أخبار وتقارير

الإثنين - 01 سبتمبر 2025 - الساعة 10:13 م بتوقيت اليمن ،،،

عدن حرة / خاص :


الشاعر المبدع أحمد سف ثابت - رحمه - والمقطع الأول من قصيدته (توبة من الحب توبة) كلمات مرهفة وسياقات ذي تراكيب خلّابة.
يعد الشاعر أحمد سيف ثابت -رحمه الله - أحد شعراء الغزل المبدعين، له قصائد رائعة. من تلك القصائد قصيدة (توبة من الحب توبة)، ولجمال أبياتها سنفرد لبعض مقاطعها قراءات وتعليق، نستشف ما في ألفاظها من معاني وتناسق، و تختص هذه القراءة والتعليق بالمقطع الأول، الذي يقول الشاعر فيه:
الحب ذي كان مُشرِق
بدت بدايةْ غروبهْ
والوجه ذي كان باسم
بانت علامة شحوبهْ
والورد ذي كان فاتش
وكلهم يعتنوا به
أذبل وجفت مياهه
نسوه ماشى دروا به
القراءة والتعليق.
هذا مطلع قصيدة من كلمات الشاعر احمد سيف ثابت -رحمه الله -المعنونة ب ( توبة من الحب توبة).
في هذه القصيدة سياقات رائعة، تحمل صورًا بديعة خلّابة وتراكيب عحيبة تأسر لب المستمع. وتُدهش المتأمل في تناسها النصي. وما تفتعله في نفسه مستمعها.
ففي قصائد الشاعر المبدع ذي الحس المرهف أحمد سيف ثابت - رحمه الله - من الروعة والجمال ما لا يمكن وصفه، فأحمد سيف ثابت -رحمه الله - من الشعراء المبدعين الكبار الذين ذاعت لهم قصائد في الأعراس وحفظها الجاهل قبل المتعلم، منها كلماته في قصيدته المعنونة ( توبة من الحب توبة).
أبيات القصيدة وعنوانها:
المتأمل في أبيات القصيدة يجد أنّ ما فيها يخالف ما يصدح به عنوانها، الذي يُعلن فيه شاعرنا - رحمه الله - توبته من الحب، فالعنوان إعلان صريح عن التوبة من الحب، لكنّ أبيات القصيدة تكشف عن بقاء الشاعر في دائرة الحب، و أنّه غير قادر علی التخلُّص من الحب، وتفصح القصيدة عن أنّ الشاعر لم يتب بعد من الحب ولن يتوب، وسنمر علی أبيات القصيدة في منشوراتنا القادمة إن تيسر لنا ذلك.
وفي هذا المنشور نستجلي ما ضمه المقطع الأول من القصيدة من صور بيانية وتضاد ومصاحبات لغوية.وما أضفته من تماسك نصي لأبيات القصيدة،
يقول الشاعر:
الحب ذي كان مشرق
بدت بدايةْ غروبهْ
ابتدأ بيته الأول بالإخبار عن الحب الذي كان في الماضي مشرقًا غير إنّ بداية غروبه قد بدأت، وبرزت ملامحها، وتأمّل التضاد بين مشرق وغروبه، فمشرق تضاد الغروب، من وجه، أنّ الإشراق يضاد الغروب، بل إنّ (مشرق) تتجاوز التضاد؛ لتدل علی الوضاءة في الحب، والإشراقة، والنور والبهجة، وفي استعمال ( ذي) التي لن تُفسر إلا باسم موصول بمعنی الذي؛ لأنّ صلتها فعل ( كان)، و يظهر أنّ الألف واللام سقطتا من (الذي)؛ لسهولة الاستعمال في (ذي) المقتطعة من (الذي) أو يقال: ذي اسم موصول في لغة العامة.
ثم جاء البيت الثاني؛ ليزاوج الشاعر - رحمه الله - بين الوجه والبسمة، فالوجه باسم (ضاحك من غير صوت) ، لكن هذا الوجه الباسم قد ظهرت عليه وبانت علامة الشحوبة، فيقول:
والوجه ذي كان باسم
بانت علامة شحوبهْ
فذكر ما يتناسب مع الوجه وهي البسمة (الابتسامة)، هذه الوجه المتصف بأنّه باسم لكثرة ظهور الابتسامة علی محياه، قد فارقته البسمة وهجرته الابتسامة وبانت أي برزت عليه علامة شحوبه، وهنا إشكال ما وجه المقاربة بين الابتسامة (االبسمة) وشحوبة الوجه؟
فالابتسامة ضدها العبوسة. غير إنّ الشاعر عبّر بوصف الشحوبة؛ لأنّ الشحوبة مما يتصف به الوجه، وفيها تعبير عن الحالة العامة للمحب، حين يعاني من الهجر والنسيان ويعيش حياة الحرمان، فالشحوبة لا تأتي إلا بعد معاناة المرء نفسيًا وماديًا، يقال: شاحب الوجه إذا كان مريضًا أو متعبًا بالإعياء.
ثم انتقل الشاعر -رحمه الله - في البيت الثالث إلی الحديث عن الورد الفاتش وعن الاعتناء به، يقول الشاعر أحمد سيف ثابت- رحمه الله -:
والورد ذي كان فاتش
وكلهم يعتنوا بهْ
ذبل وجفت مياههْ
نسوهْ ماشى دروا بهْ
يا سلام علی حلو الكلام يا سلام علی التسلسل بدأ بالحب المشرق وثنّی بالوجه الباسم. ثم الورد. وما أروع السياق الذي برز فيه الورد، الورد وما أدراك ما الورد؟ فهو رمز الجمال شكلًا ولونًا ورائحةً ورمزًا للمحبوب، فقال:
والورد ذي كان فاتش
وكلهم يعتنوا به
نعم من حق الورد أن يعتنوا به، ومن ذا يمانع من الاعتناء بالورد، ويبادله الود والوفاء والرعاية.
هذا الورد وجد الاحتفاء من الجميع، لكن جاء في وقت من الأوقات فأصابه الذبول، يقول الشاعر:
أذبل وجفت مياههْ
صار غير ريان، فقد فقد كثيرًا من حيويته، فيبس وسقط، فمياه التي تمده بالحياة قد جفت وذهبت، فتأثّر بذهابها، ولم تجف مياه الورد إلا بعد أن تركوا الاعتناء به، يقول الشاعر:
نسوه ما شي دروا به
نسيان سواء بالغفلة عنه والذهول، أو نسيان بالترك، ثم أوضح أنهم ما دروا به، ولا أولوه الاهتمام مثلما اهتموا به قبل أن يذبل.
وفي القصييدة من الروعة ما فيها لعل يتيسر لنا ذكرها في منشورات قادمة.
كتبه أ. د. عبدالله عبدالله عمر