أخبار وتقارير

الجمعة - 16 فبراير 2024 - الساعة 12:48 ص بتوقيت اليمن ،،،

خالد سلمان


‏بوليتيكو : عديد الدول العربية بما فيها السعودية والإمارات تقيد حرية الحركة للقوات الإمريكية لضرب أدوات إيران في المنطقة عبر أراضيها .

الدولتان لهما تجربة غير إيجابية ومآلات محبطة، في أوقات سابقة مع واشنطن، عندما هاجم الحوثي عاصمة الدولتين ولم تصدر واشنطن بيان تنديد ،خاصة فيما يتعلق بقصف أبو ظبي، إلا بعد مرور فترة طويلة، وبالنسبة للسعودية فإن وقف بيع السلاح وتعليق التعاون الإستخباري من قبل واشنطن مع الرياض ، أعاد طرح المملكة لمفهوم أمنها القومي ، ووفق حسابات مصالحها هي ،

ومن مصلحتها كما ترى عدم الدخول على خط مباشر في الصراع مع أدوات إيران ، ورفع يدها عن تقديم أي تسهيلات لإستخدام أراض وأجواء المملكة والإمارات في مثل هكذا صراعات ، لصديق لم يعد محط ثقة كاملة، في توفير الحماية لهما، من إرتدادات مكلفة في حال فتح الممرات للعسكرية الإمريكية وجعل أراضيهما منصات إنطلاق.

المسافة بين الدول الحليفة لواشنطن ونهج بايدن ، لم تعد بتلك الموثوقية ، وبالتالي فإن التردد في تقديم التسهيلات هي الصفة المؤسسة على الإرتياب ، من ترك أراضي السعودية والإمارات نهباً لصواريخ الحوثي الإنتقامية.

واشنطن لم تصل بعد إلى الدخول بمواجهة شاملة مع إيران وأدواتها ، وبالتالي منحها تسهيلات من أراضٍ عربية ،لمجرد تنفيذ عمليات موضعية جراحية محدودة، لا تدمر البنى العسكرية للحوثي كلياً، مجازفة محفوفة بالمخاطر ، لجهة أمن الدولتين الخليجيتين الداخلي ، فهما الخاصرة الرخوة وهما تحت مظلة الصواريخ الحوثية، وهما وحدهما من سيتوجب عليهما دفع الثمن.

من دون مقاربة مختلفة تقوم على شمولية المواجهة، وإخراج الحوثي كلياً عن الجاهزية العسكرية ، فمن الطبيعي ان تتحفظ السعودية والإمارات على طلب واشنطن المزيد من التسهيلات ، فنصف مواجهة مع إبقاء قوة الحوثي في كامل لياقتها وجاهزيتها ، ستتعثر قطعاً بالممانعة، وبرفض مطالب واشنطن ، والحفاظ على مسافة آمنة من كل الأطراف المتصارعة ، من إيران وحتى الحوثي ، ومن أمن الحدود الجنوبية للسعودية المتاخمة لليمن ،وحتى أمن البحر الأحمر.

-----------------------

‏في فبراير ٢٠٢١ تم إخراج الحوثي من قائمة الإرهاب ، وفي ١٥ فبرارير ٢٠٢٤. تم تأجيل تنفيذ قرار تصنيف الحوثي كجماعة إرهابية عالمية ، وفي الحالتين تم سوق ذات التبرير : الحفاظ على عدم مضاعفة معاناة اليمنيين الإنسانية وتوفير فرصة إنسياب المساعدات.

وإن كانت اليافطة الإنسانية هي واجهة تبرير قرار يوم أمس ،بتأجيل تفعيل التصنيف فإن الحقيقة هي غير ذلك ، إذ أن إرجاء تفعيل القرار الأمريكي هو نتاج تفاهمات عبر طرف ثالث مع الحوثي ، لخفض تصعيده في البحر الإحمر مقابل منحة ضمانة مؤقتة ، مع إبقاء العقوبات مفتوحة في حال عاود عمليات الاستهداف، وهو ما نشهده من إنحسار ملحوظ في عملياته في البحر الإحمر.

بعض الدول انخرطت في المسار الدبلوماسي السياسي، لإبطاء اجراءات تفعيل القرار المقرر له اليوم ، وإلى جانب عمان تأتي السعودية الأكثر حساسية من توسيع نطاق المواجهات ،لتطال حدودها وأمنها الداخلي ، ومع إرجاء القرار إلا أن الرياض مازالت ترى حجم هذه المخاطر، وان العودة إلى مربع الحرب أمراً محتملاً وتوجساً من هذا الإنفلات الممكن ، إستدعت السعودية قوات بريطانية ذات تقنية دفاع جوي عالية، ونشرها في الرياض والمناطق الحساسة بما فيها حقول النفط.

نحن أمام تسوية سماح مُنِحت للحوثي ولكنها ليست فترة سماح غير مقيدة باشتراطات صارمة ، دون أن نغفل الرسائل الحربية الصارمة ، التي تم الكشف عنها يوم أمس الموجهة من بايدن للقيادة الإيرانية، وتحديد مناطق إستراتيجية داخل إيران كأهداف عسكرية ،على قائمة الجيش الإمريكي.

المحك الحقيقي لتوكيد المنحى الذي سيذهب اليه الحوثي ، هو ما إذا إستمر قي تهديد السفن أو خفض مستويات هذا التهديد ، حينها ستتاح فرصة الكشف عن طبيعة التفاهمات السرية ، وتسقط أكذوبة القلق الأمريكي على الوضع الإنساني في اليمن، لتحل محلها فكرة الصفقة .