أخبار اليمن

الأربعاء - 24 يناير 2024 - الساعة 11:02 م بتوقيت اليمن ،،،

عدن حرة / خاص


أثار تحقيق صحفي نشرته قناة بي بي سي البريطانية يوم أمس الثلاثاء بشأن جنوب اليمن وعمليات الاغتيالات التي وقعت منذ ما بعد حرب 2015، جدلا واسعا وصدمة كبيرة لدى الكثير من المواطنين والمتابعين، لما احتواه من معلومات وتصريحات هي الأولى من نوعها حول الجهات المسؤولة عن تلك الجرائم.

وعلى الفور، أصدر المجلس الانتقالي الجنوبي، مساء اليوم، بيانا استهجن فيه استغلال مقابلة عيدروس الزبيدي مع قناة "BBC" وتوظيفها في غير سياقها، مشيرا إلى أن إجابته جاءت كجزءٍ من مقابلة مطولة تناولت المشهد السياسي في الجنوب واليمن والمنطقة.



وأضاف المجلس في بيانه: "ومن هذا المنطلق فإن المجلس الانتقالي الجنوبي سيحتفظ بحقه في الرد على ذلك العمل من خلال الأطر القانونية، إزاء ما حدث من اجتزاء لتصريحات الرئيس وتوظيفها بشكل سلبي، بقصد التشهير والإساءة المتعمدة".

‏وتابع: "ويؤكد المجلس الانتقالي الجنوبي إنه كيان سياسي يحمل قضية شعب الجنوب وتطلعاته الوطنية لنيل الاستقلال واستعادة وبناء دولته الفيدرالية المستقلة، وإنه قد حدد مسار العمل السلمي وحماية المدنيين والدفاع عن النفس عند الضرورة، وهو الذي اكتوى بنار الإرهاب والقتل والاغتيالات والظلم، لكن الأهداف العظيمة التي يحملها تجعله حريصا على انتهاج الوسائل النبيلة لبلوغها، وتلك السمات هي ما توجه عمله الوطني على الدوام".

واختتم المجلس بيانه: "‏ويدعو المجلس الانتقالي الجنوبي إلى إجراء تحقيق شامل وشفاف بشأن أي ادعاءات تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان والاغتيالات السياسية واستجلاب الجماعات الإرهابية وتوطينها وتوظيفها منذ مطلع التسعينات حتى اليوم، مؤكدا مواصلته لجهود مكافحة الإرهاب والتطرف وتجفيف منابعه، ومشددا على استعداده للمشاركة في أي عملية تحقيق محلية أو دولية على النحو الذي يضمن محاسبة المسؤولين عن كافة عمليات القتل خارج نطاق القانون خلال الثلاثة العقود الماضية، وعدم السماح لأحد بالإفلات من العقوبة".

ولاقى ذلك التحقيق الصحفي تداولا ورواجا واسعا خلال الساعات الماضية، لا سيما وأنه تضمن اتهاما مباشرا لدولة الإمارات العربية المتحدة بالوقوف وراء معظم جرائم الاغتيالات التي طالت قيادات عسكرية ومسؤوليين وأئمة مساجد ونشطاء وغيرهم من جنوب اليمن، منذ الفترة من 2016 وحتى 2021 م.

وفي جزئية من التحقيق، ظهر عيدروس الزبيدي في مقابلة مع معدة التحقيق الصحفية اليمنية نوال، التي بدت جادة في توجيه الاستفسارات والاتهامات الحادة بتورط الإمارات والمجلس الانتقالي الجنوبي في معظم عمليات الاغتيالات، علاوة على إظهار الزبيدي متأتا ومتلعثما وتغير ملامح وجهه من تلك الأسئلة اللاذعة.

وفي هذا الشأن، قال الصحفي اليمني عبدالرحمن أنيس على صفحته في فيسبوك: "المقابلة التي تم تسجيلها مع اللواء عيدروس الزبيدي في وثائقي بي بي سي ، تكشف خللا مهنيا وفنيا في مكتبه الاعلامي ، الامر الذي يستوجب المراجعة والتقييم واعادة النظر.".

وتابع: "ما كان لهذا الامر ان يتم لو كان مكان الزبيدي علي عبدالله صالح او رشاد العليمي ، والسبب يعود الى احترافية مكاتبهم الاعلامية. واضح ان الفريق الموجود لا يعرف دلالة التصوير في غرفة مظلمة الاضاءة وكأنها غرفة تحقيق ، فضلا عن باقي الجوانب المهنية".

