كتابات وآراء


السبت - 18 مارس 2023 - الساعة 07:23 م

كُتب بواسطة : د. عارف محمد الحسني - ارشيف الكاتب



متى ؟ عِنَدما نشعرُ بأن مصالِحَنا قد تُهَّدد ، وخوفً من فقَّدِها نقتربُ من قولِها تعبيراً عنها بمقدارِ ما مُسَّت مصالحنا ؛ بمسكِ العصا من الوسطِ مع إزاحةً خفيفة لكفِ اليدِ اليمنى أو أليسري المُمْسِكَةَ بها نحو الجهة التي يضنُ يوماً ما منتصرةٌ فتشفعُ لنا هذه الإزاحة بالمليمترات حينها في كسبِ جولة بقاء جديدة قد تطولُ أو تقصرُ ؛ حين نظهرُ أنفسنا كطفلٍ يكتشفُ عالمه الكبير الجديد من أدواتهِ القديمة ليتعلم منها وبها صفات البقاء ، وهو رجل قد خبِر الحياة ، ولكن يمارسُ السياسة بعقلِ طفلٌ صغير كأنه لم تظهرَ عليه بعد أسنان الخلود ، وضرس العقل الكبير فيظهرُ حكمةٌ لصالحِ النفس الشح بالخيرِ على الغيرِ الكثير ، وحين الانتصار المُبين يرفعُ برقعُ الحياء إلى أعلى الرأسِ كاشفً كل معالمِ الوجهُ المنتفعَ بالوضعِ الجديدِ .

رسالة التحفظ هذه استجابة لأنانية البقاء ، بأن نبقى في المنطق الرمادية، لقياس مستوى الحدث القادم القريب لمعرفة البيان المفيد لتقرير المصير بعدها لنُحَّدِدَ في أيةِ اتجاه نسير حتى نتبنَّى حقوق الشعب العريض بالكذبِ الكثيرِ ؛ لأننا ضمِنا كرسي القعود في مفرشٍ جميلٍ عند قائد جديد لعمر آخر طويل .

إن البيان يكون عادة أصدق من مقالٍ طويل تختفي فيه أسرار النفوس فتُسبب في إحباطٍ كبير تزيد الشعور بخبث مَِّكرِ العقول ، وهو صندوق كبير يحفظُ الكثير ، وله قفلٌ ومفتاحٌ بليد مليء من الأثرِ القديم ، ولكن لا تفرج ، لمحاذير عديد فيُفْسِدُ بالحديث العديم كل حق أصيل كدمٍ أنقض الوُضوء ؛ وهذا الحديث تأكيداً لبقائنا في دوامة كأس الخلاط العجيب بعدم إفشاء السر العجيب ؛ إذاً لن نُصحِحَ القديم إلا بإحراقِ الكتاب البالي القديم ، ولكن أين الكاتِبُ الفصيح بالخطِ الجميل في ورقِِ دفتري الخالي الجديد من خربشةِ الدهورِ ، أأظهر أُمِيَته ، ليصبح الشعب مثلهم بليد .

إن المسئولية الأخلاقية تتطلب الوفاء بتنوير هذا الشعب المَكْلوم على نفسه فأصبح من الضروري كشف الأقنعة ، وإزالة مساحيق التجمل البليد في هذا الجوٍ العاصفُ حتى لا يُشوش به عن مسار الطريق ، كقصة غريبة في يدِ قارئٍ مجرب يتعمدُ عدم شرح طبيعة الجروح حتى نُطبِبها معا لجبر الكسور .

إن تحقيق أي تقدم في الواقع المُعاش يجب أن تنطلق بكلمات كالرصاص ، إما أن يتم طرحة بشكلِ دبلوماسي فهذا يفقده المعنى البسيط لحيثيات الرسالة في واقع معقد مرير ، ويظهر استجابة مميتة وقوية من حاملها التمسك بصفة الغموض كأهرامات فرعون في أرض أسوان من أرض مصر البعيد ؛ حيث تنتظر الجماهير منكم كسر حاجز الخوف بقول صريح يلامس الواقع الجديد بدلاً من تغطية جرح أصابه الصديد بشاش طبي قديم فأكسب الجرح ألماً جديد .

