أخبار وتقارير

الثلاثاء - 26 سبتمبر 2023 - الساعة 11:47 م بتوقيت اليمن ،،،

عاصم بن قنان الميسري


لطالما كانت لدي الكثير من التوضيحات والبحوث سابقا" حول عراقة جنس الفينيق الحمر وانهم قوم تعرضوا لمضايقات وحروب جنوب اليمن وتحولوا من فئة اجتماعية بسيطة في إطار مملكة حاربها الجميع في الحد الجنوبي الساحلي لليمن والجزيرة العربية حتى صاروا أمة عظيمة سيطروا على البر والبحر في مناطق شاسعة من الكرة الأرضية في الجزيرة العربية وآسيا والمغرب العربي وافريقيا واوربا والأمريكيتن وبنوا المعابد والمستعمرات وشقوا البحار وامتلكوا اسرارها ،

كل ذالك من جانبي لم يكن الا قطرة في بحر المعرفة التي استقيتها من الأستاذ السوري القدير مؤنس بخاري الذي كان النور في اضاءاته ومعلوماته لنا بفضله توصلنا لأهم مفاصل الفينيق ومعابدهم وتفاصيل حياتهم منها ما هذة التدوينة القيمة



في كلّ مرّة يرسمون لك خارطة الفنيقيّين، يلوّنون شريطاً ضيّقاً متقطّعاً حول سواحل البحر الأبيض المتوسّط، ويكذبون عليك فيقولون؛ هذه كلّ بلاد الفنيقيّين وأنّهم ما رغبوا بتجاوز السواحل إلى الدواخل! هذا هراء غير صحيح.

انظر معي هذه الخارطة، وضعت فيها علامات حمراء على موقع أقدس معبدين من معابد الفنيقيّين، التي كانوا يشدّون الرحال إليها ويحجّون إليها، تقرّباً من ربّهم دجن (داگون)، وهذه المعابد أو المدن المقدّسة، كانت مدينة الرقّة على الفرات في سوريا المعاصرة، وراس ديحمري (رأس الحُمر) على جزيرة سقطرى اليمنيّة.

يغيب عن معارف العرب اليوم أنّ مدينة الرقّة كانت فيما مضى أحد أهمّ عواصم العرب، اعتبرها الفنيقيّون مدينة مقدّسة كما نقدّس مكّة والمدينة المنوّرة والقدس اليوم. إذ، قديماً عبد المورو والفنيقيّون من العرب إلهاً أطلقوا عليه اسم داگون 𐤃𐤂𐤍 وأسّسوا لعرشه مدينة الرقّة لتكون المدينة المقدّسة لأهمّ معابد داگون، وانتشرت عبادته في مختلف الممالك المورية آنذاك: إبلا وأسوريا وأوگاريت وحيث انتشر المورو.

وفي الجَنُوب؛ رأس الحمري في اليمن. وفي التراث الروماني والفنيقي، محجّ الديوسكوري ومعبدهم الأوّل هو في قرية رَاس دي حمري (رأس الحُمر) في جزيرة سُقطرى. إذ طمع الرومان بقلوب أهل تونس وليبيا، وبذات الوقت طمعوا بالموقع الاستراتيجي لجزيرة سقطرى، فذهبوا إلى رعاية معبد “ذو صَكوريد” شمال الجزيرة، ووضعت الحكومات الرومانية المختلفة نفقة سنوية وحامية عسكرية لخدمة المعبد.

تماماً كما فعل أهل إمبراطورية قرطاج السابقة. وكانت الإمبراطورية الرومانية تحتفل بيوم الديوسكوري في يوم 15 تمّوز يوليو من كلّ عام بعرض عسكري كامل في مدينة روما.

وقوع مكّة الفنيقيّين على تل زيدان على نهر الفرات دليل على أنّ بلادهم ما اقتصرت على السواحل فقط، وكما قال الأخ رضوان أمس: “أطروحة أنّ الفنيقيين كانوا محصورين بالساحل تذكّرني بنكتة طفولية تقول :"واحد متدرّب قتال شوارع … طلع ع الرصيف… أكل قتلة" … الأطروحة (الفرنسية) تصوّر الفنيقي على أنّه لا يقدر أن يبتعد عن الساحل سوى أمتار قليلة … بينما الواقع والوقائع أظهرت أنّ هذا الشيء خاطئ تماماً”.

الفنيقيّين هم شعب الپونت الشهير، وهم نفسهم أهل عُمان واليمن والصومال والكثير من بلاد البحر المتوسّط، ذهبوا جنوباً فأسّسوا مدناً كثيراً على ساحل أفريقيا، منها ميناء غزّة جَنُوب موزامبيق، وذهبوا شمالاً حتّى منحوا البحر الأسود اسمهم، بحر الپونتُس، وهي التسمية التي عُرفت بها بلاد شرق الأناضول لقرون طويلة، قبل تغييرها إلى تركيا، وخرافة كردستان.

