كتابات وآراء


الخميس - 07 ديسمبر 2023 - الساعة 03:08 ص

كُتب بواسطة : عبدالله كوفلي - ارشيف الكاتب



لكل عمل ومهنة مقومات وأسرار للنجاح واسباب للفشل أيضا، هذا من طبيعة الحياة وتتغير هذه الأسرار والأسباب بشكلٍ مستمر، فما كان صالحًا لأيام مضت لا يشترط صلاحه في الوقت الحالي وضمان مفعوليته للمستقبل، وهذا ينطبق على جميع جوانب الحياة، الأنسان العاقل والفهيم والمؤسسة الرشيدة هي التي تراجع وتقييم سياساتها باستمرار من أجل دعم نقاط القوة ومعالجة مواطن الخلل والضعف وتجعل منها أساسًا ومنطلقًا نحو الأفضل.

العمل الأمني ليس ببعيد عن هذا المبدأ بل هو الأحوج اليه من بقية القطاعات، لإنه يمس حياة الناس دون تمييز وعلى الدوام فلا يكاد يستثنى منه إنسان أو يستطيع أن يعيش دون أمان، من جانب آخر إنه عمل شاق وصعب ويتطلب جهودًا كبيرة وخبرة طويلة وإخلاصًا لا مثيل له وحبًا وطاعةً ومهارة عالية في الاداء.

إقليم كوردستان العراق تجربة ديمقراطية فريدة في هذه المنطقة وقد أجتازت مراحل صعبة ولكنه اثبت بجدارة ان تُقدم النموذج الواضح بأن الشعب الكوردستاني يملك المقومات الاساسية لإدارة الحكم في ظل الأزمات والتحديات وأن أجهزتها الامنية قادرة على حماية أمن واستقرار هذا الإقليم وسط منطقة ٍملتهبة وكثيرة الصراعات والنزاعات يكاد الاستقرار فيها غائبًا.

حماية امن واستقرار الإقليم في ظل الظروف الصعبة والصراعات الاقليمية والدولية ليس بالأمر السهل أو منحة وهدية من طرف معين ولكنه جهود كبيرة وخطط عمل واضحة وتنفيذ حرفي لما يتوجب عليهم. ربما يتساءل البعض عن سر هذا النجاح ومن حقهم أن يتساءلون؟ ما هو السر في تحقيق هذا الهدف الصعب، لان حماية امن منطقة أو دولة بعيدة عن كل أشكال التهديد ومصادر العنف والخوف ليس إعجازًا ولكن إقليم كوردستان لا يبعد عن مناطق تواجد تنظيم داعش الارهابي والجماعات الخارجة عن القانون سوى أميال معدودة وهي في منطقة مليئة بالخلافات العقائدية والصراعات القديمة الجديدة وهذا ما يستوجب البحث عنه والوقوف عليه لمعرفة أهم الاسباب الكامنة وراء هذا الامر.

يمكننا أن نشير الى اهم الاسباب الحقيقية وهي الأساسية باعتقادنا المتواضع ومن خلال قراءتنا للأحداث:

1- تعاون مواطني الإقليم مع أجهزتها الأمنية، المواطن هو رجل الامن الأول وهو مبدأ معمول به في غالبية الدول وعلى مدى شعور مواطني أية دولة أو كيان سياسي بالمسؤولية تجاه حماية أمنه يكون الامن محميًا دون النظر الى درجة الثقافة والاقتصاد ونوع نظامه السياسي. الشعب الكوردستاني عانوا من الويلات والدمار والتهجير والقتل ما لا يحصى ولا يعد، فقد ذاق مرارة الظلم والاضطهاد وشهد عمليات الانفال والإبادة الجماعية والهجرة المليونية جعل منه شعبًا صامدًا وصلباً ومتعطشاً للحرية أكثر من غيره وما ان حقق جزء من أحلامه ببناء إقليم فدرالي ديمقراطي بعد الانتفاضة الشعبية عام ١٩٩١ ، إلا فقد نما لديه الشعور بالمسؤولية بضرورة حماية ما تم تحقيقه وحفظه كبؤبؤة العين سالمًا معافى من أي مكروه. كل فرد من الإقليم على أختلاف فئاتهم وأعمارهم وأجناسهم واتجاهاتهم الحزبية والفكرية وألوانهم يعد نفسه جزءا ًمن المنظومة الأمنية ويمدها بما يحصل عليه من معلومات وما يشعر به من أخطار كواجب وطني وأنساني وأخلاقي وديني ليتسنى لهم أتخاذ الإجراءات اللازمة لصدها ومنعها من الوقوع والمساس بحياة المواطنين وممتلكاتهم.