وهنا تقتضي المراجعة لتاريخنا القديم ، والجديد بحضور فكر منير ، ولكن بقلب الرجل الحاضر المجرب الكبير لمواصلة مشوار دعم يلتمس منه احتياج الواقع كحق من حقوق هذا الشعب العريض عليه ، بدلاً من التقوقع باللحن الغريب ، والسير بنا إلى خط نهاية السباق قبل وقوع الحل الجديد فلم تجدوا من يصفق لكم بالكفوف ، ورفع لحن الصوت الجميل عاش السياسي البارع الأثيم .

إن الشعب مازال يُظهر حكمة شيخ كبير لا يريدُ أن يحطم الجسور فلا يتيسر لكم العبور ، والنزول من طائرة شحن كبير محملة باللبس الجديد ، وعفش كثير ، أم أدمنوا البقاء في أرض بعيد باسم الوطن العظيم ، وأرض مديدة ، تخزن الكنوز وحضارات من عصر مديد .

حتى يتحقق هذا الحلم للجيل القادم يمكن مناقشة المقرر للحاضر المعاش لتسجيل الحضور في واقع مرير لنستمع منكم الدروس كديوان شعر جميل يعبر عن الحياة ويخلق أملاً جديد للآتي القريب ، إذا فلا تغادروا بفكركم إلى تاريخ بعيد فيشبهُ الهروب من قول فصيح .

فيصبح هذا السلوك الفردي عندئذ قيمة مضافة عند ترجيح كفة الميزان ، هنا يجب أن يعاب سلوك كهذا لأنه وضع نفسه في المكان الذي يؤمن به بصورة مشروطة ، ومتربصة ؛ فأمتلك حفاوة المغادرة ، وكرم البعاد عندما ينحني قرباناً لمنفعة دنيوية حتى يزول أثرها ، فيحدد بعدها بوصلة الاتجاه .

كرامة النفس وشموخها عن صغائر مادياتها تكسب النفس شهرة التاريخ ؛ فتساهموا في وضع نماذج تحرض المؤرخون على تناولها للتذكير ، حتى يُقلل التاريخ من تدوين النكبات عند وضع أنفسنا في المنطقة الرمادية ، وما ينعكس سلباً في المعرفة الكاملة لحقيقة شخوص حقبة التاريخ المعاش وتوجهاتهم ، فأرتكب بهذا سلوك جريمة كتم الحقيقة بحق شعوبها التي تنظر إليهم بأنهم احد أعمدته ووقود مشاعلها الأساسية قديما ً وحديثاً والتي تحظى بالاحترام والتقدير بدلاً من أن تكون صحراء لا حياة فيها فادحة خسائرنا عند سكوتها .

تجنيد النفس بكفاءة عالية للمتطلبات الآنية لمجتمعاتها تقلل من اختلال المراحل ، وتطويلها لأنها استشعرت بخطورة المهادنة عند ازدحام الأكاذيب فقررت تنقيتها من شوائبها الضارة بطرح الحقيقة ، حتى لا تتفشى كوباء ، وتحرم الحقيقة تربع كرسي المستقبل ، كتزويج القاصرات بدلاً من عمر النضج .

قساوة الطرح بهدف النصح هو نجاة من التخفي وراء أمتعتنا الناشدِة للحياة بوجه مستور أسستها ترسانة الماديات لإخفاء جريمة لن ينجو منها احد .

فأصبح حظوظ التحول لتحقيق عدالة المعركة مازال قائماً ، ما دام هناك رجال تمتلك الإرادة على الخروج من خنادقها لمواجهة تحديات الوطن الجنوبي ؛ هذا ما نريده ، ونأمل به كموقف .

د. عارف محمد أحمد علي