كما ان للأستاذ القدير مؤنس بخاري العديد من التدوينات ومنها ماجاء في دات السياق حول مدينة الفينيق عرش الله في الأرض ، ومكة الفنيقيين جنوب اليمن (سقطرى)

{مدينة الرقّة الفنيقيّة عرش اللّه في الأرض} على مدوّنة البخاري

{مكّة الفنيقيّين جنوب اليمن} على مدوّنة البخاري

الشكر كذالك موصول للاخ العزيز والباحث مؤنس بخاري

الجزء الثاني

آله الفينيق ومعبدهم وتاريخ ظهورهم

على نصوص مقال ج1 نكمل أهم التفاصيل لشعب الفينيق العظيم من خلال أهم ثلاث نقاط وهي الاله الفينيق ومعبدهم جنوب اليمن وبداية ظهورهم وامتداد نفوذهم كما وضحنا سابقا" ونكمل عن بعض ما تناولته تدوينات الأخ العزيز الباحث مؤنس بخاري



1-ميثلوجية آله الفينيق داكون

الفينيق وميثلوجيا الالهه داكون وداگون ليس اختراعاً فنيقياً، بل ورد ذكره كذلك في النقوش السومرية القديمة باسم “دَ-گَن” 𒀭𒁕𒃶 وعبده الأگّديون كذلك باكراً قبل الفينيق بذات الاسم السومري مما يعني اننا امام امتداد حضاري وعرقي واحدي المنشأ والعرق ، ثمّ صار اسمه “دَگَنَ” الذي عنى في السومريّة كلمة “السمكة”

(القن=السيّد). وهو نفسه الربّ الذي عرّفه البابليّون لاحقاً باسم أداد وذكرته النصوص الآرامية الغربيّة باسم هداد وحَدد… ورمزُ داگون في آثار الرقّة هو حوريّ البحر، رجل نصفه سمكة أو سمكة نصفها رجل.

في نصوص ماري الأموريّة المنقوشة قبل 4500 سنة فهرس للآلهة التي عبدها الناس في منطقة النهرين، وذكر هذا الفهرس أنّ داگون هو نفسه أداد وهو نفسه إلُّ (إيلو) وهو نفسه إيل 𐤀𐤋5، وهو ذات المسمى المتخد عند ملوك أوسان ملوك الجنوب والبحار الأوسانية منهم الملك معد إيل 𐩣𐩲𐩵 𐩱𐩺𐩡 والملك الأوساني يصدق إيل فرعم 𐩺𐩮𐩵𐩤 𐩱𐩺𐩡 بن الملك شرح إيل 𐩦𐩧𐩢 𐩱𐩺𐩡 ملك الأنهار والبحار والملك القتباني العظيم أبو علي ذرح إيل 𐩹𐩧𐩢 𐩱𐩺𐩡 وجميعهم عرفوا بأسماءهم بالنقوش بصفة الملائة وهم ملوك ممالك جنوب اليمن العظماء الذي صاروا لاحقا" يعرفون بمسمى الفينيق .

وعندما حاول ملك سبأ انتزاع اسم الملائه بأسم الاله منهم وشن حربه ضد أوسان وملوكها لطردهم من جنوب اليمن وحرق معابدهم واثارهم لكي يتحولوا لاحقا" لشعب عظيم عرف بشعب فينيق نسبة لطائر الفينيق الذي يظهر من جزيرة سقطرئ كل خمسمائة عام وهي نبؤة ورواية اغريقية قديمة ،

وكان السبب في ذالك ضد الاوسانيون لمحاربتهم وخروجهم من جنوب اليمن وهو الملك السبئي كرب إيل 𐩫𐩧𐩨 𐩱𐩺𐩡 ما يعني أنّ الأسم إيل ذاته صار اسم الله ومن هذا المسمى القديم اشتق اسماء ملائكته (جبرئيل ، اسرافيل ، ميكائيل ،عزرائيل) لذالك لما نقول ان من هنا سطعت شمس المعرفة والحضارة واللغات والتراث والقداسة والأديان وصدرت للعالم أجمع ليس كلامنا انشائي بل عن ادله وبراهين لاتعد ولاتحصى حتى ان مصطلح مكه ، او بكه التي جاءت بالقرءان هي بما معناه بيت ومنها جاء اسم بكيل لمسمى بيت الله في اليمن ، وهو اسم مركب من لفضين بك=بيت ، وإيل = الله ، اي بما معناه بكيل بيت الله .

