كتابات وآراء


الجمعة - 22 مارس 2024 - الساعة 01:27 ص

كُتب بواسطة : د. هيثم الزبيدي - ارشيف الكاتب



تحتاج الفضائيات العربية إلى عملية تقييم لمدى المتابعة لها. ثمة تغيّر مهم يحدث في طريقة مشاهدة البرامج التلفزيونية، ابتعادا عن البث المباشر عبر الأقمار الصناعية والدش، نحو المنصات التي تقدم البث المباشر والبث التدفقي بالاختيار. الوضع السياسي الحالي وموسم رمضان الجاري فرصة لإجراء مثل هذا التقييم.

يتابع المشاهدون العرب الحرب في غزة كأولوية نفسية قبل أن تكون حدثا إخباريا. تستحوذ الفضائيات الإخبارية على الحصة الأكبر في المشاهدة، وتتقاسم هذه الفضائيات فيما بينها نسب المشاهدة.

مرت الفورة الأولى التي صاحبت انطلاقة عملية “طوفان الأقصى”، عندما استحوذت الجزيرة والميادين على نسبة المشاهدة الأكبر.

الآن صار من الوارد للقنوات الإخبارية الأخرى أن تستعيد الاهتمام المفقود في أول أشهر الأزمة، بعد أن خفت جذوة الحماس وصار من الوارد أن يذهب المشاهد إلى العربية أو الحدث أو سكاي عربية لسماع وجهات نظر وقراءات أقل حماسا وأقرب إلى التقييم المعتدل.

البث التدفقي للقنوات الإخبارية مفيد لمعرفة مستوى المشاهدة. هناك الكثير من الكلام عن تفوق وتراجع هذه القناة أو تلك. لكن اليوم توفر الفضائيات الإخبارية بثا عبر منصات محايدة، مثل يوتيوب، بشكل مباشر.

هذه الأرقام لشعبية القنوات ومدى انتشارها، تقدم تقييما يساعد القائمين عليها في تحسين الأداء والوصول إلى المشاهد بشكل أفضل.

على جانب الترفيه، تبدو المنازلة بين الفضائيات غير عادلة. فالتكامل بين فضائية أم بي سي، وقنواتها المختلفة، ومنصة شاهد، يعطي مجموعة أم بي سي التفوق مقدما.

المشاهد العربي يهاجر من شاشة الفضائية إلى شاشة البث التدفقي عن قصد. فمقابل مبلغ شهري معقول، صار بإمكانه أن يختار توقيتات المشاهدة، وأن يتخلّص من حزمات الإعلانات التي تصاحب البث المباشر.

لا يمكن الاستهانة بمدى الازعاج الذي تتسب فيه الإعلانات خلال بث البرامج التي تسترعي الإقبال الأكبر، وخصوصا الدراما. في شهر رمضان، تتزاحم المسلسلات والإعلانات. لديّ مقياس سهل لمستوى الازعاج.

فبعد أن يتم بث المسلسل على الهواء، مع حزمة إعلاناته، يقوم البعض بإعادة توزيعه على يوتيوب من دون إعلانات. إذا ألقينا نظرة على طول حلقة كل مسلسل، سنجد أنها تتراوح بين 25 دقيقة ونصف الساعة.

في العادة، تمنح المسلسلات حصة ساعة تقريبا من البث. وإذا كان المسلسل بطول 30 دقيقة (وربما 5 دقائق إضافية لموسيقى البداية والنهاية واستعادة بعض مشاهد الحلقة السابقة)، فإن ازعاج الإعلانات يمكن أن يصل إلى 25 دقيقة في كل ساعة بث رمضانية.

هذا وقت طويل من إعلانات المستشفيات والتبرع لمرضى السرطان والأيتام، حتى بمقاييس رمضان، حين يزداد الورع الديني والتعاطف الإنساني بحكم الصوم والصلاة وقراءة القرآن.

منصة مثل شاهد توفر البرامج باختيار الزمن ومن دون إعلانات، أثناء رمضان وبعده. هذا يجعلها الطريقة المفضلة للمشاهد الذي تشبع بالإعلانات البكائية ولم يعد يطيقها. ولكن ماذا عن الفضائيات الترفيهية الأخرى، خصوصا الخليجية والمصرية التي لا تبث لتستقطب جمهورها من أبناء البلد، بل الجمهور العربي بالعموم.

الفضائيات الوطنية تبقي على حصتها بحكم نوعية البرامج واللهجة. ولكن، كيف ستحافظ القنوات المصرية مثلا على مشاهديها العرب إذا كان معظمهم يهجرونها إلى المنصات؟

المنصات التدفقية ما عادت خيارا، بل ضرورة، والإقبال عليها هو المقياس الجديد لمدى شعبيتها.