الشعب الكوردستاني هو الداعم الرئيسي والسند القوي والرصيد الذي لا ينبض للأجهزة الامنية في الإقليم والرافد المستمر لهم لقناعة الشعب بأن هذه الاجهزة أسست لخدمتهم والعاملين ضمنها جزءٌ منهم وخارجين من رحمهم وليسوا كالسابقين جاءوا من اجل قمعهم وإذلالهم.

الى اللقاء حتى الحلقة القادمة.....

-------------------------

تطرقنا في الحلقة السابقة الى دور واهمية الشعب الكوردستاني في حماية أمن إقليم كوردستان، سنتطرق في هذه الحلقة الى مجموعة اخرى من الاسرار الكامنة وراء امن الاقليم.

حماية امن واستقرار الإقليم في ظل الظروف الصعبة والصراعات الاقليمية والدولية ليس بالأمر السهل أو منحة وهدية من طرف معين ولكنه جهود كبيرة وخطط عمل واضحة وتنفيذ حرفي لما يتوجب عليهم. ربما يتساءل البعض عن سر هذا النجاح ومن حقهم أن يتساءلون؟ ما هو السر في تحقيق هذا الهدف الصعب، لان حماية امن منطقة أو دولة بعيدة عن كل أشكال التهديد ومصادر العنف والخوف ليس إعجازًا ولكن إقليم كوردستان لا يبعد عن مناطق تواجد تنظيم داعش الارهابي والجماعات الخارجة عن القانون سوى أميال معدودة وهي في منطقة مليئة بالخلافات العقائدية والصراعات القديمة الجديدة وهذا ما يستوجب البحث عنه والوقوف عليه لمعرفة أهم الاسباب الكامنة وراء هذا الامر.

يمكننا أن نشير الى اهم الاسباب الحقيقية وهي الأساسية باعتقادنا المتواضع ومن خلال قراءتنا للأحداث:

1- الجودة العالية في مجال التعاون والتنسيق المشترك بين جميع الأجهزة المختصة بحماية الامن، تعدد الأجهزة الأمنية واختصاص كل منها بحماية جانب معين من حياة المواطنين وممتلكاتهم لا يعني بأي شكل من الاشكال الضعف والهوان إذا توحدت في أهدافها ورسمت خططها الآنية والمستقبلية ونفذتها بالتعاون والتنسيق مع بعضها البعض، وجود أكثر من جهاز أمني في الدولة أمر طبيعي وظاهرة سليمة ودليل على رقي قيادة وحكومة تلك الدولة وقدرتها على توزيع المهام للتسهيل وتحديد المسؤوليات والمقصرين في حالة وجود انفلات أمني.

تعاون الأجهزة الامنية في الإقليم وتناسق جهودها وعملها وفق القوانين والتشريعات الصادرة سر من أسرار نجاح هذه المهمة الصعبة، أي ان أدوارها واختصاصاتها تكاملية تجعل منها صفاً رصينا ً بوجه كل اشكال التهديد والأخطار وفرص إفلات المجرمين والعابثين بحياة الناس ضئيلا ً ان لم يكن مستحيلًا. تنظيم الأجهزة الامنية في الإقليم تحت قبة مجلس أمن إقليم كوردستان كانت خطوة مهمة من أجل توحيد هدفها وتنسيق جهودها وفق القوانين السارية وبدورها تتعاون مع تشكيلات وزارة الداخلية لمنع الجريمة وتوفير الحماية اللازمة للمواطنين وحفظ حقوقهم من الانتهاكات الخطيرة التي يتعرض لها.

