشارت إلى أن “المليشيات الحوثية قامت مؤخرا بشق واستحداث طرق جديدة لتنفيذ عمليات التفاف”، كاشفة عن “حالة استنفار برزت في صفوف المليشيات الحوثية عقب قطع شرايين إمدادها بالسلاح الإيراني المهرب عبر خطوط التهريب التي كانت تمر عبر مسارات تنطلق من محافظة المهرة، مرورا بوادي وصحراء حضرموت، وصولا إلى نقاط “تسليم واستلام” يتشارك فيها نفوذ المليشيات في كل من الجوف ومأرب”.

وكان المتحدث الرسمي للقوات المسلحة الجنوبية التابعة للانتقالي، المقدم محمد النقيب، قد أعلن انطلاق عملية “الحسم” لاستكمال مراحل عملية “سهام الشرق” في محافظة أبين، مؤكدا أن العملية تأتي ضمن الجهود المتواصلة لاجتثاث الإرهاب وتعزيز الأمن والاستقرار، وتهيئة الجبهة الداخلية لمعركة تحرير مكيراس من جماعة الحوثي .

وقال مسؤولون في الانتقالي إن التحرك العسكري الذي قاده المجلس الانتقالي الجنوبي في ديسمبر الجاري أدى إلى تعطيل شبكات التهريب وخطوط الإمداد التي كانت تشكل شريانا حيويا لتغذية جماعة الحوثي وتنظيم القاعدة ونتيجة لذلك تقلصت قدرة القاعدة على المناورة والانتشار، وتراجعت قدرتها على تنفيذ هجمات نوعية.

وجاء ذلك خلال تأكيدات عمرو علي سالم البيض، الممثل الخاص لـ “رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي للشؤون الخارجية"، في معرض رده على الانتقادات الإيرانية حيث قال إن “الاعتراض الإيراني على العمليات التي تقوم بها القوات الجنوبية في مكافحة الإرهاب، وجهودها الرامية إلى تعطيل طرق تهريب الأسلحة إلى مليشيات الحوثي، يثير تساؤلات جدية حول مواقف تتعارض بشكل واضح مع أمن واستقرار المنطقة”.

وأشار البيض، في تغريدة على منصة إكس إلى أن “الجنوب ماض في نهجه الثابت لمحاربة الإرهاب وتجفيف منابعه، ولن يساوم على هذه القيم، وسيظل يضع مصلحة شعبه وأمنه واستقراره في مقدمة أولوياته، انطلاقا من مسؤوليته الوطنية والتزامه بحماية السلم الإقليمي".

واستولى المجلس الانتقالي الجنوبي هذا الشهر على معظم محافظتي حضرموت والمهرة، بما في ذلك منشآت النفط الحيوية والحدود مع سلطنة عمان.

وتسيطر قوات الحوثيين المتحالفة مع إيران على أكثر مناطق البلاد كثافة سكانية، ومن بين تلك المناطق العاصمة صنعاء.

وتعترف العديد من الدوائر اليمنية بدور الانتقالي الجنوبي، خلال السنوات الماضية، في مواجهة الحوثيين ومحاربة تنظيم القاعدة إلى جانب باقي القوات التابعة للسلطة الشرعية والمدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية، لكنّ ذات الدوائر تقول إنّ حديث المجلس بكثافة في الوقت الحالي عن مواجهة الحوثيين والتنظيم المتشدّد يأتي كعمل دعائي هادف لإيجاد توصيف مقبول لما قام به من خطوات في حضرموت والمهرة أغضبت الشرعية وأثارت حفيظة الرياض.