أخبار وتقارير

الأحد - 05 فبراير 2023 - الساعة 11:30 م بتوقيت اليمن ،،،

زيد محمد حسين الفرح


قبل أيام تم العثور في دولة اليمن على تمثال من البرونز وهو يرتدي الثوب اليوناني "ثوب الكيتون" ويتطابق هذا التمثال مع تماثيل الحضارة اليونانية.

وكذلك يتطابق مع ثوب تمثال الحرية في الولايات المتحدة الأمريكية الذي يرتدي نفس ثوب تماثيل الآلهة اليونانية، كما هو موضح في الصورة، من ما يعني ان هذا التمثال الذي تم العثور عليه في اليمن يمثل دليل مادي على انتقال الحضارة من ارض اليمن الى ارض اليونان وبالتالي أوروبا،


وفي سياق ذلك نشير الى ما يلى:

ان التمثال هذا والذي عثر عليه في اليمن في ظفار وهو يرتدي الثوب اليوناني (الكيتون) وعلى راسه طير او نسر، يمكن الاستدلال عليه من قطعتين نقديتين نرى عودتهما الى عصر تبابعة سبأ ( بالقرن التاسع والقرن الثامن قبل الميلاد )،

وصفها بحث القطع النقدية الأثرية بمتحف جامعة صنعاء للاستاذ محمد باسلام بانها "قطعة نقدية فينقية على احد وجهيها صورة ملك يمسك بيده اليمنى وردة او طيرا وبيده اليسرى عصا طويلة، وعلى الوجه الآخر توجد رموز وحروف مكتوبة بالمسند"

ان حرف المسند في تلك القطعة النقدية الفينيقية قرينة هامة على انها يمانية سبائية.

وتؤكد ذلك قطعة نقدية سبائية من القطع النقدية اليمنية المعثور عليها في اليمن والموجودة الان في متحف صنعاء وهي "قطعة نقدية من الفضة على احد وجهيها صورة ملك يمسك بيده اليمنى طيرا وبيده اليسرى عصا طويلة وعلى الوجه الاخر ، للقطعة رموز وحروف مكتوبة بالمسند"

فهذه القطعة النقدية لدولة اليمن السبائية شاهد لا تخطئ دلالته على ان القطعة الفينيقية سالفة الذكر يمانية سبائية.

فالفينيقيون في القرن التاسع والقرن الثامن قبل الميلاد كانوا تحت ولاية وسيادة دولة سبأ وذلك ما يذكر النقش المسند رقم Jabal Riyām 2006-17 ، و يعود تاريخ هذا النقش الى القرن العاشر قبل الميلاد

وإليكم معنى و محتوى النقش باللغة الحديثة والذي يقول ان اقيال دولة سباء:

- اهدوا سيدهم ، الإله تالب ريمم
- تمثال من الذهب ليمنح
- عبدهو الحظ ، والرضاء

- يرم يهرحب ، وبني أخيه
- اوسلت وذلك عرفان
- وشكر خالص ، لسيدهم

- الإله تالب والعوده بسلامة
- ليدوم الهناء والصدق
- وليرضا عليهم امرهم

- في تحقيق كل الآمال وحمد الاله
– القائد يرم و القائد اوسلت بنصر الذي منحهم
- إياه الاله تالب ريمم من تولي الحكم

- من ارض الشمال وتولوا
- كل الامور في كل من ارض اسدن وارض
- نزرم وارض تنخ وارض لحين

- وارض تدمرم وارض نبطم
- وارض رمن وارض لخمم وارض
- بلسب وارض معدم وارض تيم
- وارض خص صتن ورضو با الإله تالب ريمم

آنذاك كانت دولة سباء تبسط سيدها على الفينيقيون في ارض تدمر وكذلك على ارض الروم في تركيا و اليونان وغيرها كما هو مذكور في النقش، وقد استخدموا القطع النقدية سالفة الذكر في نشطهم التجاري وكان الفينيقيون في تدمر همزة الوصل لانهم في الاصل يمانيون سبائيون حيث كانوا همزة وصل بين السبائيين وبين اليونان وشعوب البحر الابيض المتوسط في تلك العصور.

وقد وصفت المصادر ان الملك في القطعتين النقديتين يمسك بيده اليسرى عصا طويله والاصوب انها عمود في اعلاه نار – اي شعلة ( ذات نار ) بحيث يمكن استنتاج امرين، احدهما : ان تلك القطعة النقدية كانت تسمى (( ذي نار )) وهو الاسم الاصل الذي منه جاء لفظ ( دينار ) اليوناني كاسم للنقود وهو اسم يماني سبائي في الاصل .

