أخبار اليمن

الأربعاء - 17 ديسمبر 2025 - الساعة 12:19 م بتوقيت اليمن ،،،

العرب


تجاهل المجلس الانتقالي الجنوبي دعوات السلطة اليمنية المعترف بها دوليا للانسحاب من محافظتي حضرموت والمهرة شرقي اليمن، وأطلق في مقابل ذلك عملية عسكرية جديدة في محافظة أبين جنوبا رافعا لواء محاربة تنظيم القاعدة وقتال الحوثيين، بدلا من العنوان الأصلي الذي انطلق منه في حراكه العسكري الكثيف وهو تهيئة المجال لإعلان انفصال جنوب البلاد عن شمالها وإعلان قيام دولة الجنوب العربي المستقل.

ويسيطر المجلس الانتقالي على حضرموت المحافظة مترامية الأطراف والغنية بالنفط منذ الثالث من ديسمبر الجاري بعد معارك محدودة خاضها ضدّ حلف قبائل حضرموت وقوات المنطقة العسكرية الأولى، بينما بسط سيطرته بعد أيام من ذلك على المهرة الواقعة بأقصى شرق البلاد على الحدود مع سلطنة عمان والتي كانت تخضع للقوات الحكومية.

وتزايدت الدعوات المحلية والإقليمية لانسحاب قوات المجلس من المهرة وحضرموت اللتين تشكلان معا نحو نصف مساحة اليمن وسط تحذيرات من عواقب استمرار التصعيد في البلد الذي يواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية في العالم، بحسب الأمم المتحدة.

وتأسس الانتقالي عام 2017، وينادي بانفصال جنوب اليمن عن شماله وإعادة الأوضاع إلى ما قبل الوحدة اليمنية التي تحققت عام 1990 بين الشمال والجنوب.

وأعلن المجلس الاثنين إطلاق عملية عسكرية في أبين التي يسيطر عليها منذ 2019 “لتأمين المحافظة، وقطع خطوط الإمداد عن التنظيمات الإرهابية في الجبال والأودية”، وفق بيان قوات الحزام الأمني التابعة للانتقالي.

وتزامنا مع ذلك الإعلان التقى رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي، الاثنين، رئيس مجلس النواب اليمني سلطان البركاني في القصر الرئاسي بالعاصمة المؤقتة عدن، داعيا إلى خوض معركة ضد الحوثيين.

وحسب بيان للانتقالي ناقش اللقاء الذي حضره وزير الدفاع محسن الداعري، ومستشار رئيس مجلس القيادة الرئاسي لشؤون الدفاع والأمن محمود الصبيحي، وقائد المنطقة العسكرية الرابعة فضل حسن، مستجدات الأوضاع السياسية على الساحة المحلية.

كما بحث المجتمعون “سبل تضافر الجهود لتعزيز الأمن والاستقرار في المحافظات المحررة” وفق ذات البيان.

وتطرقوا إلى “الجهود التي تبذلها القوات المسلحة (التابعة للانتقالي) لترسيخ الأمن، والتصدي لشبكات تهريب الأسلحة إلى ميليشيا الحوثي، وآخرها المهام التي نفذتها لتأمين مناطق وادي وصحراء حضرموت ومحافظة المهرة للقضاء على خطوط التهريب التي مثلت شريانا رئيسيا لإمداد المليشيات الحوثية بالأسلحة والمخدرات”.

واستعرض المجتمعون أيضا “سبل تنسيق المواقف والجهود المشتركة لتحرير المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين”.

ونقل البيان عن الزُبيدي إعلانه “جاهزية القوات المسلحة الجنوبية للمشاركة بفاعلية في أي عملية عسكرية تهدف إلى تحرير مناطق الشمال من سيطرة مليشيا الحوثي، متى ما توفرت الإرادة والنية الصادقة لدى القوى المناهضة للمليشيات للقيام بواجباتها الوطنية على الأرض”.

وبدا واضحا أن التكتيك السياسي للانتقالي الجنوبي الذي يجد صعوبة في التراجع عن الخطوات الكبيرة التي قطعها والتي أثارت حفيظة المملكة العربية السعودية الداعمة الأولى للشرعية اليمنية يقوم على إحراج الأخيرة وتصويرها في مقام المتخلية عن المعركة الأساسية ضد الحوثيين وبالتالي عن تحرير مناطقها التي يصفها الخطاب الإعلامي للمجلس ذاته بأنها مناطق شمالية يفترض أن تكون موطن تركيزها الأساسي، بدلا من مناطق الجنوب التي يعتبرها الانتقالي مجال "دولته" المفترضة.

