عرب وعالم

الثلاثاء - 22 يوليو 2025 - الساعة 12:15 ص بتوقيت اليمن ،،،

العرب


لم تكن مداهمة أجهزة الأمن المصرية لعنصريين ينتميان إلى جماعة الإخوان، عملية عنف محدودة أو متعلقة بالداخل المصري فقط، فربطها بسياق ممتد للجماعة يؤكد أن إتمامها كان يعني إشارة على نشر فوضى أمنية في المنطقة.

وكشفت بيانات لجماعة الإخوان ومحسوبين عليها عن استهداف متعمّد لمصر، بذريعة غلق معبر رفح وعدم دخول مساعدات إنسانية بعد اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والإيحاء بأن القاهرة “تتقاعس” عن إنقاذ الفلسطينيين، والزج بها في حرب لا ترغبها، قد تؤدي إلى المزيد من الصراعات في المنطقة.

وقال الباحث في شؤون الحركات الإسلامية طارق أبوالسعد لـ”لعرب” إن شواهد عدة أشارت إلى محاولة الجماعة توظيف الوضع المأساوي في غزة بهدف القفز على المشهد المحلي والإقليمي عبر اختراق العمق المصري من خلال خلايا عنف.

وحدد أبوالسعد، ما قاله يحيى موسى، أحد قادة حركة “حسم” الهارب إلى تركيا في فيديو مرئي قبل إحباط عملية العنف الأخيرة في القاهرة مباشرة، حيث زعم موسى أن مجريات الأحداث في الإقليم وما يحدث في غزة صنع أرضية جديدة لجماعته داخل مصر، مُدعيًا أن تحرك عناصر الجماعة عبر توجيه من الخارج سيدفع الأوضاع في غزة باتجاه التغيير.

وورد اسم يحيى موسى مع آخرين ضمن الضالعين في التخطيط والإشراف على العملية التي جرى إحباطها في مصر أخيرا، ويُنسب له مع آخرين، الإشراف على العمل المسلح داخل جماعة الإخوان، كما أنه مطلوب في العديد من قضايا الاغتيالات ومحاولة استهداف طائرة الرئاسة المصرية.

وسدت القاهرة الكثير من المنافذ الأمنية والسياسية نحو جرها إلى حرب مع إسرائيل، وتحميلها أخطاء حركة حماس الإخوانية عندما قامت بعملية “طوفان الأقصى” من دون أن تدرك العواقب السلبية على القضية الفلسطينية.

وتعاملت مصر بضبط نفس كبير وصبر إستراتيجي مع تطورات عسكرية مختلفة في جنوب غزة وبالقرب من الحدود المصرية، بما فيها غلق معبر رفح من الجانب الفلسطيني عن طريق إسرائيل، وهو ما نفخت فيه عناصر الإخوان بقوة من أجل إحراج القاهرة شعبيا، ودفعها إلى كسر قيود فرضتها قوات الاحتلال في غزة.

ويرمي تركيز الإخوان على ما تقوم به إسرائيل من انتهاكات صارخة في غزة إلى وضع الكرة في ملعب مصر، وتخفيف العبء على تركيا، التي تواجه مأزقا بسبب رعايتها واحتضانها للنظام السوري منذ وصوله إلى السلطة وعدم قيامها بالتصدي لما تقوم به إسرائيل من اختراقات متكررة في الأراضي السورية.

ويقول مراقبون إن مصر فهمت رسائل الإخوان، ولم تنسق وراء دعايتهم نحو تحميلها جزءا كبيرا مما يجري من انتهاكات في غزة، لكن العزف على هذا الوتر فرض على القاهرة المزيد من الحذر الأمني، خوفا من وجود مخطط لإحداث فوضى على الحدود مع غزة من ناحية مصر، ما جعل أجهزة الأمن تتعامل بصرامة مع فكرة إرسال قوافل إنسانية إلى القطاع عبر مصر، تبيّن أن عددا من المشاركين فيها ينتمون جماعة الإخوان أو هم محسوبون عليها، أو جرى التغرير بهم بحجج إنسانية.

