أخبار وتقارير

الأربعاء - 21 ديسمبر 2022 - الساعة 08:13 م بتوقيت اليمن ،،،

كرم أمان


جاء حديث رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي، مساء الإثنين، بعكس كل التوقعات التي سبق للبنك المركزي اليمني وخبراء صندوق النقد الدولي أن أشاروا إليها في تقارير ونشرات البنك الشهرية والفصلية السابقة، بشأن تحسن الاقتصاد اليمني وإمكانية تحقيقه نموا خلال العام 2022.

وكشف العليمي في مقابلة تلفزيونية، الإثنين، عن وجود عجزا تواجهه الحكومة اليمنية، وقد تواجهها مشكلات في سداد المرتبات بدءا من الشهر الجاري، جراء الاعتداءات الحوثية على الموانئ النفطية، وتوقف صادرات النفط اليمني، قبل أن يتدارك ذلك التصريح مساء الأربعاء، بخبر آخر نشرته وكالة سبأ، أعلن من خلاله مجلس الرئاسة بالتزامه بسداد المرتبات.


وقال في حديثه التلفزيوني على قناة العربية : "سنعاني مشكلة حقيقية ابتداء من هذا الشهر في مسالة المرتبات ويجب ان يكون واضحا للجميع انه سنلاقي مشكلة لانه توقف تصدير النفط بسبب الهجمات الحوثية التي استهدفت البنى التحتية، واغرقت العوامة او المضخة، وهذه ستكلفنا اكثر من خمسين مليون دولار لاصلاحها غير الوقت الذي يمكن ان ياخذ من خمسة الى ستة اشهر لإصلاحها".

وجاء تصريح رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن هذا بعكس توقعات خبراء صندوق النقد الدولي والبنك المركزي اليمني الذين توقعوا أن يحقق الاقتصاد اليمني نموا بنسبة 2% في عام 2022 و3.2% في نهاية عام 2023، بعد انكماشه في 2021 بنسبة 2%.

ووفقا لآخر تقرير فصلي نشره البنك المركزي اليمني من مقره الرئيسي بالعاصمة المؤقتة عدن، في سبتمبر أيلول 2022، فإن الإيرادات النفطية المتحققة من بيع صادرات النفط الخام اليمني ارتفعت خلال النصف الأول من العام 2022 إلى 836.3 مليار ريال، بعد أن كانت في ذات الفترة من العام الماضي تبلغ 155.6 مليار ريال فقط، وبزيادة بلغت 680.7 مليار ريال، معللا ذلك بزيادة أسعار النفط العالمية ، بينما بلغ إجمالي الإيرادات غير النفطية (ضرائب وجمارك وإيرادات أخرى) نحو 386.3 مليار ريال في 2022، في حين كانت تبلغ في ذات الفترة من عام 2021 نحو 114.4 مليار ريال.

ومنذ أكثر من شهر، توقفت عمليات تصدير النفط الخام اليمني من موانئ حضرموت وشبوة، جراء الاعتداءات الحوثية على الموانئ بالطيران المسير، والتهديدات التي تطلقها، وهو الأمر الذي شكل تهديدا كبيرا للحكومة الشرعية وهز موقفها المالي.

ويواصل البنك المركزي اليمني تنفيذ مزادات علنية لبيع عملة أجنبية كل أسبوع، بمقدار 30 مليون دولار، في إطار سياساته وإجراءاته النقدية لإحداث توازن في السوق وامتصاص الكتلة النقدية المتكدسة خارج البنك، من أجل الحفاظ على أسعار العملات الأجنبية عند حدود معينة ومنع ارتفاعها.

ومع ذلك، فإن أسعار العملات الأجنبية شهدت ارتفاعا كبيرا خلال اليومين الماضيين، حيث تجاوز سعر صرف الدولار الأمريكي عتبة الـ 1200 ريال يمني، بينما بلغ الريال السعودي 322 ريال يمني، في الوقت الذي كان يفترض أن تنخفض فيه أسعار العملات نتيجة لانخفاض الطلب في السوق جراء نهاية العام المالي الحالي، كما هو الحال في الأعوام السابقة.


عام على قيادة المركزي

ففي مثل هذه الفترة من العام السابق 2021، تم تعيين قيادة البنك المركزي اليمني الحالية، التي كانت الآمال معقودة عليها لتحسين الأوضاع الاقتصادية وكبح جماح أسعار العملات التي وصلت إلى أعلى مستوى لها في ذلك الوقت.

تمكنت قيادة البنك المركزي اليمني خلال عام، من إحداث توازنا نسبيا في السوق، كما استطاعت الحفاظ على استقرار شبه دائم في أسعار العملات الأجنبية، علاوة على أن البنك حقق في ظلها زيادة في الإيرادات العامة للدولة، حيث ارتفعت بنحو 952.5 مليار ريال، محققة إجمالي بلغ 1222 مليار ريال من الإيرادات، خلال عام، وفقا لنشرة البنك المركزي.

