كتابات وآراء


الأحد - 14 ديسمبر 2025 - الساعة 08:07 م

كُتب بواسطة : محمد علي محمد أحمد - ارشيف الكاتب



من التحرير إلى البناء، وساعة العمل لا تعود إلى الوراء ..

في هذه اللحظة، نقف على مفترق طرق، فلم يعد مجرد حلم، بل حقيقة، دفع ثمنها الأبطال، وضحى من أجلها أجيالاً تلو الأجيال، إذ أصبحت هذه الأرض التي تمتد من المهرة شرقاً إلى باب المندب غرباً، ومن شواطئنا التي تعانق الموج إلى الوديان والصحاري وفي كل شبر من أرض الجنوب الحر الأبيّ ، هي لنا، وتحت سيادتنا.

أثبتم للعالم أننا شعب يرفض الضَيم، وأن زمن الوصاية والهيمنة قد ولّى إلى غير رجعة، فتحية إجلال لقواتنا المسلحة الجنوبية، التي نفَّذت قرار الشعب وأخرجت قوى الظلم والتسلط من كل شبر تطأه أقدامهم، وربحنا معركة استعادة الأرض، ولكن... لم ينتهي نضالنا بنهاية المعركة العسكريةسيما ونحن اليوم في "مرحلة مفصلية".

وعلينا أن نكون صادقين مع أنفسنا أكثر من أي وقت مضى، نعم حررنا الأرض بزند وزناد جنودنا، لكننا لم نتحرر من القرار الاقتصادي الأكثر أهمية، لنحرر حياة المواطن اليومية، من قبضة الفساد والتبعية، فالتحدي الأكبر اليوم ليس من يرفع العلم في الساحات، بل من بالكوادر والخبرات يدير المصالح والمؤسسات!

نحن نمتلك أجمل وأغنى الشواطئ، وأهم الممرات المائية في العالم، ولدينا مخزون كبير في النفط والغاز، والموقع الاستراتيجي الذي يحسدنا عليه القاصي والداني، ومع ذلك، لا يزال المواطن الجنوبي يعاني الظلام في عز الشتاء، فكيف بـ حرّ الصيف لا كهرباء، لا ماء، ويعصره الجوع والفقر والشقاء ،في حين تنعم أرضنا بمواسم الحصاد و الخيرات بسخاء ، هذا التناقض هو الخطر الحقيقي على استقلالنا وتمكيننا الأرض والبقاء.

أكملوا المسيرة نحو الاستقلال الاقتصادي غير القابل للمساومة، كفانا تنظير ومجاملات، ويجب فك الارتباط المالي فوراً قبل الفوات، وبشكل لا لبس فيه أو مغالطات، فموارد الجنوب يجب أن تدار من الجنوب لصالح أبناءه، أعيدوا الروح إلى عصب الحياة، بتشغيل مصفاة عدن والبدء الفوري في تطوير موانئنا الاستراتيجية، وتلك هي الخطوة رقم واحد في خارطة طريق الاستقلال، فمتى ما أمَّنَّا طاقتنا وممراتنا، أَمّنَّا قرارنا.

حاربوا الفساد كما حاربتم المحتل،فالفساد في إدارة الخدمات والموارد هو العدو الداخلي الذي يهدد تضحياتنا، ويجب أن نرى حكماً رشيداً يترجم إخلاص القائد إلى عيش كريم و راحة للمواطن وإنهاء لملف المعاناة في الخدمات.


واعلموا أن التجمع في الساحات والمكوث في الخيام كان بالأمس ذا أهمية في مرحلة التعبير عن الإرادة، لكننا اليوم في مرحلة البناء والسيادة، وعليه لابد أن يتحول الآن إلى عمل حقيقي على الأرض، فلسنا شعباً مشرداً في أرضنا، بل نحن أصحاب الحق والسلطة والحكم في كل شبر حررنا!

دعوا مهندسينا يعيدون تشغيل المؤسسات والمنشآت، و خبرائنا يديرون الموانئ والمطارات، والأيادي المخلصة تعمل على تحسين الكهرباء والصحة والتعليم وكل الخدمات، فالقوة ليست فقط في مدى سيطرة دبابتك، بل في مدى استقلال محفظتك وعمل مؤسستك!

هذا هو الطريق الوحيد لفرض احترام العالم لخياراتنا، فلا اعتراف سياسي حقيقي دون استقلال اقتصادي فعلي، بِجِد، بحكمة وإخلاص، فكل دقيقة تمر دون تنمية وبناء ، هي بمثابة هدية نقدّمها للمتربصين بنا من الأعداء.

إلى قيادتنا السياسية والعسكرية والأمنية "لقد نجحتم في اختبار القوة والجهاد ، فلا تتوانوا للحظة واحدة عن النجاح في اختبار البناء والإقتصاد، لأن المستقبل لن يبتسم للجنوب إلَّا متى ما أدركتم أن الطريق الأقصر والأكثر أماناً للاستقلال السياسي الكامل يمر عبر شريان اقتصادي حر، مكتفٍ ذاتياً عزيزاً لايقبل التَوَسُّل، أو على غيره يَتَّكِل."

والخلاصة.. "عليكم ان تنتقلوا بقوتكم وحكمتكم من حماية كل شبر من الأرض، إلى بناء مؤسسات الدولة فيها بالطول و العرض."