عرب وعالم

السبت - 25 مارس 2023 - الساعة 06:35 ص بتوقيت اليمن ،،،

العرب


حثت فرنسا وإيطاليا على دعم تونس ومساعدتها على مواجهة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية لتكون قادرة على لعب دورها في التصدي للهجرة، في موقف يتجاوز الحذلقة الأميركية التي جاءت على لسان وزير الخارجية أنتوني بلينكن ومساعدته باربرا ليف اللذين اكتفيا بمطالبة تونس بإبرام اتفاق مع صندوق النقد من دون أي إشارات إلى دعم عاجل تحتاجه البلاد.

ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني الجمعة في بروكسل إلى دعم تونس التي تواجه أزمة مالية خطرة من أجل تخفيف “ضغط الهجرة”.

وأشار ماكرون خلال مؤتمر صحفي إثر قمة أوروبية إلى “أن التوتر السياسي الكبير جدا في تونس والأزمة الاقتصادية والاجتماعية المستعرة في ظل غياب اتفاق مع صندوق النقد الدولي (عوامل) مقلقة للغاية”، فيما قالت ميلوني إنه “إذا لم نتعامل مع هذه المشاكل بشكل مناسب، فسيتهدّدنا خطر إثارة موجة هجرة غير مسبوقة”.

وقال مراقبون إن الدول الأساسية في الاتحاد الأوروبي والمعنية مباشرة بالأزمة لا يبدو أنها تضع تصريحات مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد جوزيب بوريل محل اعتبار وصارت تتصرف على أساس أن الضغوط التي تتعرض لها تونس هي قضية أمن داخلي وليست مسألة أخذ ورد سياسية ودبلوماسية مع دولة على الجانب الآخر من المتوسط.

وكان بوريل حذر في بداية الأسبوع من أن “الوضع في تونس خطير للغاية”.

وقال “إذا انهارت تونس، فإن ذلك يهدد بتدفق مهاجرين نحو الاتحاد الأوروبي والتسبب في عدم استقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. نريد تجنب هذا الوضع”.

ووصفت تونس تلك التصريحات بأنها “انتقائية” و”لا تتناسب مع قدرة الشعب التونسي على الصمود وتجاوز المصاعب”.

ويرى المراقبون أن فرنسا وإيطاليا تتحركان من منطلق واقعي وقياسا على المصالح التي تربطهما بتونس بعيدا عن الشعارات المضللة حول حقوق الإنسان، وتعرفان أن ترك تونس تواجه الصعوبات وحدها سيعني تضاعف موجات الهجرة غير النظامية نحوهما.

ولن يقف تدفق الهجرة وقتها عند الآلاف من اللاجئين الأفارقة الذين تمنعهم تونس من الانطلاق نحو أوروبا، وتتعرض بسبب حرصها على ذلك إلى حملات حقوقية أوروبية، بل ستتسع الدائرة لتشمل الآلاف من التونسيين الذين سيغامرون لمغادرة البلاد التي تعاني من ظروف صعبة جدا.

ولا تستطيع تونس أن تواجه أزمة داخلية حادة وتستمر في لعب دورها التام في التصدي للاجئين واستضافة الآلاف منهم والاتفاق على ذلك فيما هي تسعى لتوفير التمويل اللازم للإنفاق على شعبها.

وقال الرئيس الفرنسي إن عدم مساعدة تونس على مجابهة أزمتها “يؤدي إلى زعزعة شديدة جدا لاستقرار البلاد والمنطقة وإلى زيادة ضغط الهجرة على إيطاليا والاتحاد الأوروبي”، داعيا إلى “العمل معا” على المستوى الأوروبي لمساعدة تونس و”السيطرة على الهجرة (غير النظامية)”.

وأكد أنه “على المدى القصير جدا، نحتاج إلى النجاح في وقف تدفق المهاجرين من تونس”، موضحا أنه تناول الموضوع مع رئيسة الوزراء الإيطالية خلال اجتماع ثنائي.

من جهتها، أشارت ميلوني إلى أنها “طرحت موضوع تونس أمام المجلس الأوروبي، لأنه قد لا يكون الجميع على دراية بالمخاطر التي يمثلها الوضع في تونس وضرورة دعم الاستقرار في بلد يعاني من مشاكل مالية كبيرة”.

وردا على سؤال حول بعثة إيطالية – فرنسية محتملة إلى تونس مع المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية إيلفا يوهانسون، قالت ميلوني “نعم، هناك بعثة على مستوى وزيري الخارجية، كثيرون في الوقت الحالي يتجهون إلى تونس”.

كما ناقشت جورجيا ميلوني الوضع في تونس مع المفوض الأوروبي للاقتصاد باولو جنتيلوني الذي “سيتوجه إلى هناك في الأيام المقبلة”. وشددت على “ضرورة العمل على المستوى الدبلوماسي لإقناع الطرفين، صندوق النقد الدولي والحكومة التونسية، بإبرام اتفاق لتحقيق الاستقرار المالي”.

وتتناقض المواقف الإيجابية لفرنسا وإيطاليا مع الموقف السلبي للولايات المتحدة، التي تعاملت مع بلد ذي أهمية إستراتيجية لمصالحها في شمال أفريقيا ببرود غير معهود.

وكان وزير الخارجية الأميركي حذر الأربعاء من أن تونس تحتاج بشكل طارئ إلى التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.

وقال بلينكن ردًا على سؤال حول تونس خلال جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي “أهم ما يمكنهم فعله في تونس من الناحية الاقتصادية هو التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي”. وأضاف “نشجّعهم بشدّة على القيام بذلك لأن الاقتصاد قد يتجه إلى المجهول”.

وتتفاوض تونس منذ أشهر مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض تناهز قيمته ملياري دولار، لكن يبدو أن النقاشات بين الطرفين توقفت منذ الإعلان عن اتفاق مبدئي في منتصف أكتوبر الماضي.