منوعات

الثلاثاء - 16 ديسمبر 2025 - الساعة 12:55 م بتوقيت اليمن ،،،

وكالات


تضاعف حجم التداول بالفورنت المجري، الذي لطالما كان عملة متخصصة في الأسواق الناشئة، أكثر من مرتين منذ تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب منصبه في يناير، مع تزايد اهتمام المتداولين به منذ إعلانه عن فرض رسوم جمركية شاملة.

ويؤكد المتداولون والمحللون الإستراتيجيون وصناديق التحوط، الذين يديرون أسواق الصرف الأجنبي العالمية التي يبلغ حجم تداولاتها اليومية نحو 10 تريليونات دولار، أن هذه الزيادة في الأحجام ليست مجرد تقلب عابر.

وارتفع سعر صرف الفورنت بنحو 20 في المئة مقابل الدولار هذا العام، مسجلاً أفضل أداء له منذ ربع قرن تقريباً، ما يجعله من بين أفضل العملات الناشئة أداءً في عام 2025.

وكان هذا العام جيدا على نطاق أوسع، فقد سجل مؤشر أم.أس.سي.آي لعملات الأسواق الناشئة رقماً قياسياً في يوليو الماضي، وهو في طريقه لتحقيق أفضل أداء له منذ عام 2017، بعد أن حقق مكاسب تجاوزت 6 في المئة.

ويتوقع معظم المتداولين ومديري الصناديق والمحللين الذين تحدثت إليهم رويترز استمرار هذا الاتجاه في العام المقبل أيضًا.

وتأتي هذه المكاسب في ظل تقلبات الدولار وضعفه، مما يدفع المستثمرين إلى إعادة النظر في انكشافهم على هذه العملة، والتساؤل حول الافتراضات السائدة منذ فترة طويلة بشأن اتجاه الدولار الأميركي ومكانته.

وفي الوقت نفسه يراهنون على تحسن القيمة في بعض الدول النامية، من جنوب أفريقيا إلى المجر، مع تنويع محافظهم الاستثمارية بعيدًا عن الأصول الأميركية.

وقال جوني غولدين، رئيس قسم أبحاث إستراتيجيات الدخل الثابت في الأسواق الناشئة لدى بنك جي.بي مورغان، “نعتقد أن دورة ما نسميه السوق الهابطة لعملات الأسواق الناشئة، والتي استمرت 14 عامًا، قد انقلبت على الأرجح”.

وأضاف لرويترز “هذا جزء من تحول دورة الدولار، حيث يمتلك العالم الكثير من الأصول الأميركية ويتجنب أصول الأسواق الناشئة”.

ومخاطر التداول تستدعي تحذيرا من صندوق النقد الدولي، وبالنسبة إلى إلينا ثيودوراكوبولو، مديرة محافظ ديون الأسواق الناشئة في شركة مانوليف، فإن ما يثير التفاجؤ هذا العام هو أن تقلبات الأسعار كانت مدفوعة بأحداث في الاقتصادات المتقدمة.

وقالت “كانت الأسواق الناشئة بمثابة الاستثناء هذا العام، بمعنى أنها لم تكن المحرك الرئيسي للتقلبات”.

ومن المتوقع أن يستمر تفتيت التجارة العالمية، الذي تقوده الولايات المتحدة، والاضطرابات الجيوسياسية، واختلاف سياسات البنوك المركزية في التأثير على تحركات الأسعار.

ويربح المستثمرون، بما فيهم صناديق التحوط، ويخسرون، بينما بالنسبة إلى الحكومات، فإن ارتفاع قيمة العملات وتدفقات رؤوس الأموال لهما آثار اقتصادية كبيرة، بدءاً من تقليل جاذبية الصادرات وصولاً إلى تعزيز قدرتها على جمع الأموال وسداد الديون.

ولم تغب هذه المخاطر عن الأنظار. فقد حذر صندوق النقد في أحدث تقرير له عن الاستقرار المالي من مخاطر أسواق العملات.

وأفاد الصندوق بأن ما يقرب من نصف حجم تداول العملات الأجنبية العالمي يتم عبر مجموعة صغيرة من البنوك، معظمها كبيرة، مما يجعل السوق عرضة للخطر في حال تقليص هذه البنوك أنشطتها خلال فترات الأزمات.

وتُظهر بيانات بنك التسويات الدولية الصادرة في أبريل الماضي ارتفاع أحجام تداول العملات بنسبة 30 في المئة خلال السنوات الثلاث الماضية.