ويضيف هؤلاء المراقبون أن تركيز الإخوان على غزة، والإشارة إلى معبر رفح ودور مصر، لفت الانتباه إلى وجود مخطط للفوضى الأمنية في سيناء المصرية، كشفت عنه وزارة الداخلية، الأحد، عندما استهدفت عنصرين تابعين لحركة “حسم”، كانا يستعدان للقيام بهجمات لإرباك الداخل المصري والإيحاء بأن الحركة عادت إلى نشاطها الذي توقف منذ ست سنوات بعد مواجهات مع الشرطة.

وذكر بيان لوزارة الداخلية المصرية أنها تحصلت على معلومات تتضمن اضطلاع قيادات “حسم”، وتمثل الجناح المسلح للإخوان، الهاربة إلى دولة “تركيا”، بالإعداد والتخطيط لإحياء نشاطها وارتكاب عمليات تستهدف المنشآت الأمنية والاقتصادية، من خلال دفع أحد عناصر الحركة الهاربين إلى إحدى الدول الحدودية (ليبيا) السابق تلقيه تدريبات عسكرية متطورة بها، للتسلل إلى البلاد بصورة غير شرعية.

وتزامن هذا التطور مع إعداد “حسم” فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي منذ أسبوعين، تضمن مشاهد لتدريبات على رشاشات وقذائف، مرفقة بأناشيد تحريضية، وتهديد مباشر باستهداف السجون في مصر لإطلاق سراح محكومين ينتمون إلى جماعة الإخوان المصنفة إرهابية في القاهرة.

وآخر عمليات “حسم” تمت في القاهرة عام 2019، حين اتهمت بالتورط في تفجير سيارة بمحيط معهد الأورام وسط القاهرة، وانتهى بمصرع 22 شخصا وإصابة العشرات.

وأصدرت جماعة الإخوان بيانا رسميا تضمّن دعوات صريحة إلى النفير العام، مستخدمة لغة التحريض ومزاعم بأن “مصر بحاجة إلى التغيير”.

ووجهت جماعة الإخوان، الأحد، خطابا إلى حكام دول الطوق التي تحيط بفلسطين قالت فيه “إن استمرار إغلاق المعابر، وحرمان قوافل الإغاثة والدواء والغذاء من الوصول إلى أهل غزة، اشتراك في الجريمة، مهما حاول المتواطئون تزيينه بالذرائع الواهية، ونطالبكم اليوم، دون مواربة أو مداراة، بفتح المعابر فورا”.

وقال القائم بأعمال جماعة الإخوان صلاح عبدالحق في رسالة وجهها إلى الحكام “ندعوكم لنصرة أهلنا في غزة بكل وسائل الدعم الممكنة سياسيا وعسكريا واقتصاديا وإعلاميا، وإلا فأنتم شركاء العدو”، داعيا إلى ما أسماه بـ”نفير عام وعمل عاجل لإنقاذ غزة، وتحرك الرأي العام وكسر الأصنام السياسية”.

ويتسق موقف الإخوان الجديد مع نداء وجهه 100 من كبار العلماء المحسوبين على الإخوان بشأن ما يجري في قطاع غزة، على رأسهم الشيخ محمد الحسن الددو، ورئيس هيئة علماء فلسطين بغزة مروان أبوراس.

وطالبوا دول الطوق أن “تفتح حدودها لعبور النفير العام، ودخول المجاهدين، وإغاثة المحتاجين، خاصة معبر رفح فهو شريان الحياة، ولا يجوز بأي شكل من الأشكال إغلاقه في وجه هؤلاء النافرين في سبيل الله، وإن إغلاقه خيانة لله ورسوله وللمؤمنين، ومن يمت من أهل غزة دون إسعافه يعتبر مغلق المعبر ومانع المساعدة متسببًا في الموت بطريق الترك”.

وتبدو التصريحات والتحركات مُتضافرة لتحقيق عدة أهداف لمصلحة التنظيم الدولي للإخوان والنماذج الجديدة الصاعدة للسلطة في الإقليم، ورعاة تيار الإسلام السياسي التقليديين، فضلًا عن تحقيق هدف الضغط على القاهرة في العديد من الملفات الخاصة بجماعة الإخوان والعلاقات مع تركيا والسلطة الجديدة في سوريا.