عرب وعالم

الإثنين - 24 أكتوبر 2022 - الساعة 07:02 ص بتوقيت اليمن ،،،

العرب


تسعى السعودية من خلال مبادرة طموحة تتضمن تخصيص استثمارات لتطوير سلاسل الإمدادات العالمية لتقديم حزمة من الحوافز المالية وغير المالية للمستثمرين لبناء قاعدة لوجستية تجعل البلد واحدا من أهم المراكز على الخارطة الدولية في هذا المجال.


وتستهدف المبادرة التي أطلقها ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان الأحد، وخصص لها “ميزانية حوافز” بقيمة 10 مليارات ريال (2.66 مليار دولار)، تعزيز موقع البلد كمركز رئيسي وحلقة وصل حيوية في سلاسل الإمداد العالمية.

وتندرج هذه الخطوة في سياق سلسلة من المبادرات الإستراتيجية للاستثمار والتي أطلقها ولي العهد السعودي منذ أكتوبر العام الماضي لتسريع وتيرة الأعمال والاستفادة من كل التحديات الراهنة والمستقبلية وتحويلها إلى فرص جذابة.

وتستفيد الحكومة من الارتفاع الحاد في أسعار الخام منذ بداية الحرب في شرق أوروبا وارتفاع الطلب عقب تخفيف قيود الإغلاق في معظم الدول جراء الأزمة الصحية من أجل الإسراع في تنفيذ إصلاحاتها.

وسيتم تطوير إستراتيجية موحدة لاستقطاب سلاسل الإمداد العالمية إلى أكبر اقتصادات المنطقة العربية بهدف جذب استثمارات نوعية، صناعية وخدمية، بقيمة 40 مليار ريال (10.63 مليار دولار) خلال العامين الأولين من إطلاق المبادرة.

وأكد الأمير محمد بن سلمان أن هذه المبادرة ستكون فرصة كبيرة لتحقيق نجاحات مشتركة، فهي ستسهم في تمكين المستثمرين من الاستفادة من موارد البلاد وقدراتها لدعم وتنمية هذه السلاسل، وكذلك “تمكين المملكة من تحقيق طموحات وتطلعات رؤيتها”.

وتعمل الرياض العضو البارز في تحالف أوبك على استكمال الإصلاحات التنظيمية والإجرائية التي ستسهم في مواصلة تحسين بيئة الاستثمار وزيادة جاذبيتها وتنافسيتها.

وذكر بيان للحكومة نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية أن “المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمية تُتيح للمُستثمرين تطوير استثماراتهم مستفيدين بما تتمتع به المملكة من مزايا تنافسية تُعزز فرص نجاح هذه الاستثمارات”.

وتشمل هذه المميزات قوة اقتصاد البلد الخليجي الثري وتناميه والموقع الجغرافي الإستراتيجي في قلب ثلاث قارات وتوفر مصادر الطاقة كالنفط والغاز والكهرباء ومصادر الطاقة المتجددة.

وعلاوة على ذلك، المستوى التنافسي لتكاليف مقومات الإنتاج الرئيسة الذي تتمتع به السعودية، مثل الكهرباء والغاز الطبيعي والقوة العاملة.

وتريد الحكومة من المبادرة جعل السعودية البيئة الاستثمارية الأمثل للمستثمرين في سلاسل الإمداد عبر العديد من الخطوات.

ومن بين تلك الخطوات حصر وتطوير الفرص الاستثمارية وعرضها على المستثمرين، وإنشاء عددٍ من المناطق الاقتصادية الخاصة التي يمكن من خلالها إيجاد بيئة جاذبة للمستثمرين، بالإضافة إلى جذب المقرّات الإقليمية للشركات العالمية.

وتهدف السلطات من كل ذلك إلى جعل قطاع الاستثمار الركيزة الأساسية من أجل تحقيق النمو الاقتصادي وتنويع القاعدة الإنتاجية في السوق المحلية، في ظل مستهدفات “رؤية 2030”.

وتتيح المبادرة للمستثمرين تطوير استثماراتهم مستفيدين بما تتمتع به البلاد من مزايا تنافسية تُعزز فرص نجاح هذه الاستثمارات.

