أخبار اليمن

الأربعاء - 22 يونيو 2022 - الساعة 05:02 م بتوقيت اليمن ،،،

إرم نيوز / كرم أمان


أثارت وثائق رسمية صادرة عن البنك المركزي اليمني من مقره الرئيس بالعاصمة المؤقتة عدن، بترحيل أكثر من 400 مليون ريال سعودي وإخراجها عبر مطار عدن إلى السعودية، ضجة كبيرة وحملة إعلامية واسعة وصفتها بعمليات تهريب أموال وإفراغ عدن والمحافظات المحررة من العملة الصعبة، فضلا عن آخرين ذهبوا للتشكيك في قانونيتها ونزاهتها.


خمس وثائق رسمية تم تداولها خلال الأيام الماضية، صادرة عن قطاع الرقابة على البنوك، في البنك المركزي اليمني، تتضمن الوثائق توجيهات من وكيل القطاع منصور راجح، إلى مدير مطار عدن الدولي، بالسماح بمرور هذه الأموال ونقلها إلى السعودية، بناء على طلب من بنك التسليف التعاوني الزراعي ”كاك بنك“ لتغذية أرصدته بالخارج لدى البنوك المراسلة، وبإجمالي يصل إلى أكثر من 400 مليون ريال سعودي، خلال المدة الممتدة من يناير وحتى يونيو 2022.

وتداولت وسائل إعلام يمنية تلك الأنباء وأدرجتها في خانة عمليات تهريب الأموال وتجريف للعملة الصعبة من عدن، التي تشهد تدهورا حادا في قيمة العملة الوطنية، جراء استمرار الحرب بالبلاد وتردي الأوضاع الاقتصادية، في ظل استمرار سريان قرار تعويم العملة، الذي أصدره البنك المركزي اليمني في عدن منذ 5 أعوام.

كاك بنك يوضح

في هذه الأثناء، أصدر بنك التسليف التعاوني الزراعي ”كاك بنك“ من مقره الرئيس في عدن، بيانا صحفيا ، نُسب إلى مصدر مسؤول في البنك، نفى فيه كل ما يتداول بهذا الشأن، واصفا ذلك بـ“الشائعات المغرضة“، مؤكدا أنه بنك حكومي مملوك للدولة بنسبة 100%، وأن كل عمليات الترحيل التي ينفذها البنك المركزي عبر كاك بنك سليمة وقانونية، وكانت قائمة ومعمول بها منذ ما قبل حرب 2015.

و أكد مصدر مسؤول في كاك بنك، في تصريح أدلى به لـ“إرم نيوز“ أن عمليات الترحيل طبيعية واعتيادية، كون كل البنوك تحتاج إلى تغذية أرصدتها في الخارج كي تستطيع الاستيراد أو لفتح الاعتمادات المستندية.

وأضاف أن كل البنوك كانت تقوم بالسابق بترحيل العملة الأجنبية أسبوعيا أضعاف هذا المبلغ، منذ ما قبل 2011 وبعده حتى العام 2014، ولكن بعد ذلك توقفت عمليات الترحيل بسبب الحرب، بتوجيهات من قيادة التحالف العربي، واستؤنفت حتى سمح بذلك مطلع 2022 .

وبين المصدر أن ”ترحيل العملات الأجنبية من عدن له عدة أسباب، منها: تغذية أرصدة البنوك في الخارج لديمومة عمليات الاستيراد، ووقف عمليات المضاربة بالعملة في السوق المحلية، وإغلاق الباب أمام عمليات تهريب العملات عبر المنافذ البرية التي كانت تتم وبصورة واسعة خلال الفترة الماضية، خاصة بعد العام 2015، لهذا نجد أصوات بعض المتضررين ترتفع وتهاجم الترحيلات الرسمية الحالية“.

لماذا إلى السعودية؟

قال مصدران مسؤولان في البنك المركزي اليمني عدن، ردا على استفسارات حول أسباب ترحيل الأموال إلى المملكة العربية السعودية فقط دون غيرها، أن “ هناك عدة أسباب، منها، حجم التبادل التجاري الكبير بين اليمن والسعودية، والسبب الآخر هو أن العملة ريال سعودي ومن الطبيعي أن يقبل في بلده، وأيضا السعودية عضو في التحالف العربي، وهم من يمنح تراخيص للطيران، فالمنفذ الرئيس للبنوك اليمنية هو البنوك السعودية والإماراتية، ولكن لا توجد رحلات طيران مباشرة من عدن إلى الإمارات حاليا ”.

وعن أسباب وأهداف هذه الترحيلات، أوضح المصدران أنه ”بدل تهريب العملة عبر منافذ المهرة من قبل صرافين، فإنه يتم إخراجها رسميا من قبل بنوك لتمويل استيراد السلع الأساسية، ولا يتم السماح للبنك بإخراج الدفعة الثانية إلا بعد أن يقدم سوفتات التحويل وكيفية استخدامها، ونؤكد هنا أن معظم هذه الأموال المرحلة هي لسداد قيمة استيراد وقود تم شراؤه من السعودية ”.

