عرب وعالم

الثلاثاء - 02 أبريل 2024 - الساعة 03:23 ص بتوقيت اليمن ،،،

العرب


رفح ليست قاعدة عسكرية، وليست لها أي أهمية جيوسياسية ومع ذلك فهي فرصة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخيرة للبقاء السياسي والتبرئة من التهم الجنائية.

ويقول المختص في قضايا العالم العربي جمال كنج في تقرير نشره موقع مونيتور الشرق الأوسط إن الأهمية الرمزية الوحيدة لرفح هي كونها بوابة محتملة لنفي الفلسطينيين قسرا من غزة. وبالتالي فإن رؤية نتنياهو لـ”النصر الكامل” تستلزم الاحتلال الكامل ثم التطهير المنهجي لأكبر عدد ممكن من الفلسطينيين من خلال المعبر الدولي الوحيد الذي يربط غزة بدولة عربية.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، تضاعف عدد سكان مدينة رفح خمسة أضعاف. وكما هو الحال مع المجاعة التي أحدثتها إسرائيل في غزة، فإن الزيادة السكانية كانت أيضا بتصميم إسرائيلي.

وفي بداية الحملة العسكرية الإسرائيلية، تم تصنيف رفح، التي تقع على الطرف الجنوبي لقطاع غزة على طول الحدود مع مصر، على نحو مريب باعتبارها “منطقة آمنة”. وقد أصدرت إسرائيل تعليمات قسرية للمدنيين بالانتقال إلى الجنوب “حفاظا على الأرواح”.

وتقف رفح كواحدة من أكثر المناطق كثافة سكانية على وجه الأرض والتي تبلغ مساحتها 25 ميلا مربعا.

ويبلغ عدد سكانها حوالي 1.4 مليون نسمة، وهو ما يشمل السكان الأصليين البالغ عددهم 275.000 نسمة قبل التهجير القسري الذي قامت به إسرائيل لأكثر من 50 في المئة من سكان شمال غزة.

ولوضع هذا في منظوره الصحيح، فإن عدد سكان رفح الحالي مماثل لسكان مدينة سان دييغو، وإن كان مكتظا في منطقة تقل عن 7 في المئة من مساحة سان دييغو.

وفي وقت مبكر من الحملة العسكرية الإسرائيلية وخلال مقابلة مع شبكة “أم.أس.أن.بي.سي” في نوفمبر الماضي، قال مارك ريجيف، كبير مستشاري نتنياهو، لمحاوره “نحن نطلب من الناس الانتقال إلى أماكن أخرى… لا نريد أن نرى المدنيين محاصرين في هذه المخيمات”. وشدد كذلك على ثقته قائلا إنه “متأكد تماما” من أنهم “لن يضطروا إلى التحرك مرة أخرى”.

وأوضح ريجيف أن من خلال نقل الناس إلى الحدود مع مصر، بالقرب من معبر رفح الحدودي، يمكن أن تصل المساعدات إليهم “في أسرع وقت ممكن”.

وفي ما يتعلق بإدارة بايدن، التي استخدمت في السابق حق النقض ضد كل قرار صادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدعو إلى وقف إطلاق النار، فإنها لم تستغرق وقتا لتهدئة واسترضاء غضب نتنياهو المعلن.

ومباشرة بعد التصويت في الأمم المتحدة، صعد مستشار الأمن القومي جون كيربي إلى المنصة مؤكدا أن قرار مجلس الأمن ليست له أي أهمية، معتبرا إياه “غير ملزم” مع “عدم تغيير ما تستطيع إسرائيل أو لا تستطيع فعله”.

وعلى الرغم من ذلك، وبخ الزعيم الإسرائيلي البيت الأبيض بإلغاء رحلة مقررة لمسؤولين إسرائيليين إلى واشنطن لمناقشة الخطط الإسرائيلية في رفح.

وبدلا من الانتقام بإعادة وزير الحرب في حكومة نتنياهو، استمع مسؤولو البنتاغون إلى قائمة التسوق الطويلة التي أعدها الوزير الإسرائيلي للحصول على أسلحة أميركية إضافية لدعم حرب الإبادة الجماعية. وفي هذه الأثناء، سارع البيت الأبيض إلى تهدئة نتنياهو وإعادة جدولة الزيارة الإسرائيلية.

وقد فرك نتنياهو أنف الرئيس الأميركي جو بايدن بطريقة غير مسبوقة بين حلفاء الولايات المتحدة، خاصة بالنظر إلى مكانة إسرائيل باعتبارها المستفيد الأول من المساعدات الخارجية الأميركية وقدرتها على الوصول إلى تكنولوجيا الأسلحة المتطورة بمجرد دخولها في مخزون الجيش الأميركي. وتفاخر نتنياهو ذات مرة في مقطع فيديو بأن “أميركا شيء يمكنك تحريكه بسهولة شديدة”.

وفي حين أن نتنياهو كان يتلاعب بدافعي الضرائب الأميركيين ويستغلهم لعقود من الزمن، إلا أنه لم يكن أول زعيم إسرائيلي يفعل ذلك.

وفي عام 1967، قال وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان لزعيم إسرائيلي أميركي زائر “أصدقاؤنا الأميركيون يقدمون لنا المال والسلاح والمشورة… نحن نأخذ المال، ونأخذ السلاح، ونرفض النصيحة”.

وأتقن نتنياهو، أكثر من أي زعيم إسرائيلي آخر، فن الضغط على المسؤولين الأميركيين لتحقيق مراده وممارسة السيطرة عليهم في نهاية المطاف.

ومثال على ذلك، في عام 2010، أصيب نائب الرئيس بايدن بالصدمة أثناء زيارته لتل أبيب عندما تحدى نتنياهو المعارضة الأميركية من خلال الإعلان عن خطط لبناء المئات من المنازل الجديدة في مستعمرة رمات شلومو “لليهود فقط” في القدس الشرقية.

وفي الآونة الأخيرة، واجه وزير الخارجية أنتوني بلينكن لحظة مماثلة عندما رحبت به إسرائيل بالاستيلاء على 2000 فدان لإقامة مستعمرة مستقبلية “لليهود فقط” على الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وعلى الرغم من أن بلينكن سافر من السعودية كجزء من الجهود الدبلوماسية الأميركية لتطبيع العلاقات بين المملكة وإسرائيل، إلا أن نتنياهو همش الآلام الأميركية لمكافأة الحملة العسكرية الإسرائيلية بالتطبيع السعودي عندما أعرب وزير الخارجية عن مخاوفه بشأن الخطط الإسرائيلية في رفح.

ووفقا لتقارير إخبارية، قطع نتنياهو، بشعور من الاستحقاق، كلام بلينكن قائلا له “الدعم الأميركي لعملية رفح مرحب به ولكن ليست هناك حاجة إليه”.

ولتحقيق هذه الغاية، تعتقد الإدارة الأميركية وكذلك القادة العسكريون الإسرائيليون، مثل رئيس الأركان العسكري السابق ووزير الحرب الحالي غادي آيزنكوت، أن تأكيد نتنياهو على “النصر الكامل” بغزو رفح هو هراء.

ولكن بغض النظر عن الموقف الأميركي، فإن نتنياهو يتعامل مع النصائح الأميركية وكأنها بوفيه، فهو ينتقي ما يناسبه ويترك تداعيات تصرفاته للولايات المتحدة لتنظفها.