2- ميثلوجيا مكه الفينيق في جزيرة سقطرى

رَاس ديحمري هو موقع على جزيرة سقطرى اسمه بعربية الجزيرة “راس دي حمري” أي رأس الحُمر .

تقول المعتقدات اللاتينيّة وراثة عن الپونيقية بأنّ الديوسكوري قد وُلدوا فيها. لهذا السبب كان اسم الجزيرة في عهد الإمبراطورية الرومانية هو ديوسكورِيدو Dioskouridou التي تعني في عربيّتنا اليوم الديوسكوريّة. والاسم اللاتيني تحوير عن النبطي “ذو صَكوريد” ܕܝ ܣܟܘܪܝܕ وهو ذاته الاسم السبئي 𐩹𐩥|𐩮َ𐩫𐩥𐩧𐩺𐩵 .

الديوسكوري Διόσκουροι هم في الواقع معبودين اثنين، يعني اسمهم من اللّغة الإغريقية “أبناء زِوس” وطالما أنّ زِوس الإغريقي هو ذاته داگون الفنيقي بعد أن تعلّم الحرث والزراعة. إذاً الديوسكوري گاستُر Κάστωρ وپوليذيسيس Πολυδεύκης هم ابني داگون الفنيقي. عرفهم التراث الإغريقي واللاتيني بالإلهين التوأم، حُماة البحّارة وأمهر الخيّالة .

3- ماهو أقدم ذكر للفينيق ومتى كان ظهورهم؟

إن أقدم ذكر معروف للفنيقيين يظهر باسم قنّان (كنعانيين) يأتي من نصوص أگّدية مسمارية تعود إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، وبالتحديد في العصر البرونزي القديم.

هذه النصوص تتضمن رسائل تبادلت بين الملوك المصريين وحكام المدن الكنعانية.

كما أن النصوص الهيروغليفية المصرية القديمة تذكر القنّان (الكنعانيين) أيضا، وتم العثور على بعض هذه النصوص في الأماكن مثل تل العمارنة في مصر. تعود هذه النصوص إلى القرن ال14 قبل الميلاد.

هناك أيضًا ذكر للقنّان في النصوص البابلية القديمة، والتي تعود إلى حوالي الألفية الثانية قبل الميلاد.

ثمّ تحوّلت التسمية من قنّان إلى پونت وپوني

أقدم ذكر معروف للاسم "پوني" (في اللغة الفينيقية) يأتي من نقوش بيت الخريطة في تونس، والتي تعود إلى القرن 9 قبل الميلاد. هذه النقوش تذكر الملك الفينيقي "بعل حمون" وتصفه بأنه "سيد الپونيين".

على الجانب الآخر، الاسم "Phoin�kē" استخدمه الإغريق، ويظهر لأول مرة في الأعمال الأدبية للشاعر اليوناني هوميروس، والذي كتب في القرن 8 قبل الميلاد. مع ذلك، وفقا للعديد من المؤرخين، قد يكون اليونانيون قد استخدموا هذا الاسم للإشارة إلى الفنيقيين قبل القرن 8 قبل الميلاد.

لمحه تاريخية شاملة

إن صياغة التاريخ المتعلق بالكنعانيين والآراميين والسريان والقتبانيين والفينيقيين والفراعنة والسبئيين والحميريين والأوسانيين.. وكل الشعوب القديمة التي سكنت مناطق الشرق الأوسط، صياغة هذا التاريخ تمت بما يدعم تشكيل كيانات سايكس بيكو، ويصنع رواية تاريخية تدعم إيجاد شعوب مصطنعة منفصلة في كل كيان.

فتجد صورة الفينيقيين التي تم رسمها للأجيال من خلال المناهج التعليمية بأنهم اقتصروا في سكنهم على سواحل لبنان، لتصنع في الأذهان صورة سلف تاريخي اصطناعي يدعم اختلاق هوية لبنانية منفصلة عن هوية أهل بلاد الشام بينما بالحقيقة نفوذ الفينيق نفوذ لم يصله اليه أحد من قبل ولا من بعد .

وكذلك بالنسبة للكنعانيين، فتم إعطاء صورة شديدة الاختزال عنهم بسكناهم وبناءهم بعض مدن فلسطين، ليقولوا للفلسطينيين أنتم أحفاد الكنعانيين

ونفس الشيء للأنباط بالنسبة لأهل الأردن
والسريان والآراميين بالنسبة لأهل سوريا
والآشوريين والبابليين بالنسبة لأهل العراق
والسبئيين والحميرييين بالنسبة لأهل اليمن

وكأن أولئك الأقوام القديمة بنوا دولهم وممالكهم على مقاييس بريطانيا وفرنسا اللتين سيأتيين بعد آلاف السنين لتقاسم تلك الأراضي والبلدان على هذا التقسيم !!

تحياتي