وفي خطابها التصعيدي ضد الحكومة اليمنية، وصفت قيادة المجلس الانتقالي في وادي حضرموت قوات المنطقة العسكرية الأولى بأنها "احتلال”.

وحسب الموقع الإلكتروني للمجلس “حيّت قيادة الانتقالي في اجتماع الاثنين، صمود أبناء الجنوب، مشيدة بروحهم النضالية وتمسكهم بحقوقهم المشروعة”.

وعن الاجتماع، قال الانتقالي إنه تطرق إلى “سبل التنسيق مع السلطة المحلية ومؤسسات الدولة والفعاليات المجتمعية، بهدف توحيد الجهود لخدمة المواطنين وتحقيق الاستقرار وتطبيع الحياة العامة، بعد تحرير وادي وصحراء حضرموت من عناصر الاحتلال اليمني”، حسب تعبيره.

وبدورها، أعلنت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات توثيق 4 آلاف و71 انتهاكا ارتكبتها مؤخرا قوات المجلس الانتقالي في حضرموت.

وأفادت الشبكة في بيان نشرته عبر منصة إكس، الثلاثاء، بأن هذه الانتهاكات شملت قتل 35 عسكريا، وإصابة 56 آخرين، وتصفية 7 أسرى، واعتقال 268 مدنيا".

كما شملت الانتهاكات، وفق بيان الشبكة، “نهب 112 منزلا و56 محلا تجاريا، وتهجير نحو 3500 شخص".

وحذرت الشبكة من “خطورة نهب السلاح وانتشاره على الأمن والاستقرار”، وحملت “المجلس الانتقالي المسؤولية الكاملة عن الانتهاكات”.

كما دعت الشبكة الانتقالي الجنوبي إلى “وقف الانتهاكات فورا، والإفراج عن المعتقلين، وإعادة الممتلكات المنهوبة، وفتح تحقيق مستقل في جرائم القتل والتصفية خارج القانون”، بينما لم يصدر تعقيب فوري عن المجلس.

وفي ذات السياق طالب مدراء السلطات المحلية في مديريات محافظة المهرة بـ”إدارة شؤونها من قبل أبنائها”، وذلك خلال اجتماع عقده المسؤولون الاثنين، مع قائد “قوات درع الوطن” بالمحافظة عبدالله بن صديق.

ودعا المسؤولون في بيان “كافة القوى السياسية والحزبية إلى احترام خصوصية محافظة المهرة، وإبقائها بعيدا عن أي صراعات، وتعزيز السلم الاجتماعي الذي ظلت تنعم به المحافظة”.

وأعربوا عن “مساندتهم الكاملة وغير المشروطة لقوات درع الوطن”، وشددوا على “ضرورة دعمها في أداء مهامها الأمنية”.

وتشكلت “قوات درع الوطن” عام 2023 بقرار من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، وتخضع لإمرته بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية.

وشدد المجتمعون على “حق أبناء المحافظة في إدارة شؤونهم المدنية والعسكرية أسوة بغيرهم من أبناء المحافظات، ومنح كوادر المحافظة مزيدا من التمثيل في مؤسسات الدولة”.

وأعرب المسؤولون عن “رفضهم القاطع لخطابات التحريض ودعوات الفُرقة التي تروج لها بعض الأطراف، سعيا لإرباك المشهد”، ولفتوا إلى أن “هذه الدعوات لا تخدم سوى المتربصين بأمن المهرة واستقرارها”.

وفي حين لم تفلح جهود إقليمية ودولية بإحلال السلام باليمن جراء حرب بين القوات الحكومية وجماعة الحوثي، يشهد جنوبي البلد العربي مستجدات أمنية منذ أكثر من أسبوع عززت مخاوف من تقسيم البلاد.

والأحد، شدد العليمي على ضرورة “انسحاب فوري لقوات المجلس الانتقالي الجنوبي من حضرموت والمهرة”.

واعتبر الانسحاب “خيارا وحيدا لتطبيع الأوضاع شرقي البلاد، واستعادة مسار النمو والتعافي”، وفقا لوكالة الأنباء اليمنية الرسمية “سبأ".

والأربعاء الماضي، قال رئيس الوفد السعودي إلى حضرموت محمد القحطاني، خلال لقائه مجموعة من قبائل المحافظة إن موقف المملكة ثابت تجاه حضرموت في دعم التهدئة ووقف الصراع.

وأوضح أن “موقف المملكة هو المطالبة بخروج كافة القوات التابعة للمجلس الانتقالي من حضرموت والمهرة”، مشددا على أن المملكة “ترفض إدخال حضرموت في صراعات جديدة لا تتحملها المحافظة