من جانبه، قال الصحفي اليمني يعقوب السفياني مدير مركز سوث24 في عدن: "أولا، فيما يتعلق بظهور اللواء عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي وعضو مجلس القيادة الرئاسي: اعتبر ما قامت به هذه القناة العريقة والمعروفة سقوطا مهنيا وأخلاقيا للأسباب التالية:

- اجتزاء كلام الزبيدي ضمن مقابلة مطولة أجريت على أساس الحديث بشأن الوضع اليمني، واختيار ما يناسب أهداف الصحفية الشمالية وربما أهداف من دفع نحو إنجاز هذه المادة.

- التلاعب في التفاصيل الفنية لظهور الزبيدي وتسليط الضوء عليه كمتهم تتم محاكمته في غرفة مظلمة، علاوة على تقريب الصورة من ملامح الرجل كمحاولة للتشكيك بحديثه ورصد انفعالات طبيعية جدا لا تثبت أي شيء.

- خلال التعريف بالزبيدي، لم تذكر الصحفية ما تعرض له الرجل من محاولات اغتيال منذ 2015 حتى الآن، نجا منها بأعجوبة وفقد أفرادا من أسرته خلال هذه المحاولات الجبانة.

- عرضت القناة ردود أفعال للزبيدي خارج السياق وهي ردود أفعال تحدث في أي مقابلات مع رؤساء وقادة ومسؤولين، ويتم حذفها من المادة النهائية ومن يعمل في هذا المجال يدرك ذلك.

وتابع السفياني: "إذن وأمام هذه الحقائق، فهذا سقوط مهني كبير لبي بي سي، والصحفية التي أعدت المادة. ومع ذلك، ورغم ردود الزبيدي المؤدبة والمهذبة كما تعودنا منه، فإن هناك استفهامات كبيرة حول فريقه الإعلامي ومكتبه الذي سمح بحدوث مهزلة كهذه تسيء لأحد أهم الرجال في المنطقة وليس اليمن فحسب. ثانيا فيما يخص التحقيق نفسه، هناك موقف مبدأي يجب أن يكون لدى كل واحد منا وهو رفض كافة أشكال الاغتيالات السياسية من أي طرف وضد أي طرف، وهنا يجب إدانة ما حصل مع القيادي الإصلاحي إنصاف مايو [وأنا هنا لا أجزم بصحة رواية تحقيق بي بي سي في هذا الاتجاه]".

وأوضح : "لكن من الناحية العملية المجردة من العواطف والأحكام المسبقة، لا يثبت التحقيق شيئا حتى مع وصوله لمن يفترض أنهم مرتزقة أمريكيين شاركوا في اغتيالات بعدن بالتنسيق مع حكومة الإمارات. للأسباب الآتية:

- إذا كان الأشخاص الذين ظهروا في التحقيق مرتزقة فعلا، فهم لم يقدموا أي دليل حقيقي على مشاركتهم فيما تحدثوا عنه، ولا أعرف كيف يمكن الوثوق بمرتزقة أساسا للحديث عن أي قضية.

- إذا صحت رواية إسحاق غليمور الذي تم التعريف به كأحد المرتزقة الذين كانوا في عدن 2015، فهو يقول صراحة إن القائمة التي كانت لديه تتضمن إرهابيين من داعش والقاعدة لتصفيتهم وليس بينهم مدني أو سياسي وواحد، وهو ما يتعارض مع البيانات التي حاولت نوال المقحفي التسويق لها إلى جانب دبلوماسي شمالي سابق وناشطة لديها خصومة سياسية مع الإمارات والمجلس الانتقالي.

- ناقش التحقيق جزءا بسيطا من ملف معقد وخطير مثل ملف الاغتيالات، ولم يتطرق أو يشير إلى أن أكثر من 70% من أعمال العنف والاغتيالات في عدن كانت موجهة نحو حلفاء الإمارات في الأمن والمجلس الانتقالي الجنوبي، وحتى الضباط الإماراتيين أنفسهم. كما تم حصر هذا الملف بعدن فقط، مع إهمال الاغتيالات التي حدثت في صنعاء وتعز ومأرب.

واختتم السفياني منشوره على فيسبوك: "حتى لو سلمنا جدلا بصحة مشاركة فريق أمريكي في مهام كهذه بالتعاون مع الإمارات، من الصعب محاكمة مرحلة تاريخية صعبة وحساسة مثل تلك التي عاشتها عدن بعد طرد القوات الشمالية في 2015، فقد كانت حرب مفتوحة مع مشاريع إرهابية خطيرة تستهدف تحويل المدينة إلى نسخة يمنية من قندهار والرقة. وبالمحصلة، كل الخيارات الأمنية لتحييد هذا الخطر لها مبرراتها طالما كانت تستهدف عناصر هذه المؤامرة".