عرب وعالم

الثلاثاء - 16 ديسمبر 2025 - الساعة 12:48 م بتوقيت اليمن ،،،

العرب

بحث وزير الدفاع السعودي، الأمير خالد بن سلمان، مع كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، الذي يزور المملكة، الثلاثاء، المساعي المبذولة لإحلال السلام والاستقرار في المنطقة، في إطار التشاور المستمر بين الرياض وواشنطن حول الملفات الإقليمية الساخنة وسبل الحد من التوتر وتعزيز الأمن.

وأفادت وكالة الأنباء السعودية “واس” بأن اللقاء تناول استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين، وبحث مستجدات الأحداث الإقليمية والمساعي المبذولة تجاهها لإحلال السلام، إلى جانب مناقشة عدد من القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك.

وأوضح الأمير خالد بن سلمان عبر منشور على منصة إكس أن اللقاء شمل استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين، ومناقشة مستجدات الأحداث الإقليمية والمساعي المبذولة لإحلال السلام، مؤكدًا أهمية استمرار التشاور والتنسيق بين الطرفين حول الملفات ذات الأولوية بما يعزز جهود الاستقرار والأمن في المنطقة.

وتعكس هذه المحادثات عمق الشراكة الاستراتيجية بين السعودية والولايات المتحدة، والتي تمتد إلى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والدفاعية، بما يشمل التنسيق المشترك لإدارة الأزمات الإقليمية ومواجهة التحديات السياسية والأمنية التي تهدد استقرار الشرق الأوسط.

وتأتي زيارة مستشار الرئيس الأميركي في سياق تعزيز الدور السعودي كلاعب إقليمي فاعل في جهود إحلال السلام، خاصة في الملفات الحساسة التي تتطلب وساطة دقيقة بين الأطراف الإقليمية والدولية.

وتمتلك المملكة قدرة فريدة على تقديم مبادرات متوازنة وفتح قنوات حوارية مع الفاعلين الرئيسيين، بما يخفف من حدة التوتر ويتيح إحراز تقدم ملموس في مسارات السلام المختلفة.

وفي سياق الملفات الإقليمية، يشهد الشرق الأوسط تحديات مركبة تشمل النزاعات المسلحة في اليمن وسوريا، التوترات بين إسرائيل والفلسطينيين، والصراعات في العراق وليبيا، إلى جانب التوترات الاقتصادية والاجتماعية التي تصاحب هذه الأزمات.

ويتيح التنسيق السعودي–الأميركي إمكانية وضع استراتيجيات مشتركة لإدارة هذه الملفات، بما يقلل من احتمالات التصعيد ويعزز فرص الحل السياسي.

ويبرز الدور السعودي في هذا الإطار من خلال تقديم مبادرات دبلوماسية متوازنة وفعالة، تعمل على إيجاد توافق بين القوى الإقليمية والدولية لتحقيق نتائج ملموسة على الأرض.

وعلى صعيد التعاون العسكري، يشمل التنسيق بين الرياض وواشنطن تعزيز القدرات الدفاعية للمملكة، وتطوير البرامج التدريبية، وتنظيم المناورات المشتركة، وتبادل الخبرات في مكافحة الإرهاب وحماية الحدود، إلى جانب التعاون الاستخباراتي لمواجهة التهديدات الإقليمية.

ويؤكد اللقاء أن هذا التعاون يتجاوز الدعم الدفاعي التقليدي ليشمل وضع سياسات مشتركة لإدارة الأزمات والتدخل عند الحاجة، بما يعزز قدرة المملكة على لعب دور محوري في المنطقة، سواء من خلال الوساطة أو تقديم مبادرات دبلوماسية لوقف التصعيد وتحقيق الاستقرار.

ويعكس اللقاء توجهًا استراتيجيًا نحو ما يعرف بالدبلوماسية الوقائية، حيث يسعى الطرفان إلى التوصل إلى حلول قبل أن تتفاقم الأزمات وتتحول إلى نزاعات مفتوحة، ما يتيح القدرة على تنسيق السياسات، ومشاركة المعلومات الاستخباراتية، والتخطيط المشترك لإدارة الملفات الساخنة، بما يحد من احتمالات التصعيد العسكري والسياسي.

