عرب وعالم

الأربعاء - 29 مارس 2023 - الساعة 10:42 ص بتوقيت اليمن ،،،

العرب


تقول أوساط سياسية خليجية إن الاتصال الهاتفي الذي جرى بين الرئيس الصيني شي جينبينغ وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يعكس في أحد جوانبه حرص بكين الشديد على إنجاح مسار تطبيع العلاقات بين الخصمين اللدودين السعودية وإيران.

وتشير الأوساط إلى أن الأمر بالنسبة إلى بكين يتجاوز مجرد جمع شريكين تربطهما بها علاقات وثيقة، إلى رغبة في فرض نفسها طرفا فاعلا على الساحة الدولية، يزاحم الولايات المتحدة في مراكز نفوذها التقليدية.

وتلفت الأوساط ذاتها إلى أن استقرار منطقة الشرق الأوسط وتبريد الجبهات بين القوى المتنازعة ينطويان أيضا على مصلحة كبيرة بالنسبة إلى الصين، سواء في ارتباط بتجارتها أو في علاقة بإمدادات الطاقة.

وأجرى الرئيس الصيني محادثة هاتفية مع ولي العهد السعودي ركزت على دعم الاتفاق الذي تم التوصل إليه في وقت سابق من الشهر الجاري بين الرياض وطهران، وعلى تعزيز العلاقات الثنائية، في سياق الشراكة الإستراتيجية التي أعلنا عنها في وقت سابق.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) أن الأمير محمد، وهو أيضا رئيس الوزراء السعودي، عبر عن تقديره للمبادرة الصينية "لدعم جهود تطوير علاقات حسن الجوار بين المملكة والجمهورية الإسلامية الإيرانية".

وأضافت الوكالة السعودية أن الجانبين أكدا على أهمية العلاقات الإستراتيجية التي تجمع بين المملكة، أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، وبين الصين الشريك التجاري الرئيسي لدول الخليج.

ونقلت وسائل الإعلام الرسمية أن شي ذكر أن البلدين سيدعمان بعضهما البعض بقوة في القضايا التي تتعلق بالمصالح الأساسية لكل منهما، وسيقدمان المزيد من المساهمات لدعم السلام والاستقرار والتنمية في الشرق الأوسط.

وأفاد الرئيس شي بأن الجانب الصيني مستعد أيضا لتوسيع التعاون العملي والتبادلات الشعبية مع السعودية، ودفع تنمية أكبر للشراكة الإستراتيجية الشاملة بين الصين والمملكة العربية السعودية.

وعززت شركة النفط السعودية العملاقة أرامكو في وقت سابق من هذا الأسبوع استثماراتها التي تقدر بمليارات الدولارات في الصين بإبرام أكبر صفقتين يتم الإعلان عنهما منذ زيارة شي إلى المملكة في ديسمبر الماضي حيث حضر قمة مع قادة دول الخليج العربي.

وقد تصل كلفة المشروع إلى 12.2 مليار دولار، بحسب مجموعة “بانجين زينتشين”. وسيفتتح المشروع بالكامل في عام 2026، ويهدف إلى تلبية الطلب المتزايد للبلاد على الوقود والبتروكيماويات.

وتشهد العلاقات السعودية – الصينية تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة، ويعزو مراقبون ذلك إلى السياسة الأميركية المتخبطة، والمتخاذلة في بعض الأحيان في دعم شريكها الرئيسي في المنطقة.

وعبرت السعودية وغيرها من دول الخليج عن القلق بشأن ما ترى أنه نأي من جانب الولايات المتحدة عن المنطقة، ومن ثم اتجهت لتنويع الشراكات مع التركيز على المصالح الأمنية والاقتصادية الخاصة بها.

ويرى متابعون أن الاتفاق السعودي – الإيراني يعكس واقع أن الصين قررت الانخراط بقوة في هذه الساحة التي ظلت لعقود حكرا على الولايات المتحدة، وأن بكين باتت مقتنعة بأن تعزيز علاقتها التجارية والاقتصادية يتطلب بالضرورة مشاركة دبلوماسية فاعلة.

ومن المنتظر أن يجتمع وزيرا خارجية السعودية وإيران خلال شهر رمضان الجاري، إثر اتفاق الرياض وطهران عقب محادثات في بكين على استئناف العلاقات بينهما بعد سنوات من الخصومة التي هددت الاستقرار في الخليج وساهمت في تأجيج صراعات في الشرق الأوسط.

وكانت السعودية وإيران أعلنتا في العاشر من مارس الجاري استئناف علاقاتهما الدبلوماسية وإعادة فتح السفارات في غضون شهرين، وذلك عقب مباحثات برعاية صينية في بكين، بحسب بيان مشترك للبلدان الثلاثة.

وجاء الاتفاق السعودي - الإيراني إثر استضافة بكين بين 6 و10 مارس الجاري مباحثات سعودية - إيرانية، "استجابة لمبادرة من الرئيس الصيني شي جينبينغ، وبالاتفاق مع قيادتي المملكة والجمهورية الإيرانية ورغبة كل منهما في حل الخلافات"، وفق البيان.

ووصف وزير الخارجية الصيني وانغ يي الاتفاق بأنه "انتصار للحوار، وانتصار للسلام، وتقديم أخبار جيدة مهمة في وقت يموج فيه العالم بالاضطرابات".

وقال وانغ "كوسيط حسَن النية ويُعتمد عليه، وفت الصين بمهامها كمضيف. وستستمر بكين في لعب دور بنّاء في التعامل مع قضايا ساخنة في العالم وإظهار مسؤوليتها كأمة كبرى".

وفي الولايات المتحدة قال متحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض إن واشنطن كانت قلقة بشأن تقارير عن الاتفاق، على أنها ترحّب بأي جهود تُبذل لإنهاء الحرب في اليمن ونزْع فتيل التوتر في الشرق الأوسط.

ويرى مراقبون أن الحرص الصيني مع الظروف الإقليمية والدولية التي تبدو مهيّأة كلها عوامل ستتضافر من أجل إعادة العلاقات الدبلوماسية بين الخصمين اللدودين، لكن ذلك لا يعني حسم جميع القضايا الخلافية بينهما.

ويشير المراقبون إلى أن الملف اليمني سيكون أبرز اختبار لهذا التحول المفاجئ في العلاقات السعودية – الإيرانية، حيث يدعم كل منهما طرفا متضادا في الصراع المتفجر منذ عام 2014.

وفي يناير من عام 2016 قطعت السعودية علاقاتها مع إيران، إثر اعتداءات تعرضت لها سفارة الرياض في طهران وقنصليتها بمدينة مشهد (شرق)، احتجاجا على إعدام المملكة رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر، لإدانته بتهم منها "الإرهاب".