أخبار وتقارير

الأحد - 20 أغسطس 2023 - الساعة 09:46 م بتوقيت اليمن ،،،

عدن حرة / خاص


تزايدت المطالبات الشعبية في اليمن بضرورة تحييد ملف الكهرباء الخدمي الإنساني في العاصمة المؤقتة عدن عن النزاع والصراع القائم في البلاد منذ سنوات، أسوة بملفات عديدة تم التنازل عنها من قبل التحالف العربي بقيادة السعودية والحكومة اليمنية الشرعية لصالح حكومة الحوثيين في صنعاء، لدواع إنسانية.

وطالب الكثير من الناشطين والحقوقيين اليمنيين على منصات التواصل الاجتماعي وفي المواقع الإلكترونية والقنوات التلفزيونية بسرعة تحييد ملف كهرباء عدن الخدمي المهم، عن الصراع والمناكفات السياسية الجارية بين أطراف النزاع في اليمن منذ 8 سنوات، ولدواع إنسانية بحتة أيضا.

ويعاني قطاع الكهرباء الحكومي في مدينة عدن تدهورا حادا منذ سنوات، حتى بلغ مرحلة الانهيار الكلي مؤخرا، لاسيما مع تحوله إلى ثقب أسود يستنزف خزينة الدولة نحو 55 مليون دولار شهريا من أجل تأمين وقود محطات التوليد المهترئة (حكومي ومستأجر) في سبيل توليد طاقة كهربائية لا تتجاوز 300 ميجاوات فقط، أي أقل من نصف حجم الاستهلاك أو الأحمال اليومية للطاقة في عدن والتي ارتفعت مؤخرا إلى أكثر من 650 ميجاوات خلال فصل الصيف.

ولم يشهد هذا القطاع الخدمي المهم في مدينة عدن الساحلية أي عمليات أو مشاريع تطوير وتحسين منذ أكثر من 12 عاما، حيث مازالت مؤسسة كهرباء عدن تعتمد على نحو 150 ميجاوات من محطات توليد مستأجرة تعمل على وقود الديزل الذي يستنزف مبالغ مالية كبيرة من خزينة الدولة، علاوة على تكاليف استئجار تلك المحطات المكلفة جدا، في الوقت الذي كان بمقدور الحكومات اليمنية المتعاقبة منذ عام 2011 استغلال تلك التكاليف المالية الباهظة في تأسيس وبناء محطات حكومية وطاقة بديلة "نظيفة" تعود ملكيتها للدولة وتغطي حجم الاستهلاك في هذه المدينة الساحلية التي تشهد ارتفاعا كبيرا في درجة الحرارة ونسبة الرطوبة خلال فصل الصيف، تصل إلى نحو 48 درجة مئوية ونحو 90٪ رطوبة.

ومنذ أكثر من أسبوع، توقفت معظم محطات توليد الطاقة في عدن العاملة بوقود الديزل، نتيجة لنفاده، قبل أن تتوقف لاحقا محطتي الحسوة والمنصورة اللتان تعملان بوقود المازوت الذي هو الآخر نفد، ما أدى إلى ارتفاع العجز وانطفاء الكهرباء لأكثر من 8 ساعات للجرعة الواحدة مقابل ساعتين تشغيل فقط، أي بمعدل 20 ساعة انطفاء في اليوم الواحد، وسط صمت وتجاهل حكومي مطبق ومتعمد في إطار سياسات الحكومة المروعة واستخدامها ملف الكهرباء كورقة ضغط وابتزاز في مناكفاتها السياسية أمام خصومها في الصراع السياسي الدائر في المحافظات المحررة.

وما أثار استغراب الكثيرين في الوسط اليمني، تلك المفارقة الغريبة في السياسات المستخدمة من قبل الحكومة الشرعية التي تعمل بإيعاز من دول التحالف العربي أو قيادات ومسؤولين محسوبين على التحالف ويعملون في كنفه من داخل أراضيه. 

ففي حين قدمت الرئاسة والحكومة اليمنية الشرعية برئاسة رشاد العليمي ومعين عبدالملك، الكثير من التنازلات لميليشيات الحوثيين ونفذت رغباتها في تحييد عدد من الملفات عن الصراع، مثل ميناء الحديدة ومطار صنعاء وإيقاف العمليات العسكرية والغارات الجوية، وتجميد جبهات القتال، والموافقة على صرف مرتبات الموظفين في مناطق الحوثيين، وإعادة فتح عدد من الطرقات المغلقة بين مناطق الحوثي والشرعية، لدواع إنسانية، يتم في ذات الوقت قتل الإنسان وتجريعه شتى صنوف التعذيب والويلات والمآسي في المناطق "المحررة" من قبل ذات الجهات والأيادي في التحالف العربي والحكومة اليمنية، وحرمان سكان المناطق المحررة من الخدمات الأساسية وأبسط مقومات العيش الكريم، وشن حرب خدمات ضارية عليهم، وإفتعال الكثير من الأزمات المعيشية والاقتصادية والإنسانية والاجتماعية ضدهم. 

منذ نحو 8 سنوات على تحرير العاصمة المؤقتة عدن جنوبي اليمن، تعيش هذه المدينة في دوامة الأزمات والمشاكل والحروب والصراعات، وتدفع ثمنا باهظا لحريتها وتحريرها من الحوثيين، وثمن شراكتها مع التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، فقد أوصدت كافة أبواب التنمية والتحسين والتطوير في مدينة عدن، وتم استبدالها ببعض المشاريع الصغيرة الترقيعية التي عادة ما يكون صداها الإعلامي أكبر بكثير عن الواقع وما تقدمه من خدمة إنسانية، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال نزول ميداني لأي من تلك الترقيعات التي لاقت هالة إعلامية غير مسبوقة، ونتائجها صفرا على الأرض.

ذلك الواقع المعاش، أثار حفيظة الكثيرين، ووسع مطالباتهم بضرورة وسرعة تحييد ملف الكهرباء وباقي الملفات الخدمية الأساسية والمهمة في مدينة عدن لدواع إنسانية بحتة، كونها تمس كافة شرائح المجتمع وتسببت في قتل الإنسان وتجريعه ويلات تفاقم الأمراض وزادت من معاناته المعيشية اليومية التي بات لا يعلم كيف يمكنه تجاوزها في ظل بلد منهار وحكومة بليدة فاسدة مجرمة، وتحالف عربي تحول من حزم وأمل إلى هدم وفشل.

ننشر لكم أحد أوجه الفساد والفشل الحكومي المتعمد في ملف كهرباء عدن، والمتمثل في صفقة حكومية سابقة أبرمها رئيس الحكومة اليمنية معين عبدالملك قبل أكثر من عام بشأن تأجير سفينة طاقة كهربائية عائمة بمبالغ مالية خيالية، وأصبح مصيرها غامض كليا ولم ترى النور حتى هذا اليوم، كما لا تعرف اي معلومة بشأنها وكأن الأرض أنشقت وبلعتها في كروش الفاسدين. 


يذكر أن مثل هكذا صفقات مشبوهة وعجز متعمد وعقاب ممنهج ضد الشعب إذا كان في أي دولة من دول التحالف العربي، سيكون سببا رئيسيا وكفيلا في إقالة الحكومة ورئيسها وإحالتهم للتحقيق والسجن، لكن ما يتم منعه وتجريمه في تلك الدول يتم إباحته وتحليله في اليمن التي تحولت إلى دولة فاشلة بسبب سياسات إقليمية ودولية هدامة.