وأضاف المصدران ”هناك انزعاج سائد لدى البعض من الصرافين، لأن عودة ترحيل الأموال عبر البنوك سيسحب البساط من تحت أرجلهم ويحجّم سيطرتهم، علما أنه في عام 2014 تم ترحيل نحو 3.6 مليار دولار أي مايعادل 10 مليارات ريال سعودي عبر مطارات صنعاء وعدن والمكلا“.

لماذا كاك بنك فحسب؟

ومن الاستفسارات التي تم تداولها، وطرحتها إرم نيوز على مسؤولين رفيعين في المركزي اليمني ، هو لماذا حصر كافة عمليات التحويلات إلى الخارج عبر كاك بنك فقط دون غيره من البنوك الحكومية، مثل البنك الأهلي اليمني مثلا، قال المصدران : "الترحيل مفتوح لكل البنوك، ولكن مايقيدها هو استيفاء بيانات مصادر الاموال واستخدامها، وايضا موافقة السلطات النقدية في البلد التي سيتم اليها ترحيل النقد، وكما قلنا أن المتاح حاليا الترحيل إلى السعودية فقط، مع التأكيد أن موضوع الترحيل تم طرحه وبحثه في اجتماع رسمي لكل البنوك في البلد". 

وتابعا: "الجميع يعرف انه لا يمكن ان تنقل حتى 100 الف سعودي الى المملكة العربية السعودية دون اجراءات ومعرفة مصادر الاموال، وأين ستذهب تلك الاموال، فالاصل هو أن تكون العملات الاجنبية في حسابات البنوك لدى بنوكها المراسلة في الخارج، حتى تتمكن البنوك من فتح الاعتمادات المستندية والتحويلات التجارية لاستيراد السلع بما فيها الغذاء والمشتقات النفطية".

بداية دخول الصرافين

وتابع أحد المصدرين: "لم يسبق أن قام البنك المركزي بترحيل اي مبلغ من سابق، لان ليس من مهام البنك المركزي ترحيل النقدية للعملاء، فالبنك التجاري يحصل على النقد الاجنبي من عملاءه، ولكن بعد انقلاب الحوثي وتوقف المطارات تكدست المليارات من العملة الاجنبية في خزائن البنوك، ولم تتمكن البنوك من الترحيل، وهذه كانت بداية دخول الصرافين واستحواذهم على تغطية استيراد جزء كبير من السلع".

وأشار إلى أنه : "بعد عجز البنوك عن ترحيل النقد الاجنبي لتغذية حساباتهم لدى بنوكهم المراسلة، وفي نفس الوقت قام الصرافون بترحيل وتهريب العملة الاجنبية عبر المنافذ وخاصة عبر منافذ المهرة، أصبح لدى الصرافين سيطرة على النقد الاجنبي، فالجميع يعلم أن هناك مليارات الريالات السعودية والدولارات تخرج عبر منافذ المهرة سنويا، بل إن تهريب العملة يتم بشكل يومي، فعودة البنوك لترحيل العملة يساهم في عودة الدورة النقدية للبنوك ويسحب البساط من ايدي الصرافين".

مطار عدن

وبشأن قانونية مخاطبة البنك المركزي اليمني لإدارة مطار عدن الدولي، بشكل مباشر، دون العودة إلى وزارتي المالية والنقل وهيئة الطيران، أكد المصدران أن ”قانون البنك المركزي يسمح بذلك، فالخطاب للمنافذ مباشرة لتحديد حركة النقد، هو حق للبنك المركزي ومكفول بقانون إنشائه وتأسيسه“.

بدوره، قال مدير مطار عدن الدولي، عبدالرقيب العمري، في تصريح لـ“إرم نيوز“: ”البنك المركزي هو المسؤول الأول عن كل الأوراق النقدية في البلد، ونحن في مطار عدن ليس لنا علاقة بالأمر، فمهامنا وصلاحياتنا محددة ومعروفة، وتم إبلاغ الجهات المعنية والمسؤولة بالدولة، حول هذه الأموال المرحّلة، وتم السماح لها بالمرور“.

من جانبه، قال الباحث و المحلل الاقتصادي اليمني، ماجد الداعري إن هناك ”تفاهمات مسبقة حول عمليات الترحيل، بين هذه الجهات، وهذا الترحيل ليس للمرة الأولى، وليس مقتصرا على كاك بنك، إنما البنوك كلها، ومنذ ماقبل 2011 وما بعده حتى 2015، وحتى البنك المركزي نفسه يقوم بترحيل سيولة لتغذية حساباته الخارجية، والمذكرات الموجهة للمطار مباشرة، ليست إلا للتأكيد لإدارة المطار والجهات الاستخباراتية الأمنية هناك، بأن البنك المركزي اطلع وفحص وراجع تلك الأموال وإنها مطابقة لإجراءات الترحيل القانونية، حسب ما ورد في تفاصيل المحضر التوضيحي الموجه لكل الجهات الحكومية المختصة، ومنها: المالية، والنقل، والنفط، وحتى الشؤون القانونية“.

وتساءل الداعري ”منذ متى كانت عمليات تهريب الأموال تتم عبر مطارات الدولة وبتراخيص رسمية موضحة الأسباب من البنك المركزي اليمني؟“.