|||

"مائة ألف دولار" تؤجّل صداما سياسيا بين بن بريك والعليمي

أخبار وتقارير


السبت - 05 يوليو 2025 - الساعة 01:21 م
صالح أبوعوذل

تخيّل أن يطلب منك أحدهم مرافقته في رحلة محفوفة بالمخاطر، تمضي معه الثلث الأول من الطريق، ثم يلتفت إليك فجأة ليقول: الماء والخبز من الآن فصاعدًا تحت تصرّفي فقط.

تواصل السير مثقلًا بالصبر، وفي منتصف الطريق يختفي عن ناظريك ويتركك وحيدًا في صحراء التيه، يتأمّلك من بعيد، ثم يعود ويهمس لك: تحمّل يا رفيقي، فالخلاص قريب.

يطلب منك أن تنتظره لأنه سيذهب ويعود بصحن "كبسة"، لكنه يذهب ولا يعود.

هكذا تمامًا يُعامل المواطن في بلادنا، في رحلة "اللا دولة" الطويلة، دعك من الخبز والكهرباء والصحة والتعليم، فالمعركة الحقيقية هناك، في مخصصات الناشطين، وفي الحروب الباردة داخل "الخيمة الشرعية" الممزقة.

خلال الأشهر الماضية، قرّر رئيس الحكومة السابق، أحمد عوض بن مبارك، أن يقطع عن بعض الناشطين المقيمين في الخارج امتيازاتهم الشهرية، تلك التي كانت تُصرف تحت بند "داعمون للحكومة الشرعية".

القرار شمل أيضًا مسؤولين يقيمون خارج اليمن، وتوقفت معهم مزايا السفر والفنادق ودرجة رجال الأعمال.

وفجأة، استشاط الغضب، وقاد المتضررون "انتفاضة ناعمة" ضد بن مبارك، انتهت بأن قرر الرعاة السعوديون الإتيان برئيس حكومة جديد، وإن لم يكن جديدًا في الحقيقة، إذ إنه عضو قديم في الحكومة ذاتها.

وصل الرجل إلى عدن، حاملاً على كتفيه خطة "مئة يوم"، غير أن رئيس مجلس القيادة، رشاد العليمي، لم يتحمّس كثيرًا، قال له بما يشبه الأمر: انسَ الخطط الآن.. نريد وزارة المالية أن تذهب لأحمد المعبقي، ليكون وزيرًا للمالية ومحافظًا للبنك المركزي معًا.

موقف صادم لرئيس حكومة بالكاد ارتدى بدلته.

وزير المالية ورئيس الحكومة، بن بريك، لم يسكت. قال إنه اتفق مع السعوديين على ألا يتولى رئاسة الحكومة إلا إذا احتفظ بحقيبة المالية.

رد العليمي بنبرة فيها لؤم: تواصل مع سعادة السفير السعودي، وهو سيشرح لك التفاصيل.

رفض بن بريك، واعتبرها إهانة. بعد ساعات، وصلته رسالة تحذيرية "العليمي لديه خلية إلكترونية، مستعدة لشنّ حرب إعلامية ضدك".

فما الحل؟ ببساطة: 100 ألف دولار، هكذا قيل له، كفيلة بتحييد الناشطين في الداخل والخارج، وجعلهم يقفون إلى جانبه.

وليس هذا جديدًا؛ فهي ميزانية ثابتة تُصرف منذ عام 2018، مخصصة لـ"شراء الذمم".

العبث يتكرّر، وبن بريك يوقّع على استئناف صرف مخصصات الناشطين، لا حبًا في حرية التعبير، بل لمنعهم من الاصطفاف مع رشاد العليمي ضده.

والناشطون أنفسهم؟ بعضهم يتقاضى من الطرفين، فالرصيد المزدوج مغرٍ، ولا أحد يسأل عن الكهرباء، أو الماء، أو أجور المعلمين، أو أدوية المرضى.

"خطة المئة يوم"؟ تم تنفيذ بندها الأول بنجاح: إعادة صرف ميزانية الناشطين، وتوزيع الولاءات، وكأننا في بورصة لا علاقة لها بالدولة.

لا عجب أن نكون في بلد يُقاتل فيه السياسيون على مخصصات النشطاء أكثر مما يُقاتلون من أجل الماء والدواء.

لن نصل، حتى وإن مشينا ألف ميل، فالماء والخبز... دائمًا في يد "سعادة السفير" المتحكم الرئيس بكل شيء.

#صالح_أبوعوذل






اهم الاخبار - صحيفة عدن حرة