توافدت الأربعاء أعداد غفيرة إلى سقز بمحافظة كردستان في غرب إيران، مسقط رأس الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني، لإحياء أربعينيتها، في مشهد يذكر بالأربعينية التي يحييها الإيرانيون عادة بمناسبة ذكرى الحسين كشهيد ومظلوم، فهي شهيدة أيضا ومظلومة.
لكن المشهد مختلف، فأربعينية أميني جاءت على عكس ما يريده المرشد الأعلى علي خامنئي ورجال الدين المحيطون به، وبدل أن تكون تظاهرة لمديح النظام الديني المهيمن في إيران، فقد رفعت فيها شعارات ضده، حيث ردد الحاضرون من النساء والرجال الذين تجمعوا في مقبرة آيجي بالمدينة، شعارات من مثل “امرأة، حياة، حرية” و”الموت للدكتاتور”، بحسب أشرطة فيديو بثت على وسائل التواصل الاجتماعي.
ورددت إحدى المجموعات في شريط فيديو نشره ناشطون على تويتر “كردستان، كردستان، مقبرة الفاشيين”.
وأطلقت قوات الأمن الإيرانية النار والغاز المسيل للدموع على المتظاهرين بعد تلك الشعارات ومخافة أن تتحول الأربعينية إلى منطلق لاحتجاجات جديدة وتهز من شرعيته فيما يحرص النظام على إرسال الملايين إلى العراق للاحتفال بذكرى الحسين بهدف استثمار الأربعينية لتثبيت شرعيته دينيا.
وقالت منظمة “هنكاو”، غير الحكومية التي تراقب انتهاكات الحقوق في محافظة كردستان ومقرها في النرويج، على تويتر “أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع وفتحت النار على الناس في ساحة زندان ببلدة سقز”.
وقطعت السلطات الاتصال عبر الإنترنت في سقز “لأسباب أمنية”، وفق ما أوردت وكالة “إيسنا”، ما يظهر وجود مخاوف من أن تعطي الصور والفيديوهات المنقولة من الأربعينية دفعا للانتفاضة المستمرة لأكثر من شهر، والتي عجزت السلطات عن وقفها باعتماد الخيار الأمني.
وأوضحت الوكالة أن السلطات “قطعت الاتصال بالإنترنت في مدينة سقز لأسباب أمنية بعد توترات ومواجهات متفرقة حصلت بعد إحياء الذكرى”.
وذكر ناشطون في مجال حقوق الإنسان أن أجهزة الأمن حذرت عائلة أميني من إقامة مراسم في ذكرى الأربعين والطلب من الناس زيارة قبرها وإلا “عليهم أن يقلقوا على حياة ابنهم”.
والثلاثاء نشرت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء “إرنا” بيانا قالت إن العائلة أصدرته جاء فيه “نظرا للظروف ومن أجل تجنّب أيّ مشكلة مؤسفة، لن نحيي ذكرى مرور 40 يوما” على وفاة مهسا.
وأظهرت صور نشرتها منظمة “هنكاو” تواجدا كثيفا لقوات الأمن اعتبارا من مساء الثلاثاء في سقز، وقد تكون أغلقت مداخل المدينة.
ورغم ذلك دخل العشرات من السكان إلى البلدة، إما عبر الحقول وعلى طول الطرقات بالسيارات أو الدراجات النارية بحسب الصور التي نشرتها منظمة “هنكاو”.
وبحسب هذه المنظمة فإن لاعبي كرة قدم الإيرانيين البارزين، الهداف الأسطوري علي دائي وحارس المرمى حامد لك، توجها إلى سقز “رغبة منهما بأن يحضرا ذكرى الأربعين”.
وكان تم استجواب علي دائي في السابق بسبب تصريحات أدلى بها على الإنترنت لدعم الحركة وصودر جواز سفره لفترة وجيزة.
وأدت أعمال القمع التي قامت بها قوات الأمن بحق المحتجين إثر وفاة مهسا أميني في مختلف أنحاء إيران إلى سقوط 141 قتيلا على الأقل بينهم أطفال بحسب حصيلة جديدة أوردتها منظمة حقوق الإنسان في ايران.
وأعلنت السلطة القضائية الإيرانية الأربعاء توجيه الاتهام إلى زهاء 300 موقوف على صلة بالتحركات التي تشهدها إيران، ما يرفع إلى أكثر من 1000 عدد الذين وجّهت إليهم اتهامات مرتبطة بالاحتجاجات التي أعقبت وفاة مهسا أميني.
ويضاف هؤلاء إلى مئات سبق توجيه الاتهام إليهم، توزعوا بين طهران (أكثر من 300 شخص) وألبرز إلى الغرب منها (201 شخص)، وخوزستان في الجنوب الغربي (أكثر من 100)، وما مجموعه أكثر من 200 في محافظات كردستان (غرب) وقزوين وأصفهان (وسط).