وشهد عام 2025 تقلبات حادة، حيث بلغت تقلبات عملات الأسواق المتقدمة أعلى مستوياتها في عامين خلال شهر أبريل قبل أن تتراجع.

وقد ساهم استقرار السوق في جعلها بيئة أكثر جاذبية لعمليات المضاربة على فروق الفائدة، أي الاقتراض بعملات منخفضة العائد للاستثمار في عملات ذات عائد أعلى.

وحقق صندوق التحوط إي.دي.أل كابيتال، الذي يدير مليار دولار، نموًا بنسبة 28 في المئة هذا العام، مدفوعًا بمكاسب حققها في بداية العام وتزامنًا مع ما يُسمى بـ”يوم التحرير”، مدعومًا برهانات ضد الدولار، وفقًا لمصدر مطلع.

وأظهرت بيانات جمعتها شركة فالي أناليتكس لصالح رويترز أن تداول عملات الأسواق الناشئة كان بمثابة مكسب هائل للبنوك.

وحقق تداول عملات الأسواق الناشئة إيرادات بلغت نحو 40 مليار دولار لأكبر 25 بنكًا عالميًا خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، مسجلًا بذلك أفضل أداء سنوي لها حتى الآن.

ويفوق هذا الرقم ضعف ما حققته البنوك من عملات مجموعة العشر، والبالغ 19 مليار دولار، وفقًا لتحليل الشركة. وتضم مجموعة العشر عملات رئيسية تتراوح بين الدولار والجنيه الإسترليني واليورو.

وقال سامر عويدة، الرئيس العالمي لتداول العملات الأجنبية والأسواق الناشئة في بنك مورغان ستانلي، إن “إيجاد فرص لتحقيق الربح في تداول العملات، لاسيما بين دول مجموعة العشر، كان تحديًا”.

وأضاف “إذا بقي المستثمرون ضمن سوق العملات الأجنبية، فإنهم سيتجهون نحو الاستثمارات الهيكلية ذات العوائد الأعلى في الأسواق الناشئة”.

ويرى ما يزيد قليلًا عن نصف 14 من كبار متداولي العملات ومديري صناديق التحوط والمحللين أن الاهتمام المتزايد بعملات الأسواق الناشئة هو اتجاه رئيسي من المرجح أن يستمر في عام 2026.

وأشاروا أيضًا إلى أن زيادة التحوط والتقلبات في عصر لم تعد فيه قوة الدولار أمرًا مفروغًا منه، من المرجح أن تستمر.

ومع ذلك، لم يُفِد ضعف الدولار الجميع. فقد دفع ضعف تدفقات التجارة والاستثمار الروبية الهندية إلى مستويات قياسية منخفضة، بينما أثرت المخاوف بشأن استقلالية البنك المركزي والاضطرابات السياسية سلبًا على الروبية الإندونيسية.

وبينما تعافى الدولار من تراجع حاد، إذ شهد أكبر انخفاض له في النصف الأول من العام منذ أوائل سبعينات القرن الماضي بخسائر بلغت نحو 11 في المئة، يتوقع المحللون أن تؤدي تخفيضات أسعار الفائدة الأميركية إلى المزيد من الضعف.

وتشير بيانات مجموعة بورصة لندن (أل.أس.إي.جي) إلى أن المتداولين يتوقعون خفضين إضافيين لأسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي العام المقبل.

ويُعد هذا الوضع عاملاً حاسماً بالنسبة إلى العديد من عملات الأسواق الناشئة، وقد ساهم في تدفقات رؤوس الأموال إليها. وبالنسبة إلى بعضها عززت عمليات المضاربة على فروق أسعار الفائدة الزخم.

ويُعد البيزو المكسيكي والريال البرازيلي من بين أفضل العملات أداءً في الأسواق الناشئة هذا العام.

وتتميز هاتان العملتان بسياسات بنكية مركزية حكيمة وأسعار فائدة مرتفعة، حيث بلغت أسعار الفائدة في البرازيل أعلى مستوى لها في عقدين من الزمن عند 15 في المئة، فضلاً عن سهولة الوصول إلى أسواق العملات والسندات.

وقال نيكولاس سكولوديس، مدير المحافظ في شركة أميا كابيتال التي تدير أصولاً بقيمة 1.4 مليار دولار تقريباً، “شهدت الأسواق الناشئة تدفقات استثمارية قوية، سواءً في الأسواق المحلية أو الخارجية (أسواق السندات)، ولا أتوقع أن ينعكس هذا الاتجاه قريبا”.

وأفاد مصدر آخر مطلع على أداء الصندوق بأن الصندوق حقق عائداً بنسبة 16 في المئة هذا العام حتى الآن.