كتابات وآراء


الجمعة - 23 سبتمبر 2022 - الساعة 01:32 ص

كُتب بواسطة : د. طه حسين الروحاني - ارشيف الكاتب



بعد حرب الانفصال و/او الوحدة عام ١٩٩٤م تعالت بعض الاصوات من الاصلاح والمؤتمر بجعل ٧ يوليو مناسبة وطنية وبالفعل استمر ذلك سنتين او ثلاث تقريبا وكان يوم عطلة رسمية واحتفالات بسيطة لكنهم انفسهم وجدوا ان المناسبة لم تكن محل اجماع وطني واصبحت ذكراها تنكي الجراح اكثر من ان تداويها، وبالمثل كانت مناسبة ٢٤ اغسطس عام ١٩٨٢م والتي تم فيها اقرار وثيقة الميثاق الوطني وصاغتها واجمعت عليها اغلب القوى السياسية تحولت الى مناسبة خاصة بالمؤتمر الشعبي العام بعد ان تم رفضها ان تكون مناسبة وطنية لعدم تحقق الاجماع الشعبي وان ما تم لم يكن سوى اجماع من النخب السياسية، ايضا ١٧ يوليو ١٩٧٨م ظهرت لها بعض الممارسات في محاولة احيائها الا انها لم تأخذ طابعها الرسمي وفق توجهات الرئيس صالح صاحب المناسبة،

حركة التصحيح في ١٣ يونيو من عام ١٩٧٤م والتي قام بها الرئيس الحمدي ومجلس القيادة واللجنة العليا للتصحيح اخذت نصيبها في جعلها مناسبة وطنية واحياء ذكراها من كل عام من خلال اقامة المهرجانات وارسال برقيات التهاني واعلانات التجار في الصحف واصدار القرارات الجمهورية ووضع حجر الاساس وافتتاح المشاريع في هذا اليوم من كل عام وتسمية الكثير منها باسم ١٣ يونيو حتى وصل الامر الى تسمية مدن حضرية كاملها باسمها، وظنت قيادة الحركة ان السير في هذا الاتجاه سوف يعتاد عليه الناس وتكون اكثر تقبلا مع مرور الزمن، لكن النتيجة كانت ما حدث ويعلمه الجميع، وبالمثل كانت حركة ٥ نوفمبر ١٩٦٧م التي كانت تتقدم الديباجة في القرارات الجمهورية وتستقبل التهاني في الصحف الرسمية الا انها عدلت عن تسمية بعض المشاريع التي كانت قد اسمتها باسمها او رموزها،

وحتى ثورة ٢٦ سبتمبر ١٩٦٢م ورغم الاغلبية التي كانت ترجحها الا انها لم تحظى بالاجماع الوطني الشامل الا بعد ان وضعت الحرب اوزارها واجمع الفريقان المتحاربان ومن ضمن اتفاقهما الاخير عام ١٩٧٠م على اعتبارها مناسبة وطنية لجميع اليمنيين واليوم الوطني للجمهورية العربية اليمنية، رغم ان الطرف الجمهوري كان يعمل جاهدا خلال فترة الحرب على خلق نموذج جمهوري يسعى لتحقيق اهداف ثورته بالتعليم والصحة والجيش والتنمية السياسية والاقتصادية وبناء الدولة، وهو ما غلب النموذج الملكي السائد في بعض المناطق والذي لم ينشئ مدرسة واحدة او قام باصلاح طريق واحدة او اوصل مشروع تنمية يخدم المواطنين الذين كانوا تحت سلطته خلال الثمان السنوات رغم الدعم المادي الكبير والكبير جدا من "الجارة" السعودية،

وعلى الضفة الاخرى وكما كان الوضع في اليمن الشمالي كانت هناك حركات وانقلابات في اليمن الجنوبي امتازت اغلبها بكثير من العنف واطلق الرفاق على بعضها ثورات وحاولوا جعلها مناسبات وطنية وكلما اتت حركة غيرت وقائع ومناسبات من قبلها، وحتى ذكرى تأسيس الحزب الاشتراكي عام ١٩٧٨م رغم شمولية النظام حينها، لكنها وبالنتيجة ودون استثناء تلاشت جميعها ولم تستمر ولم تبقى الا ما اتفقت عليه الجبهتان ايام النضال المشترك وما حظيتا به من الاجماع الوطني الشعبي والرسمي واللتان تمثلتا بذكرى ثورة الـ ١٤ من اكتوبر عام ١٩٦٣م الخالدة وذكرى الجلاء في ٣٠ نوفمبر ١٩٦٧م الى يومنا هذا،

قريبا وليس بعيدا حاول ثوار الساحات ومن خلفهم الاحزاب المتبنية والمشاركة والمنظمات والجهات الخارجية الداعمة للربيع العربي ان يجعلوا من ذكرى ١١ فبراير ٢٠١١م مناسبة وطنية ولم يتمكنوا من ذلك لعدم وجود الاجماع الوطني على مستوى النخب السياسية اولا وعلى المستوى الشعبي ثانيا وفي مبادرات الحل ثالثا، فاقتصرت احياء المناسبة خلال ثلاث سنوات على احزاب اللقاء المشترك ضمن الادوات والوسائل الخاصة والعامة التي يمتلكونها رغم ما كان يرافقها من استفزاز غير مبرر للطرف الاخر والذي مازالت نتائجه وتداعياته تمزق اليمنيين الى اليوم،

ثم ليس عيبا ان تراجع سلطة صنعاء نفسها فيما يتعلق بمناسبة وصولهم الى الحكم في ٢١ سبتمبر من العام ٢٠١٤م وتعيد قراءة بعض اجزاء الاحداث المشابهة خلال الستين السنة الماضية، وستكون حينها امام خيارين فاما ان تخلق نموذج سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي يؤسس لمشروع دولة عادلة يضم الجميع ويغلب الجميع ويقنع المواطن وليس عضو الحركة، واما ان تقتصر المناسبة واحيائها على الحركة واعضائها ومؤيديها ومناصريها وهذا من حقهم دون اكراه او اجبار او تتبع لاحد وسوف يتقبل الناس ذلك،

الاهم من ذلك ان يقتنعوا بانهم اصبحوا يمتلكون كل مقومات الدولة وما يعيبهم هو الممارسات الخاطئة التي يعرفونها اكثر من غيرهم ولا يحتاجون لاحد ان يذكرهم بها في كل مرة، بالاضافة الى الاعتقادات الخاطئة ومنها انهم لن يكونوا دولة الا اذا اهملوا ٢٦ سبتمبر محل الاجماع الوطني واحيوا ٢١ سبتمبر كما يصور لهم بعض المحبين الكارهين، وعلى سبيل المثال لا الحصر ماذا لو كان العرض العسكري الذي تم امس الاربعاء ٢١ سبتمبر ٢٠٢م في ميدان السبعين تم تأجيله واقيم يوم الاثنين القادم ٢٦ سبتمبر ٢٠٢٢م بمناسبة الذكرى الستون لثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة وتم سحب البساط على الجميع،

د. طه حسين الروحاني