هدف مؤقت

يقول الخبير الاقتصادي اليمني الدكتور علي المسبحي أنه كان يفترض أن يتزامن تعيين قيادة جديدة للبنك المركزي في نهاية 2021 مع وصول وديعة مصرفية للبنك، ودعم دولي.

وأضاف في حديث خاص : "لكن تأخرها أو عرقلتها أدى إلى قيام البنك باستخدام الامكانيات المتاحة والمتوفرة لديه، ومنها عملية مزادات البنك، والتي ساهمت إلى حد كبير في استقرار اسعار الصرف".

وتابع: "المزادات عندما اعتمدت كان هدفها مؤقت، وهو الوقف المستمر لارتفاع أسعار الصرف حتى وصول الدعم، وقد تم تحقيق الهدف إلى حد ما، والدليل توقف ارتفاع أسعار الصرف عند حدود 1100 -- 1200 ريال خلال الفترة السابقة والحالية".

وأوضح المسبحي أنه: "كان ينبغي أن ينخفض أسعار الصرف إلى الحدود الطبيعية له وهو 600 ريال لكل دولار، وهذا كان من المقرر حدوثه عند وصول الوديعة والمساعدات الدولية، لكن تأخرت".

وأختتم: "من الطبيعي أن تتأثر مزادات البنك بتوقف تصدير النفط، لأن 60 % من إيرادات الدولة تعتمد على إيرادات تصدير النفط، كما أن 70 % من قيمة المزادات المعلنة بالدولار تأتي من إيرادات تصدير النفط، بالإضافة إلى أن البنك لا يستطيع أن يدفع رواتب موظفين مناطق الحوثي، مالم يقومون بتوريد كافة الإيرادات، ومنها الضرائب والجمارك إلى حساب البنك المركزي عدن".

استقرار نسبي

من جانبه يرى الباحث والمحلل الاقتصادي اليمني ماجد الداعري أن قيادة البنك المركزي الحالية "حققت استقرار نسبي يحسب لها في صرف العملة المحلية، وأوقفت جزء من المضاربات والتلاعب بأسعار الصرف، بحيث تراجع الدولار من حدود الـ1500 إلى مابين 1000 و1200 ريال للدولار كأعلى سقف ".

وأضاف الداعري في حديث خاص : "بغض النظر عن وجود سياسة نقدية لدى إدارة البنك من عدمه، فإن مايحسب لها أنها طمأنت السوق إلى حد كبير بوسائل مختلفة، منها التصريحات والبيانات التخذيرية للصرافين، وإبقاء سوق الصرف والشعب على أمل وانتظار دائم لمساعدات ومنح مالية لم تأتي حقيقة".

وتطرق الداعري إلى أبرز اخفاقات البنك المركزي، حيث قال أنها تتمثل في: "فشله في إيجاد شبكة ربط إلكترونية للتحكم بشبكات الصرافة حتى اليوم، مايتيح للصرافين الاستمرار في عمليات المضاربة، نتيجة استمرار غياب أي دور رقابي أمني وإشرافي حكومي عليهم، إضافة إلى غياب أي لائحة تنظيمية حقيقية لعمل شركات الصرافة مبنية على رؤية وطنية أو سياسة نقدية لكيفية تعاملها مع الواقع المصرفي المختل بفعل الحرب وتداعياتها، واستمرار غياب الكثير من المساعدات والمنح الدولية، ومنع التحويلات البنكية إلى اليمن، وعجز البنك المركزي والحكومة عن إقناع أي بنك خليجي بالتعامل المباشر مع أي بنك حكومي يمني، بما فيها الموجودة إدارتها بعدن كالبنك الاهلي وكاك بنك".

صعوبات مصيرية

وحول مقدرة الحكومة وبنكها المركزي في عدن على الاستمرار بصرف مرتبات الموظفين بمناطق الحكومة الشرعية، يرى الداعري أن الحكومة "تواجه صعوبات مصيرية وشحة كبيرة في السيولة النقدية قد يدفعها لإعادة طباعة النقود، إذا ما استمر تعطيل الحوثيين لتصدير النفط وتهديداتهم للسفن والشركات النفطية".

