خفض صندوق النقد الدولي الثلاثاء توقعاته للاقتصاد السعودي خلال العام الجاري، في دليل على أن أفضل دول مجموعة العشرين من حيث النمو سيتعرض إلى انتكاسة بسبب الضبابية العالمية.
ورجح الصندوق في تقرير “مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي” تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي لأكبر اقتصادات المنطقة العربية بنحو 1.1 نقطة مئوية، عن تقديراته السابقة في أكتوبر الماضي.
وسيساهم تخفيض إنتاج النفط الذي يتماشى مع اتفاقية تحالف أوبك في تراجع نمو اقتصاد السعودية إلى 2.6 في المئة هذا العام، مقارنة بنمو قدره 8.7 في المئة خلال العام الماضي، وهو الأعلى منذ 2010.
وكانت الحكومة السعودية توقعت نمو اقتصادها بنسبة 7.6 في المئة خلال العام الماضي، وهي أسرع نسبة نمو في دول مجموعة العشرين.
ووفق التقديرات غير النهائية لهيئة الإحصاء السعودية نما القطاع النفطي بنسبة 15.4 في المئة، وغير النفطي بنحو 5.4 في المئة.
والسعودية أكبر مصدّر للنفط الخام في العالم، بمتوسط يومي قدره 7.5 مليون برميل في الظروف الطبيعية، وثاني أكبر منتج له بعد الولايات المتحدة بمتوسط يومي قدره 11 مليون برميل في الظروف الطبيعية.
ومع ذلك، توقعت المؤسسة الدولية المانحة أن يظل النمو غير النفطي قوياً في المملكة. ورفع الصندوق توقعاته للعام المقبل بنصف نقطة مئوية إلى 3.4 في المئة.
وجاءت تقديرات صندوق النقد الدولي أقل من توقعات الحكومة السعودية بنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 3.1 في المئة.
وسيؤثر سعر النفط في 2023 أيضاً على الاقتصاد السعودي، إذ يتوقع الصندوق تراجعه بنحو 16 في المئة، وأن تنخفض أسعار السلع الأولية غير الوقود بنسبة 6.3 في المئة في المتوسط.
وقال المستشار الاقتصادي بالصندوق بيير – أوليفييه غورينشا إن المراجعة الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط تعكس بشكل أساسي “التخفيضات الخاصة بكل من مصر والسعودية، وهو ما يعود إلى أسباب منها تأثير الحرب في أوكرانيا”.
وأضاف مدير إدارة البحوث في المؤسسة أنه “بالنسبة إلى السعودية، فإن تراجع إنتاج النفط الخام في إطار اتفاق أوبك له أثر أيضا”.
وخفض البلد إنتاجه النفطي بمقدار نصف مليون برميل يوميا في نوفمبر الماضي مقارنة بالشهر السابق بعد أن اتفقت دول أوبك على تقليص الإنتاج بمقدار مليون برميل يوميا للحفاظ على مستويات الأسعار مرتفعة.
وارتفعت أسعار النفط بشكل كبير خلال العام الماضي، بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية ما دفع ميزانية السعودية إلى تسجيل أول فائض بعد ثماني سنوات من تسجيل عجوزات.
وقالت السعودية مؤخرا إنها تتوقع تحقيق فائض في الميزانية للمرة الثانية على التوالي في 2023، وإن كان أقل بنسبة 84 في المئة عن فائض العام الماضي.
وساهمت الحرب في دعم أسعار النفط خلال العام الجاري، والتي استفادت منها الدول المصدرة للنفط وعلى رأسها السعودية، وذلك قبل أن تفقد الأسعار مكاسب 2022 خلال الأسابيع الأخيرة.
ورغم ذلك تسعى الحكومة للاستفادة من المكاسب المحققة عبر دعم الأنشطة غير النفطية حيث يوجه صندوق ثروتها السيادية مليارات الدولارات إلى أسواق الأسهم والأصول على مستوى العالم، فيما يلعب دورا متزايدا في تمويل التنمية المحلية.
وتعهد الصندوق، الذي ضاعف أصوله إلى أكثر من 600 مليار دولار في عامين تقريبا، بإنفاق 800 مليار دولار في قطاعات جديدة على مدى الأعوام العشرة المقبلة، بما يشمل 40 مليار دولار محليا في السنة حتى عام 2025.
وتتجه الرياض على نحو متزايد إلى تنويع اقتصادها لزيادة دور القطاع غير النفطي في الاقتصاد لتحقيق رؤية 2030.
ورصدت الحكومة نحو 19.2 مليار دولار لتنفيذ وتطوير مشاريع اقتصادية خلال العام المقبل، منها مشاريع توطين صناعات نوعية في 10 مجالات بقطاع الصناعة والثروة المعدنية، من بينها صناعة السيارات والصناعات البحرية والصناعات الطبية والدوائية.
والاثنين الماضي قال الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو، أمين الناصر، إن الناتج المحلي الإجمالي لبلاده “سيتجاوز قريبا حاجز تريليون دولار لأول مرة”.
وأكد في كلمته خلال مشاركته في أعمال مؤتمر ومعرض “اكتفاء” المقام في السعودية حتى الثاني من فبراير الجاري أن “المملكة تعد من أسرع الاقتصادات نموا في العالم وفي مجموعة العشرين”.
وتشير تقديرات رسمية إلى أن الاقتصاد السعودي تجاوز حاجز 820 مليار دولار في نهاية العام الماضي.