حذّر الرئيس الأميركي الأربعاء من أن روسيا "سترتكب خطأ جسيما للغاية في حال استخدامها أسلحة نووية تكتيكية"، وذكرت وكالة "سي.بي.أس" أن إطلاق الصواريخ الروسية النووية سيتم في غضون 24 ساعة كجزء من مناورات روسيا.
وذكر بيتر هويسي، الباحث الأول المتخصص في شؤون الدفاع بمعهد هدسون، في مقال بمجلة "ناشونال إنترست" الأميركية، أن العديد من المسؤولين والخبراء في الغرب اقترحوا أن تستبعد الولايات المتحدة الردع النووي تماما في ردها على روسيا. ودعا ليون بانيتا، وزير الدفاع الأميركي السابق، الولايات المتحدة إلى التعامل بطريقة أخرى من خلال الرد بضربات انتقامية بأسلحة تقليدية قوية.
واعتبرت المجلة أن مثل هذه الآراء يمكن أن تشجّع بوتين على استخدام السلاح النووي بدلا من ثنيه عن ذلك، خاصة مع الإعلان الفرنسي عن الرد الغربي بأنه يجب ألا يشمل استخدام الأسلحة النووية تحت أي ظرف، كما جاء على لسان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. لكن هويسي حذّر من أن أي قرار بعدم الرد بالسلاح النووي على روسيا سيكون خطأ فادحا، لأن اقتصار الرد الأميركي على استخدام الأسلحة التقليدية لن يردع روسيا عن استخدام السلاح النووي مجددا.
وأكد خبراء واشنطن العسكريون في جلسة بالكونغرس أن أميركا "تستطيع الانتصار في صراع عسكري تقليدي مع روسيا، فقط إذا لم تستخدم أسلحة نووية".
ويبقى الحذر ضروريا، وفقا لهوسي، فقد غيّرت روسيا إستراتيجيتها العسكرية في أبريل 1999 إلى مبدأ “التصعيد لتحقيق النصر”، الذي ينص صراحة على تطوير أسلحة نووية ذات نطاق صغير ودقيق للغاية للاستخدام في ساحة المعركة، وبوتين يعتقد أن روسيا متفوقة على أميركا في قدراتها النووية، فترسانة الروس من القنابل النووية والأسلحة النووية قصيرة المدى تقدّر بما بين 2 و5 آلاف رأس نووي مقابل 200 رأس نووي أميركي.
ولهذا كلّه سيتصرّف بوتين من دون رادع أو إحساس بأنه يمكن أن يتعرض لإجراءات مضادة، ومن شبه المؤكد أن الولايات المتحدة سوف تعلم في وقت مبكر ما إذا كانت روسيا تستعد لشن هجوم نووي في أوكرانيا، بحسب ما يقول خبراء في الأسلحة النووية يرون أن موسكو قد ترغب بشدة في أن يُعرف تحضيرها لذلك.
وفي حال حدوث هذا التصعيد، قد يتجلّى على شكل سلاح نووي تكتيكي أصغر، يُرجح إطلاقه على صاروخ إسكندر باليستي قصير المدى، وفقا للخبراء. وبينما يقلل المحللون العسكريون من أهمية تهديدات موسكو في الوقت الحالي، يقول مسؤولون أميركيون إنهم لم يروا أي نشاط يشير إلى مثل هذه الخطط.
ويقول الباحث في معهد الأمم المتحدة لبحوث نزع السلاح في جنيف بافيل بودفيغ لوكالة فرانس برس إن التحضير لشنّ أي هجمات سيكون واضحا. ويحدد تقرير صدر عام 2017 عن المعهد 47 موقعا للتخزين النووي في جميع أنحاء روسيا "12 منشأة على المستوى الوطني و35 قاعدة".
وتراقب هذه المواقع بشكل دائم من قبل الأقمار الاصطناعية الاستخباراتية والعسكرية التابعة للولايات المتحدة ودول أخرى. ويمكن مراقبتها عن كثب أكثر من خلال أقمار اصطناعية تجارية، مثلما يظهر في الصور المحدثة بانتظام لأنشطة المنشآت النووية الكورية الشمالية.
ويؤكد بودفيغ أن روسيا نشرت رؤوسها الحربية النووية الإستراتيجية أو بعيدة المدى في الميدان على صواريخ وقاذفات وغواصات. لكن أسلحتها النووية غير الإستراتيجية أو التكتيكية، بحسب بودفيغ، مخزّنة وغير مثبّتة على مركبات توصيل مثل نظام صواريخ إسكندر. ويضيف “ليست هناك صواريخ إسكندر تتحرك مع رؤوس حربية نووية. هذه الأسلحة مخزّنة حاليا".
ويقول مارك كانسيان، المسؤول السابق في وزارتي الدفاع والطاقة الأميركية، والذي عمل على قضايا الأسلحة النووية، "أنا واثق بأن الولايات المتحدة ستلاحظ أي استعدادات روسية لاستخدام الأسلحة النووية".
وحذّرت الولايات المتحدة العالم قبل بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في الرابع والعشرين من فبراير بأسابيع، من أن روسيا تعتزم الهجوم على أوكرانيا في محاولة لإعداد كييف وحلفائها ولردع موسكو ربما عن المضي قدما بخطتها. ويتساءل مراقبون هل ستحذر واشنطن العالم علنا إذا اكتشفت أن روسيا تخطط لشن هجوم نووي؟ فقد يتسبب ذلك في حالة من الذعر غير المسبوق، ليس فقط في أوكرانيا، بل أيضا في مناطق أخرى يمكن أن تتأثر بالتهاطل النووي.