ويقود الأمير محمد بن سلمان مساعي لزيادة مساهمة القطاع اللوجستي في الإيرادات السنوية غير النفطية للسعودية، وهي أكبر اقتصاد عربي وأكبر الدول مساحة في الخليج، إلى حوالي 45 مليار ريال (12 مليار دولار) بحلول عام 2030.

وأعلنت السعودية العام الماضي أنها ستستثمر أكثر من نصف تريليون ريال (132.9 مليار دولار) في تطوير البنية التحتية، التي تشمل المطارات والموانئ البحرية، بنهاية هذا العقد.

ومن المتوقع أن تعمل المبادرة الجديدة وفق منهجية متماسكة، أساسها توسيع الشراكة مع القطاع الخاص وتطبيق أعلى الممارسات في استخدام البنى التحتية وتمكين نمو الأعمال وتوسيع الاستثمارات وتعزيز جودة الخدمات التي تقدم للزبائن والمستفيدين.

ويأتي ذلك ضمن المحاولات المستمرة من المسؤولين لكي يحولوا بلدهم إلى مركز في مجال النقل والخدمات اللوجستية بموجب خطة للتنويع الاقتصادي.

وستستفيد المبادرة كذلك من البنية التحتية الرقمية التي شهدت تقدماً هائلا ومستويات عالية من انتشار شبكة الإنترنت والتغطية الواسعة لشبكة الجيل الخامس (جي 5).

كما أن الحكومة تعول على الكوادر المحلية، حيث تقول إن الموارد البشرية تتميز بأنها “شابة ومتعلمة وطموحة، حيث تبلغ نسبة السعوديين، ممن تقل أعمارهم عن 30 عاماً حوالي 60 في المئة من عدد السكان”.

وتسعى السعودية لتنمية وتنويع موارد الناتج المحلي الإجمالي، وتعزيز مكانتها لتصبح ضمن أكبر 15 اقتصادا عالميا بحلول نهاية العقد الحالي.

وبحسب مؤشرات صندوق النقد، فإن الناتج المحلي الإجمالي لأكبر منتج للنفط في العالم سيتجاوز للمرة الأولى في تاريخ البلاد حاجز التريليون دولار أي بواقع 1.04 تريليون دولار بنهاية هذا العام.

وستستفيد السعودية من عوائد النفط الكبيرة التي حققتها طيلة أشهر الحرب في شرق أوروبا، مما ساعدها في ضخ جزء منها في مشاريع بنية تحتية وتحفيز الصناعة والصادرات فضلا عن المضي قدما في سياسة توطين الوظائف مما يحفز سوق العمل المحلي.

وسيأتي ارتفاع حجم الناتج الإجمالي الخليجي بشكل رئيسي من صعود الاقتصاد السعودي بنسبة 24.8 في المئة، بما قيمته 206.5 مليار دولار.

وهذا الرقم يعادل 48.3 في المئة من الزيادة الإجمالية المتوقعة في الاقتصاد الخليجي والبالغة 427 مليار دولار خلال هذا العام.

وبدأ البلد في تنفيذ عدّة خطط وبرامج لتحقيق الاستدامة وحماية البيئة ومواجهة التغير المناخي تشمل مبادرتي “السعودية الخضراء” و”الشرق الأوسط الأخضر”.

وكذلك برنامج تنويع مزيج الطاقة المُستخدم في توليد الكهرباء، لتكون نسبة الطاقة المتجددة في مزيج إنتاج الطاقة الكهربائية 50 في المئة بحلول عام 2030.

وفي العام الماضي تمكنت السعودية من تحقيق قفزة قياسية في جذب الاستثمارات الأجنبية وهو ما يعطيها بحسب المحللين دفعة قوية من أجل جني المزيد من الإيرادات مع تنفيذ خطط التحول الاقتصادي.

وأشارت بيانات رسمية نشرتها وزارة الاستثمار في مارس الماضي إلى أن صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر نما بنحو 257.2 في المئة على أساس سنوي.