كما يبرز الدور السعودي في دعم المبادرات الدبلوماسية متعددة الأطراف، بما يشمل التنسيق مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول العربية، لضمان توافق الجهود الدولية مع المصالح الإقليمية، وتوفير بيئة سياسية مستقرة تمكن من إطلاق مسارات السلام بفعالية.

وعلى الرغم من قوة هذه الشراكة، يواجه الطرفان تحديات متعددة، أبرزها تعقيدات الملفات الإقليمية وتعدد الأطراف المتشابكة مصالحها في النزاعات، إضافة إلى الصراعات الداخلية في بعض الدول الإقليمية التي قد تعرقل جهود الاستقرار.

ومع ذلك، توفر الشراكة منصة قوية للتعامل مع هذه التحديات، من خلال تبادل الخبرات، وتقديم الدعم العسكري والسياسي، والضغط الدبلوماسي لتحقيق أهداف السلام.

كما تتيح هذه الشراكة فرصًا لإطلاق مبادرات مشتركة في مجالات الأمن البحري، ومكافحة الإرهاب، وإعادة الإعمار في المناطق المتأثرة بالنزاعات، وتعزيز التعاون الاقتصادي، بما يعكس رؤية استراتيجية شاملة لدعم الاستقرار الإقليمي على المدى الطويل.

ويؤكد اللقاء أن العلاقة السعودية–الأميركية لم تعد مجرد شراكة تقليدية، بل تحولت إلى تحالف استراتيجي ديناميكي متعدد الأبعاد، يشمل الأمن والسياسة والدبلوماسية والاقتصاد، مع تركيز واضح على إحلال السلام والاستقرار الإقليمي.

ويبدو أن الاجتماعات المستقبلية ستسعى لتعميق هذا الزخم، من خلال مشاريع ومبادرات مشتركة تهدف إلى تعزيز الجاهزية العسكرية السعودية، وتطوير آليات تنسيق فعالة لإدارة الأزمات، وإطلاق برامج تعاون مشترك.

وفي ظل البيئة الإقليمية المعقدة، يمثل هذا التعاون نموذجًا عمليًا للشراكات الاستراتيجية التي تجمع بين القوة الدبلوماسية والسياسية والعسكرية، بما يضمن تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط على المدى الطويل.

ويأتي هذا التنسيق في توقيت حساس على الصعيد الإقليمي، مع استمرار النزاعات المسلحة وتفاقم التوترات بين الدول الإقليمية، ما يجعل التعاون بين الرياض وواشنطن عاملاً مؤثرًا في منع انهيار مسارات السلام، وخلق بيئة مؤاتية للحلول السياسية.

وتعكس المحادثات الأخيرة إدراك الطرفين لأهمية العمل المشترك والتخطيط طويل الأمد، وإطلاق مبادرات عملية تسهم في الحد من التصعيد وتحقيق استقرار دائم في المنطقة.

ويؤكد اللقاء أيضًا الدور السعودي الفاعل في جهود إحلال السلام، باعتبار المملكة لاعبًا إقليميًا رئيسيًا يمتلك القدرة على التوسط بين الأطراف المختلفة، ودعم المبادرات الدولية التي تسعى للحفاظ على الأمن الإقليمي وتحقيق الاستقرار السياسي.

وفي ضوء هذه المعطيات، يمكن القول إن اللقاء بين الأمير خالد بن سلمان ومسعد بولس يمثل خطوة نوعية في مسار تعزيز الشراكة السعودية–الأميركية، ويعكس التزام الطرفين بتعميق التنسيق الاستراتيجي في مختلف المجالات، مع تركيز خاص على الملفات الحساسة والأزمات الإقليمية المعقدة.

ويبدو أن الجهود المشتركة ستسهم في تعزيز الدور السعودي على الساحة الإقليمية والدولية، بما يجعل المملكة شريكا محوريا في إحلال السلام ودعم الاستقرار في الشرق الأوسط، ومثالًا عمليا على التعاون الاستراتيجي متعدد الأبعاد بين دولة إقليمية كبرى وقوة عالمية كبرى.