2- إخلاص العاملين ضمن الأجهزة الامنية في الاقليم، الإخلاص في أي عمل وأينما كان هو أساس النجاح. أثبتت التجارب السابقة التي مر بها الضباط والمراتب مدى إخلاصهم و وفاءهم للعمل الأمني وهذا ما دفعهم ويدفعهم على الدوام بالخدمة، إن إيمان العاملين بعدالة قضيتهم وانتهاك حقوقهم القانونية والانسانية دافع آخر لهم وإنهم ضربوا أروع الامثلة في الفداء واداء الواجب وشاركوا مع إخوتهم من البيشمركة في الدفاع عن الإقليم وقدموا عشرات الشهداء الذين اختلطت دمائهم الزكية بأرض الوطن بالإضافة الى مهمتهم الاساسية في حفظ الامن الداخلي.

3- الاستفادة من التطور العلمي والتقني، استطاعت الأجهزة الامنية في الاقليم اللحاق بركب التقدم الذي يشهده ألعالم في كافة المجالات والاستفادة من أجهزة الحاسوب والانترنت والتقنيات المتطورة وتسخيرها لخدمة عملها عند جمع المعلومات والمتابعة ومراقبة الاهداف التي تحددها والتي تشكل خطرا على امن واستقرار الإقليم. قدرة هذه الاجهزة على استخدام التكنولوجيا الحديثة في اداء المهام الموكلة اليها وتدريب الكادر المختص على كيفية التعامل معها دليل على انفتاحها على العالم الخارجي وشعورها بالمسؤولية تجاه امن المنطقة والعالم ورغبتها الشديدة بمواكبة التطور وبناء العاملين فيها على احدث التقنيات، لإنه من المعلوم الأثر الكبير الذي يلعبه هذه التقنيات من دور كبير ومساعد على حفظ الامن، ولا يعني اهمالها لدور العنصر البشري بل انه اللاعب الاساسي في العملية والتكنولوجيا هو العامل المساعد على تحقيق الاهداف المرجوة.

4- العمل ضمن إطار قانوني، تعمل الاجهزة الامنية في الاقليم ضمن حدود ما رسم لها في القوانين الصادرة من برلمان كوردستان سواء كانت تلك المنظوية تحت قبة مجلس أمن إقليم كوردستان أو تلك التي تعمل ضمن تشكيلات وزارة الداخلية لحكومة إقليم كوردستان، حيت تم تحديد مهام واختصاصات كل مؤسسة وحقوق و واجبات العاملين فيها ويتم تعديل هذه القوانين وتشريع الجديد منها لتلائم روح العصر وتواكب التطور وتستطيع قراءة الاحداث والتغييرات الحاصلة بشكل جيد.

5- التنسيق والتعاون الأمني مع الأجهزة الامنية الاتحادية في العراق الفيدرالي والدول الإقليمية والدولية وفق القوانين والمعايير والمعاهدات الدولية المتعلقة بحماية الامن من تبادل المعلومات والخبرات وتسليم المجرمين والمطلوبين، إن قدرة الأجهزة الامنية في الإقليم على فتح قنوات الاتصال مع الأجهزة الامنية الأخرى ساعدت الى حد كبير على توفير الحماية اللازمة للشعب الكوردستاني ودليل على رغبة واستعدادها لتحقيق الامن والسلم الدوليين ومحاربة الارهاب والتطرف والعنف وكل مصادر التهديد والاخطار الموجهة إليها وإشارة واضحة الى الدور الكبير الذي يلعبه المنظومة الأمنية في الاقليم ومساهمتها ومساندتها.

هذه الأسرار تعد الأساسية مع وجود أسباب اخرى مثل القيادة الحكيمة والاستراتيجية الامنية وقوات البيشمةركة ليبقى اقليمنا امناً ومستقرًا بعيدًا عن كل اشكال العنف والارهاب.

مع تمنياتنا للجميع الحياة الامنة والسعيدة والصحة والعافية