كتابات وآراء


الإثنين - 01 أبريل 2024 - الساعة 12:09 ص

كُتب بواسطة : محمد المسبحي - ارشيف الكاتب



ليسَ الفساد أن يقدم المخالف لشرطي المرور أو موظف البلدية أو الكهرباء أو المحقِّق أو القاضي مبالغَ من المال مقابل إلغاءِ عقوبة (مخالفة القانون وسرقة المال العام من الغرامات).

و لا الفساد

أن يوصِفَ الطبيبُ فيتامينات لا يحتاجها المريض لأنه اتفق على مناصفة أرباحها مع وكيل مبيعات الأدوية، أو يشترط الأستاذ شراء كتب و ملازم لا يحتاجها الطالب (إبتزاز واستغلالَ الوظيفة أو المهنة)

و لا الفساد

أن لا يؤدِّي الموظفُ عمله ُو يقضي يومَهُ بأن يبصمَ بالدخول و يبصمَ بالخروج و لا يعمل الطبيب الحكومي بواجبه أو الممرضة تعتني بالمرضى للدفع إلى أن يذهبوا للمستشفيات الخاصة (تقصير في العمل و انحدار أخلاقي في السلوك المهني)..

و لا الفساد

أن يوصفَ الطبيبُ العلاجَ بطريقةٍ مشفرة يتم شراؤها من صيدلية محددة سعر الدواء فيها أربعة أضعاف السعر الحقيقي، أو يجري جراح عملية لمرضى لا يحتاجوها في المستشفيات الخاصة (الجشع و خيانة امانة)..

و لا الفساد

أن يتم الدفع بلا حياء و لاخجل بالخريجين للعمل كمدرسين محاضرين بالمجان، و الأموال تذهب إلى الكبار من كلّ حدب و صوبٍ دون مراعاة لوضعهم الإجتماعي و المالي و النفسي، أو يتم تعيين الخريجين للأقارب و أبناء المسؤولين أو مَن يدفع مبالغَ تعادل أجور المتعينين لأربع سنوات (إبتزاز و انعدام الوطنية و الضمير)


و لا الفساد

أن يتبايعَ السياسيون على الوزارات ويصل سعر الوزارة بالسعر الفلاني .. و تُباع والرتب ، و تُصبِحُ طائراتنا قديمة من مقابر المعدات يُعاد صبغها ليشتريها قادتنا بعشرات الأضعاف، ثم نستغرب كيف الحال بهذا البلد (إنعدام الضمير و فقدان الشرف ونقص الغيرة)...

و لا الفساد

أن يتم التعاقد على مشاريع وهمية تصرَف لها سلف ضخمة ثُمَّ توقف المشاريع أو نرى مشاريع ترقيعية و تختفي الأموال، أو أن يمنح البنك المركزي في مزاد العملة ملايين الدولارات إلى شركات الصيرفة و تجار عملة هُم أصلًا واجهات لكتل سياسية (إنعدام التخطيط وسرقة المال العام )..

و لا الفساد

أن تكون مخصصات الرئاسة والوزارات و حماياتهم المرافقين ومخصصات مجلس النواب يُشكل جزءا كبيرا من الميزانية لو قللناه إلى الثلث لانعدمت شريحة المواطنين الراقدين تحت خط الفقر و الذين لا يحصلون على 5 دولارات يوميّا (إستغلال المناصب وشرعنة إمتيازات غير قانونية و سرقة المال العام بشكل قانوني)...

و لا الفساد

أن نُغرِق البلد بالديون والقروض و أن يكون نفطنا مِلك الدائنين فنحرم أبناءنا و أحفادنا من عوائده، أو نصرف رواتب ضخمة على موظفين فضائيين أو مسجَّلين فقط على الورق (خيانة و سرقة المال العام)..

الفساد في اليمن بشكل عام ظاهرة مجتمعية في كلِّ مفصل من مفاصل الحياة، عند بائع الفواكه و الخضروات عندما يغشك و سائق سيارة الأجرة إلى مدَّعي الدِّين... الفساد نمط سلوكي يُمثِّل قبولَ ورضى المواطن بالفعل و السلوك الشاذِّ الخارج عن القانون و الأعراف و الدِّين..

المشكلة تكمُن في تعودِ وتطبعِ و تقبل و ترسُّخِ السلوك المادي و الأخلاقي المنحرف و عدم الوقوف الجماعي ضد تداوله و الإنغماس فيه..

إن الحربَ على الفساد يبدأ من الذات و العائلة إلى الأصدقاء و المنطقة قال تعالى: "إنَّ اللهَ لا يُغيِّرُ ما بقومٍ حتى يُغَيِّروا ما بأنفُسِهِم"

إنَّ القضاءَ على الفسادِ قد يستغرقُ وقتا طويلًا وحربا صعبة لأن المُنتفعينَ كُثُر و لكن صرامة القانون و شجاعة مَن يتصدى و استقطاب الخيِّرين و جمع المتضررين و سيادة القانون على الكبير و الصغير، الثري و الفقير، السياسي و المواطن، سيجعلُ اليمن ينطلق عائدًا من المركز الأول في قمة الفساد إلى القاعدة الأساس في النزاهة و الصدق و الشفافية..