عرب وعالم

الإثنين - 24 يناير 2022 - الساعة 04:38 ص بتوقيت اليمن ،،،

العرب

تقول أوساط سياسية خليجية إن قطر أمام فرصة مهمة للاستفادة سياسيا واقتصاديا من التوترات المندلعة بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين من جهة وروسيا من جهة ثانية على خلفية الأزمة الأوكرانية.

وتشير الأوساط الخليجية إلى أن ورقة الغاز التي تملكها قطر ستشكل في حال استغلتها جيدا ممر عبور لإثبات أنها حليف يمكن للإدارة الأميركية الرهان عليه في خضم الأزمة المتفجرة مع روسيا والتي لا تعرف مآلاتها خصوصا إذا ما قرر الكرملين خوض مغامرة عسكرية في
أوكرانيا.

وأفادت شبكة “بلومبيرغ” بأن مسؤولين في الإدارة الأميركية يجرون محادثات مع نظرائهم في قطر ودول أخرى بشأن احتمال إمداد أوروبا بالغاز الطبيعي إذا ما أدى الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية إلى نقص في الإمدادات.

ونقلت الشبكة عن مصدرين مطلعين قولهما إن الرئيس الأميركي جو بايدن يعتزم دعوة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لزيارة البيت الأبيض، ومن المحتمل أن تكون الزيارةُ في وقت لاحق من الشهر الجاري.

وتعتقد الأوساط الخليجية أن تسعى الدوحة جاهدة لاقتناص هذه الفرصة التاريخية التي ستعزز من الدور الجيوسياسي للإمارة الخليجية الصغيرة على الخارطة الدولية، إلى جانب ما ستغدقه عليها من عائدات مالية هامة.

وسبق وأن استثمرت قطر جيدا في الأزمة الأفغانية حينما فتحت أبوابها في العام 2013 لقادة حركة طالبان، ورعت مفاوضات على مدار السنوات الماضية بين المسؤولين الأميركيين والحركة المتشددة.

ولعبت قطر دورا مهمّا في عملية إجلاء الجنود الأميركيين من أفغانستان في أغسطس الماضي، في خضم اجتياح الحركة المتطرفة للعاصمة كابول وإسقاط السلطة القائمة.

وقد أفضى الدور القطري المتقدم إلى توقيع الدوحة اتفاقيات استراتيجية مع الإدارة الأميركية في نوفمبر الماضي وبينها أن تتولى قطر رعاية مصالح واشنطن في أفغانستان.

وترى الأوساط الخليجية أن الملف الأفغاني فتح أمام قطر أبوابا جديدة لاسيما لجهة تعزيز العلاقات مع الجانب الأميركي، مشيرة إلى أن عرض واشنطن تولي الدوحة تعويض الإمدادات الروسية من الغاز لأوروبا، في حال توقفت، سيحقق للدوحة امتيازات سياسية واقتصادية كبيرة.

وتلفت الأوساط إلى أن تعاون قطر مع الولايات المتحدة لجهة تعويض نقص محتمل من الغاز لأوروبا سيمثل نقطة تحول جديدة على مستوى العلاقة بين الطرفين.

ورغم أن الموقف الأوروبي والأميركي يبدو في ظاهره متناغما حيال سبل مواجهة روسيا في حال قررت اجتياح أوكرانيا، بيد أن ذلك لا يلغي حقيقة وجود خلافات وهواجس لاسيما من الجانب الأوروبي.

وكانت بعض الدول الأوروبية أعربت عن مخاوفها من أن تؤدي المواجهة المفتوحة مع روسيا وفرض عقوبات قاسية على موسكو بسبب الأزمة الأوكرانية إلى الإضرار باقتصاداتها ودفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى قطع أو تقليص إمدادات الغاز في منتصف الشتاء.

وتحصل أوروبا على أكثر من 40 في المئة من غازها الطبيعي من روسيا، ويمر حوالي ثلث الغاز الروسي المتدفق إلى أوروبا عبر أوكرانيا.

ويخفف الارتهان الأوروبي الطاقي لروسيا من مجاراة الاندفاعة الأميركية في ضرورة وضع حد للتهديد الروسي، وهو ما يجعل واشنطن تتحرك في هذا السياق لتقديم تطمينات للجانب الأوروبي على استمرار تدفق الإمدادات من الطاقة.

وقال مدير المجلس الاقتصادي الوطني للبيت الأبيض بريان ديس إن الإدارة تعمل مع شركاء لزيادة إمدادات الوقود إلى أوروبا.

وأضاف ديس في مقابلة مع “بلومبيرغ” “إن التركيز ينصب حاليا على التأكد من حصول الدول الأوروبية على الكميات الكافية من الغاز خلال فصلي الشتاء والربيع”. وأشار إلى أن “ذلك يعني العمل مع حلفائنا وشركائنا، وخاصة الدول المنتجة للغاز، لمعرفة الكميات الإضافية التي لديهم من الغاز وسبل نقلها إلى أوروبا”.

ونقلت “بلومبورغ” عن مسؤول في البيت الأبيض مساء الجمعة أنه يتم الإعداد للاجتماع بين بايدن والأمير تميم منذ فترة، وسط ترجيحات بأن يكون ملف الغاز أبرز الملفات على طاولة المباحثات.

وتعتبر قطر أكبر مصدّر للغاز في العالم، وواحدة من أكبر منتجي الغاز الطبيعي المسال، وتعد الدول الآسيوية مثل اليابان وكوريا إحدى الأسواق الكبرى بالنسبة إلى قطر، على خلاف السوق الأوروبية، حيث لا تتجاوز الصادرات القطرية من الغاز حاجز الخمسة في المئة.

ويرى خبراء أن قطر لديها من القدرة الكافية لتعزيز إمداداتها من الغاز إلى الدول الأوروبية لكن ذلك لا يخلو من كلفة عالية، كما أن الأمر قد يقود إلى توترات بين الدوحة وموسكو، لكن في نهاية المطاف ستسعى قطر جاهدة لاستغلال الفرصة التي تقدمها الولايات المتحدة.

وتمتلك قطر أكبر أسطول لنقل الغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم والذي يضم تسع وستين سفينة، وتدير أربع سفن لنقل غاز البترول المسال ووحدة عائمة لتخزين وإعادة الغاز المسال لحالته الطبيعية، ما يتيح لها القدرة على المنافسة لاقتناص فرص التصدير إلى القارة العجوز.

وكانت قطر للطاقة وقعت خلال العام 2021 اتفاقات لبناء أكثر من 100 ناقلة جديدة للغاز بقيمة 100 مليار دولار، كما وقّعت عقدا للمرحلة الأولى من مشروعها لتوسعة حقل الشمال الذي سيرفع إنتاج الغاز الطبيعي المسال.

وتعمل “قطر للطاقة”، المملوكة للدولة، والتي كانت تسمى سابقا “قطر للبترول”، على توسعة حقل الشمال، أكبر مشروع غاز مسال منفرد في العالم، ليزيد إنتاج الغاز المسال نحو أربعين في المئة إلى 110 ملايين طن سنويا بحلول 2026 في المرحلة الأولى، فيما ترفع توسعة المرحلة الثانية طاقة الغاز القطري المسال إلى 126 مليون طن سنويا بحلول عام 2027.