كتابات وآراء


السبت - 22 يناير 2022 - الساعة 01:11 ص

كُتب بواسطة : خالد سلمان - ارشيف الكاتب



حديث رئيس الإنتقالي لقناتي الحدث والعربية يوم أمس الخميس ، فيه الكثير مما يستحق التوقف أمامه، هناك تغيير في النظر لماهية الصراع، ومغادرة التخندق الذهني حول هدف واحد ، وتخفيف إن لم يكن إنهاء اللغة الحدية ضد الشمال ، والذهاب خطوة أبعد في الإلتزام بتحريره ،مع عدم إسقاط حق الجنوب في إستعادة دولته ،في حدود ما قبل عام ٩٠ بكامل حدودها الجغرافية غير المنقوصة.

تجديد هذا الموقف الإنتقالي يحيلنا إلى البحث عن ضمانات ما بعد دحر الإنقلاب ، هل هو رؤية منفردة لقيادة الإنتقالي ، أم نتاج مشاورات مع التحالف ،تحت عنوان تحرير الشمال مقابل إستقلال الجنوب؟.

في السياسة ليس كل شيء يُقال علناً ،لكن من الطبيعي أن مثل هكذا طرح لرئيس الإنتقالي ليس حرثاً في الفراغ، بل له مايدعم حيثياته في مفاوضات الكواليس.

الأهم من ذلك، أن الإنتقالي يغادر مربع تمترسه القطعي غير قابل للتفاوض ،حول إستعادة دولة الجنوب بالتصور الذهني المشاع، بعيداً عن كل المشاريع البديلة المطروحة لحل القضية الجنوبية، ليقدم نفسه في حديث الزبيدي بصفة مغايرة، أكثر مرونة وإنفتاحاً على المقاربات الأُخرى، والذهاب حد القول بإقرار آلية الحل وهو الإستفتاء (وهي مفردة كان طرحها، يستوجب التخوين والنبذ وقطع الصلة مع الإنتماء للقضية، من قبل صقور القيادات بل وحتى الحواضن الشعبية ) ، وتقديم كل المشاريع الثلاثة للمواطن الجنوبي، ليقرر أياً منهم يراه مناسباً لتطلعاته، في صياغة كيانه الدستوري القانوني.

كنا من خلال متابعاتنا لحوارات قادة ونقاشات قواعد الإنتقالي ، نرى أن هناك تجريم لأي محاولة لإعمال وتنشيط العقل، والتفكير خارج سرب إستعادة دولة الجنوب، أو حتى حول الفكرة بتنظيرات مختلفة ، وشيطنة الوسائل الديمقراطية لتحقيق ذلك الهدف ، وتضخيم المخاوف من التغيرات الديمغرافية.

الآن ومن خلال حديث رئيس الإنتقالي يوم أمس ،نرى قدراً كبيراً من التحول في تأمل وقراءة المشهد ، والقول بلغة غير مسبوقة ،بأننا منفتحون على المشاريع الثلاثة:
الدولة المستقلة ،
ودولة الإقليمين
، أو الإبقاء على شكل الدولة المركزية
، وأن من سيقرر ذلك هو المواطن الجنوبي عبرالصندوق وليس بالقوة القهرية.
هل هو تراجع إلى الوراء؟
هل هو نتاج ضغوط إقليمية؟

في تقديرنا إنها المرونة السياسية ،التي تعيد توصيف الراهن وتبدلات موازين القوى ،والنفاذ إلى قلب التفاعلات الوطنية وما فوق الوطنية ، مرونة تضع عربة المصلحة خلف قطار الحل المطروح، لا أمامه ، مرونة لا تخلو من شجاعة مؤسسة على الحامل العسكري، وإنجازات القوات الجنوبية في الميدان ، مع عدم إستبعاد حقيقة أن التشبث بخيار من وجهة نظر أحادية متصلبة في ظل ممانعة إقليمية، لن ينتج حلاً متوافقاً عليه، وفي التفاوض لا يوجد كاسباً واحداً، بل شركاء يتقاسمون المكاسب ويصيغون الحلول المتوازنة.

دولة جنوبية ،أم العودة لشكل الدولة الواحدة أم إقليمان؟
، خيارات يحسمها المواطن الجنوبي ونتائج الميدان العسكري ، مع ضمانات الإقليم، وآليته كما جاء في حديث الزبيدي الإستفتاء.

هل هو خروج عن النص التعبوي وتغيير المواقف ؟

أتصور تعدد الأدوات يمنحك مساحة أوسع للمناورة والحركة،وطيف الخيارات يعزز الفكرة ولا يلغيها.