كتابات وآراء


الأحد - 30 يوليه 2023 - الساعة 09:43 م

كُتب بواسطة : محمد علي محمد أحمد - ارشيف الكاتب



لا تختبروا يا سادة صبر شعب الجنوب
فبصبره و عزيمته ستر عنكم العيوب

على قدر أهل العزم تأتي العزائم
و تأتي على قدر الكرام المكارم

حقيقة أستغربت حين سمعت خطاب الرئيس القائد عيدروس الزبيدي الأخير ، و لم استغرب ردة فعل الشارع الجنوبي الطبيعية لما هو غير طبيعي و الذي يستحيل أن يكون من صاغه للأخ الرئيس يحمل ذرة وطنية و إخلاص للجنوب أو أنه يعي معاناته المريرة طوال أكثر من ثلاثة عقود و نيف ، بل أن من كتبه بعيد كل البعد عن واقع أرض الجنوب و لا يمكن أن يكون بيننا أبداً ، سيما و قد سمعنا خطاب القائد عيدروس الذي سبق خطابه الأخير هذا فكان موفقاً فيه و أحدث تفائلاً بين أوساط المواطنين و استبشروا خيراً بقدومه أولاً ثم بما في طيات خطابه من كلمات و رسائل أعادت الروح إلى المواطن المذبوح

إلا أن الخطاب الأخير لكأنه لغماً و حجر عثرة ليحول بينه و بين الشعب ، و مؤامرة مدروسة استهدفت شخصية الرئيس القائد في المقام الأول لتمحو الأثر الطيب الذي أعاده في نفوس الناس ، بعد سلسلة من الأزمات و الحرب النفسية و سياسة الإذلال المستمرة دون هوادة ، في محاولة لإحباط معنويات الشعب التي تعافت قليلاً رغم الظروف القاسية ، فإذا بالخطاب الأخير الطامة و كأنها ممحاة سحرية و تشويش خبيث لقطع التواصل الذي استعاده مع الشعب بأعجوبة ..

فمن أي جهة جاء هذا الخطاب ؟

و كيف تم تمريره إليه ، و لماذا نطق بتلك العبارات التي دست كالسم في العسل ، في حق شعب لم يبقى في جسده موضع إلا وهو يئن و يمنعه من الصراخ كبريائه و عزيمة كالجبال و صبر لم ولن ولا يقدر أحد على تحمله محال ، و هل من المعقول أن يلقي بنفسه و باختياره من يؤمل عليه شعبه إلى التهلكة ، أو أن يحكم بإعدام هدف شعب هو حامله إلى حبل المشنقة !!

ثم أين كل تلك الهيئات و المستشارون و اللجان و الدوائر و الدراسات و الخبرات و النخب و رجال الفكر و السياسة من هذا ،

ألا يعلم من صاغ الخطاب أننا نمر بمرحلة حرجة بالنسبة لمصير الجنوب كشأن سياسي عام ، و وضع معيشي صعب خانق وتقصير خدماتي مزمن متعمد يعانيه المواطن في الجنوب في ظل أجواء شديدة الحرارة ، و تقهقر رجعي أكثر شدة ، وفساد إداري مخزٍ و عجز قيادي في حلحلة للأمور المستعصية ، وغياب تام سواء لسلطة ما تسمى بالدولة ، أو التي منحت شرعيتها سلطة الأمر الواقع ، من أن تقدم للمواطن في الجنوب ما يتوجب على الحكومة تقديمه لمواطنينا كـما تقدمه لمواطني مأرب و أجزاء من تعز و الحديدة في أرضهم ،

إذا سلمنا جدلاً بأننا تحت حكم ( الشرعية) التي تمنح سكان تلك المحافظات و المناطق المحررة حق اللجوء في الجنوب و تتكفل بتوفير كل سبل العيش و الراحة و تعتمد لهم معاشات مجزية ، في حين أن أهل الأرض التي تستضيفهم يمارس عليهم الظلم و الحرمان و تقطع عنهم أبسط مقومات الحياة وحقوقهم مغتصبة !!
لماذا تمارسون التفرقة بأبشع صوره ، وحين يطالب شعب الجنوب بحقه في تقرير مصيره تقوم عليه القيامة !!

والله يا حكومة (الشرعية) لستم إلا عدو وإن طالبكم شعب الجنوب بحقه في العيش بعيداً عن مطلبه في استعادة دولته ، و الذي كان يراه المواطن الجنوبي أمراً قاب قوسين أو أدنى ، و حين وجد نفسه و هو في كنف ما تسمى بالدولة الشرعية الوحدوية و بمشاركة من قادوا المقاومة الشعبية و النضال للوصول للهدف السامي النبيل لانتزاع الدولة الجنوبية ازادت مآسيه و آلامه ، و زاد الخطاب الأخير الطين بله ، فإذا بهم يُصْدَمَون فوق صدماتهم النفسية و الحسية و المعنوية ، و إذا بهم يرون ما كان ذي قبل قاب قوسين أو ادنى ، قد أصبح بعيداً صعب المنى ، و أمر يحتاج لمقومات ترتقي بقدر هذا المشروع و الحلم الكبير الذي قدمت لأجل تحقيقه التضحيات الغالية ، و ما زال الشعب يقدم التضحية تلو التضحية و الصبر و المصابرة و يتحمل فوق طاقته مالم تطقه الجبال الشامخة ، و يصارع الموت و صنوف العذاب تحوم حوله كالرياح العاتية و مازال بصموده الأسطوري في ملحمة وطنية وجودية عنوانها نكون أو نكون ، فمالك الأرض لا تمنعه وليست في قاموسه ( لا) من انتزاع حقه .

أبعد كل هذا الضيم الذي ناله ، مالمطلوب أكثر مما قدمه الشعب الجنوبي لكم دون أن تعطوه جزءاً بسيطاً من حقوقه ، بل أن حقه في العيش بكرامة صار حلم عجزتم عن تحقيقه ، فإذا به بعد ما قدمه ويقدمه من تضحية لم ينل منكم الشكر و لو بكلمة .