والامر الثاني ان التمثال البرنزي الذي على راسة عصفور – صقر - الذي يرتدي الثوب اليوناني ( الكيتون ) هو ثوب دولة اليمن من قبل ان يصبح ثوب لليونان والغرب، وقد شاع الظن والقول بان التمثال من فن النحت اليونان وصنع النحت اليوناني

ان اصل ذلك الظن يعود الى ان فن النحت في التمثال يماثل فن النحت الذي ظهر وانتشر في اليونان وفي تماثيل يونانية منذ القرن السابع او منذ القرن الخامس قبل الميلاد والظن بان زمن دولة سباء في اليمن واثار عصورها هو زمن متأخر وفي قرون ما بعد الميلاد، اما الان فقد اثبتت نتائج العديد من التنقيبات الاثرية والأدلة ان زمن دولة وملوك سباء في اليمن وآثار ونقوش عهودهم هو زمن متقدم يمتد من القرن الثاني عشر والقرن الحادي عشر الى القرن السابع والقرن السادس قبل الميلاد.

ويترتب على ذلك ادراك، ان اثار وفنون النحت و الزخرفة والعمران والتماثيل وغيرها من اثار واشيأ ( القرن التاسع الى القرن السادس قبل الميلاد ) التي شاع الظن بانها ذات طابع يوناني او يونانية الاصل هي في الواقع يمانية سبائيه من دولة اليمن لان زمنها سابق لظهور وانتشار مثيلاتها في اليونان.

جاء في كتاب تاريخ الشعوب والحضارات انه "في اوائل القرن الثاني عشر ق.م. تعرضت بلاد الاغريق للغزو من جانب قبائل يقال لهم دوريانسس .. واستقر جماعة من اولئك الغزاة بوسط بلاد الاغريق واسسوا مدينة ثيبوس theobos " [تاريخ الشعوب والحضارات – ترادكسيم ]

بينما جاء في الاسطورة التاريخيه اليونانيه انه ".. إستقر فينقوس بمنطقة الساحل السوري وجاء اخوه قدموس Cadmus من فينقيه الى بلاد الاغريق فاستقر وبنى مدينة ثيبوس باليونان ." [حضارات الوطن العربي كخلفية للمدنية اليونانيه – د. سامي الاسعد – ص 24 ]

هذا وقد جرت عام 1963م تنقيبات في موقع اطلال مدينة ( ثيبوس ) باليونان وتم العثور على ختم يعود الى زمن تأسيسها ويحمل اسم (( بورنا – بورياش ملك جميع الملوك )) [ خلفية المدنيه اليونانيه – سامي الاسعد – ص 34 ] وهو الملك باران ذو رياش فدخلوا بلاد اليونان بقيادة قدموس شقيق الامير #فينقيس وبتوجيه ذي المنار ..

فاستقر قدموس والذين معه ( جماعة الغزاة ) في وسط بلاد اليونان واسسوا مدينة ثيبوس كمستوطنة ومركز رئيسى لهم ببلاد اليونان، ويؤكد ذلك الختم الذي عثرت عليه التنقيبات الاثريه باسم ( بورنا – بورياش ملك جميع الملوك ) في موقع (ثيبوس)

وقد تحولت فيما بعد الى احد دول اليونان القديم، وصار قوم ذي رياش هناك من اليونان وكانت لهم زعامة وقيادة وصارت خوذات رؤوسهم ذات الرياش من سمات القادة في حضارة اليونان، وهى في الاصل خوذة باران ذي رياش وقادة جيشه،

آنذاك توسع حكم ونفوذ دولة سباء الى ان شمل الساحل السوري اللبناني حيث تذكر الدراسات ان الفينقيين بمنطقة الساحل السوري اللبناني هم – كما جاء في كتاب (اطلس التاريخ) "من الكنعانيين الذي جاءوا من جنوب الجزيرة العربيه" [ اطلس التاريخ – شوقى خليل ]

وقال الباحث اللبناني فرج الله ديب في دراسة كاملة عن الفينقيين مايلي نصه " ان من سميوا فينقيين ليسوا إلاّ أجدادنا عرب الحضارة اليمنيه القديمه " وانه "ذكر المؤرخ اليوناني هيرودوتس : ان موطن الفينقيين الاول هو بلاد الجنوبيه المطلة على البحر الاحمر" [ اليمن هي الاصل – فرج الله ديب – ص 16 ]

وقد كان ذلك في عصر ملك سباء باران ذورياش الذي جاء في بردية مانلوانه انه حكم اربعين سنه ووصل الى مركز السياده في الارض قاطبة، وقد شهد عهده عمليات خارجيه واسعه لتأسيس المستوطنات لدولة سباء في ارجاء واسعة من المعموره وتم العثور على نصوص واختام ورسائل كثيره باسمه في بابل واشور والشام وفي العمارنه بمصر وفي اليونان، حيث تنقل الترجمات اسمه بلفظ ( بورنا - بورياش/ ملك سبا - ارتو / ملك ملوك الارض )

وقد اتخذ ملوك سباء التبابعه في العصور اللاحقه اول اعوام عهده بداية للتقويم السبائي، وباسمه سمي معبد بارن في مارب.

الكاتب والباحث: زيد محمد حسين الفرح