كتابات وآراء


الثلاثاء - 02 أبريل 2024 - الساعة 08:54 م

كُتب بواسطة : محمد المسبحي - ارشيف الكاتب



في الوقت الذي تتنازع فيه القوى الإقليمية والدولية على توسيع رقعةِ نفوذها في الشرق الأوسط، وسط دوي طبول حرب وشيكة مازالت تقرع هنا وهناك على مدار الساعة، كان لي حديث مع دكتور جامعي حول إعلان رئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد عوض بن مبارك عملية إصلاحات شاملة... فسألني ما هو الهدف النهائي لليمن؟

اليمن وعلى مدى 34 عاماً الماضية عاش سلسلة حروب مدمرة، أولها حرب 94م مروراً بالثورات العربية 2011 وإسقاط النظام السابق، وآخرها حرب 2015م، خلَّفت هذه الحروب دماراً وخراباً ومآسيَ حوَّلت اليمن إلى أضعف دولة في المنطقة، وتبدَّدت ثرواته المالية والاقتصادية وأصبح مديناً بمئات المليارات لمختلف دول المنطقة والعالم، وانهارت بناه التحتية وقدراته العسكرية والزراعية، حتى طال الفقر أكثرَ من نصف سكانه، وتفشت البطالة وتهاوت قطاعات التعليم والصحة والخدمات الأساسية، والأهم من كل ذلك، خسائره البشرية من شباب وفتية وأطفال ونساء بأرقام مفزعة.

على رغم تلك التركة الثقيلة، وضعت الحكومة الحالية برئاسة الدكتور احمد عوض بن مبارك، على عاتقها مسؤولية إعادة بناء الدولة وفق برنامج طموح، إلا أنَّها وجدت نفسها في ساحة صراع إقليمي ودولي من دون اكتراث الجهات المتصارعة لمصلحة اليمن وصب اهتماماتهم بالمصالح الذاتية، دون مراعاة التحديات التي تواجهها الجمهورية اليمنية وتعقّد المشهد أكثر بعد أحداث غزة.

إنَّ الحكومة عازمة على تحقيق أهدافها، ولا يمكن عمل ذلك إذا بقي اليمن ساحةً للصراعات وسط وضع أمني وعسكري قلق ومتوتر ينذر بحرب أكبر وأوسع ممَّا نشهده حالياً.. علما إنَّ إيقاف رحى هذه الحرب يحتاج إلى تحرك على أكثر من صعيد وفي أكثر من اتجاه:

الأول: تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية مع الدول الشقيقة والصديقة بشكل يخدم اليمن، ويتناسب مع احتياجات الدولة اليمنية، وبما يخدم المصالح المشتركة مع تلك الدول.

ثانياً: إبعاد اليمن عن ساحة الصراع، على أن لا يكونَ طرفاً في الصراعات الإقليمية، وليبقى على مسافة واحدة مع الدول كافة، في مقدمتها المنخرطة في هذا الصراع. فاليمن يعد كلاً من الخليج والولايات المتحدة وروسيا والصين شركاء استراتيجيين له، ولا يمكن أن يكونَ طرفاً فيما يدور بينهما على مستوى المنطقة برمته، وهذا الصراع يتجلّى في التدخل الإيراني واستخدام الأراضي اليمنية لدعم وجود مليشياتها في شمال اليمن لتنفيذ اجندتها ومشروعاتها التدميرية في المنطقة.

ثالثاً: تقوية الوجود اليمني على الساحة الإقليمية والدولية، فاليمن لا يمكن أن يكون تابعاً لأحد ولا ساحة خلفية لأي طرف، على اعتبار أن لدى اليمن مقومات كثيرة تساعده ليلعب دوراً محورياً في السياسة والدبلوماسية العالمية، بالنظر إلى أهمية موقع اليمن الذي يجعله دولة مهمة في المياه الإقليمية والممرات البحرية الدولية، لدى اليمن موقع استراتيجي وهي الدولة العربية الوحيدة التي لديها علاقات متميزة مع جميع دول الجوار والدول العظمى بشقيها الشرقي والغربي، كما أنَّها دولة ذات أهمية خاصة في محاربة الإرهاب.

رابعاً: تنمية المصالح المشتركة بين دول المنطقة والمجتمع الدولي، فاليمن يريد إعادة بناء الدولة وبُناها التحتية، ولديه ما يحتاجه من ثروات وإمكانيات مادية وبشرية هائلة لعرض المشاريع الاستراتيجية التي تستفيد منها هذه الدول لتشغيل شركاتها واقتصادها، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

إنَّ إنهاء حالة الحرب أولوية لليمن وبالعودة إلى سؤال الدكتور الاكاديمي ، فاليمن يريد أن يحقق لشعبه وبكل الوسائل الممكنة الاستقرار والازدهار، ولدى اليمن كل المقومات المطلوبة من ثروات طبيعية وبشرية وموقع جغرافي استراتيجي هام.

لقد ذاق الشعب اليمني جنوبا وشمالا الأمرين مما مر عليه من ويلات وحروب وآلام لعقود من الزمن، وحان الوقت الذي ينبغي فيه أن يعيش بسلام، والذي بات وشيكا، فضلاً على كون إصرار رئيس الوزراء وتمسكه بإنجاز ما جاء في برنامج حكومته، بات يمثل غاية طموحات اليمنيين. وتطلعاتهم المشروعة.. وعلينا أن نتذكَّر على الدوام أن الفرص لا تأتي إلا مرة واحدة في غالب الأحيان، وهذه الفرصة هي الأهم للشركاء من الدول الصديقة والشقيقة وعليهم أن يتذكروا بأنَّ استقرار اليمن وازدهاره هما مفتاح استقرار المنطقة السياسي والأمني وازدهارها الاقتصادي.