وأضاف:" هذا يجعل من إمكانية صرف المرتبات لموظفي مناطق الحوثي بحكم المستحيل، قبل وقف الحرب وتحييد الاقتصاد وموانئ النفط، والتوصل إلى تفاهمات وطنية حقيقية بضمانات دولية تقضي بتوحيد السياسة النقدية للبلد وبنك مركزي موحد ملزم بخدمة كل الشعب اليمني، والاتفاق على سعر صرف موحد وقبول التعامل بكل الطبعات النقدية بمختلف مناطق اليمن، واستكمال الإصلاحات الاقتصادية المالية، ومحاربة الفساد، وتفعيل قوانين غسل الأموال ومكافحة جرائم تهريب وتبييض الأموال، وصرف المرتبات بالدولار، وإيداع عوائد النفط بحسابات بنكية خارجية بدلا عن البنك المركزي بعدن المحتاج إلى العملة الصعبة لدعم مزاداته التطمينية للسوق ".

اخفاقات

وأشار إلى أن "تأثيرات تلك المزادات محدودة نتيجة عوامل عدة، من أبرزها سوء آلية تنفيذ المزادات، واسقف وشروط وتوقيتات إعلانها، وعدم تفعيل جوانب الرقابة لضمان تحقيقها للنتائج المرجوة في استقرار الصرف وتحسين قيمة العملة المحلية، خاصة مع التحديات المصيرية التي تعصف بالاقتصاد الوطني بشكل عام في ظل استمرار هجمات مليشيا الحوثي التخريبية التعطيلية الكارثية على قطاع النفط وأمن الملاحة الدولية، واستفحال تأثيراتها يوما بعد يوم على مختلف مناحي الحياة بعموم اليمن، وخصوصا المناطق الجنوبية التي تعيش اليوم حالة حصار اقتصادي وتجويع مدروس من قبل مليشيا إرهابية انقلابية يهادنها المجتمع الدولي على حساب معاناة الشعب اليمني المسحوق ".

كما يرى الداعري أن من الإجراءات الاخفاقية التي تنفذها قيادة البنك المركزي الحالية هي: "وضع اشتراطات تعجيزية على انشاء بنوك جديدة، وتعمدها الاستمرار في تنفيذ تلك السياسة التصعيبية المدروسة بتعطيل طلبات انشاء بنوك، ومنها بنوك مستوفية لكل الشروط، كما عمدت على تأخير البث في طلباتها أولا، قبل التورط في خلق خلافات بين أطرافها، قبل التورط المفضوح بمنح تراخيص لبعض المنشقين لتأسيس بنوك جديدة على حساب طلبات تراخيص الأصل، كبنك حضرموت الذي سمح لتأسيس بنك حضرموت التجاري، وبنك عدن ومنح ترخيص لإنشاء بنك عدن الأول وغيرها، كل هذا من أجل تفتيت وتقزيم وتعطيل قوة تلك البنوك التي كانت كفيلة بخلق الكثير من التوازنات الاقتصادية وإيجاد مراكز مالية بالجنوب منافسة لصنعاء تكون قادرة على التأثير المالي والمصرفي بالبلد وفرض سياسية نقدية تخدم الجميع وكسر احتكار الهيمنة المقدسة لصنعاء على كل الأمور ومجريات الاقتصاد الوطني".

المزادات

من جانبه، يرى أستاذ العلوم المالية والمصرفية بجامعة الحديدة، عبدالواسع الدقاف في تصريح خاص، أن: "هناك فهم مالي ومصرفي خاطىء وملحوظ لعمل البنك ومنها المزادات، وتوظيف سياسي غير واقعي عن الاثر الايجابي للمزادات والذي تعكسه حركة السوق، وكذلك للقيود والعراقيل التي تقف امام ادارة البنك عبر اطراف متعددة من هنا ومن الشرعية والتحالف والصرافين والحراك والاصلاح والمؤتمر، والاهم من نتائج وتراكمات اخطاء ادارة البنك السابقة بالذات 2018".

خاب الظن

بدوره يرى المحلل الاقتصادي أيمن العاقل: "مر عام على تعيين قيادة جديدة للبنك المركزي، وللإسف الشديد إن مستويات الظن خابت كثيرا حتى مع استقرار اسعار الصرف، خصوصًا مع استمرار بيع البنك المركزي العملة دون تغذية راجعة، اضافة لذلك لم يتحصلوا على الدعم المعلن عنه، وايضا توقف ايرادت تصدير النفط اليمني".

وأضاف في حديث خاص: "كل هذا يضع ادارة البنك الجديدة في موقف محرج وسخط شعبي كبير، وفي اعتقادي انه لن يستمر البنك المركزي بييع العملة نظرا لقرب نفاذ الإحتياطيات الخارجية للبنك المركزي من عملة اجنبية مما ينذر بكارثة اقتصادية قادمة".

وأختتم العاقل: "استبعد ان يدفع البنك المركزي رواتب الموظفين في مناطق الحوثين لعدة اسباب، اولها ان دفع البنك المركزي في عدن رواتب الموظفين هو اعتراف ضمني ان البنك هو المركز الرئيسي وايضا نقوول ان الحرب انتهت".