عرب وعالم

الإثنين - 02 أكتوبر 2023 - الساعة 03:26 ص بتوقيت اليمن ،،،

العرب


يرى الضابط الإسرائيلي المتقاعد أفيغدور كهلاني، الذي تعدّه إسرائيل أحد أبطالها على الجبهة السورية، أن حرب أكتوبر 1973 شكّلت “صفعة” كانت تحتاج إليها بلاده على الرغم من خسائرها البشرية.

وأصيب المقدّم كهلاني بحروق بالغة في حرب يونيو 1967 التي احتلت خلالها إسرائيل أراضي عربية تشمل سيناء وقطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وهضبة الجولان.

وأمضى عاما في المستشفى للعلاج. ومع اندلاع الحرب بين إسرائيل وكلّ من مصر وسوريا في السادس من أكتوبر 1973، كان ابن التاسعة والعشرين عاما قائدا لكتيبة الدبابات 77 التي تم نشرها للتو في الجولان.

واختارت دمشق والقاهرة بدء الهجوم المشترك من سوريا شمالا ومصر جنوبا، في اليوم الذي كانت فيه إسرائيل تحيي عيد الغفران، أحد أقدس الأعياد اليهودية، وهو يوم صوم تشلّ خلاله حركة الدولة.

ويقول كهلاني (79 عاما) “فجأة أدركنا أنها حرب شاملة”. ويضيف “خلال 24 ساعة سقطت مرتفعات الجولان بأكملها تقريبًا في أيدي السوريين”، متابعا “كانت نسبة القوات السورية أكبر، فكلّ ثماني أو عشر دبابات تقابلها دبابة إسرائيلية. وكانت دباباتهم أفضل من دباباتنا”.

وفي مؤشر على صعوبة الأيام الأولى من الحرب يقول كهلاني “في بعض الأحيان كان يمكن لمن يراقب مجرى الأحداث أن يقول إنه ليست لدينا (الإسرائيليين) أي فرصة (لتحقيق الانتصار)… لكننا انتصرنا”.

وبحلول التاسع من أكتوبر بدت القوات الإسرائيلية على وشك الاستسلام مع تقدّم الجيش السوري وتهديده أراضي الدولة العبرية. لكن في تحوّل لسير ساحة المعركة، تمكّنت كتيبة كهلاني ووحدات من اللواء المدرع السابع من وقف الاندفاع السوري.

ويقول الضابط المتقاعد “قدت الهجوم لاستعادة المرتفعات من حيث يمكننا إيقافهم… تقدموا على هذا الخط بحوالي 160 دبابة، وكنا 10 أو 12 دبابة فقط… كان علينا إيقافهم”.

وبعد معركة شرسة تراجعت القوات السورية. ويقول كهلاني إنه تولى شخصيا إعطاب 45 دبابة سورية من أصل زهاء 150 جعلتها فرقته خارج الميدان.

ويستعيد كهلاني ذكريات الحرب وهو جالس في مكتبه محاطا بشهادات عسكرية ومجسمات صغيرة للدبابات والمدرعات.

ويقول “ثمة لحظة مفصلية بعدما تكون قد أجهدت غالبية عضلات جسمك على مدى أربعة أيام من القتال بلا طعام تقريبا، وبلا نوم، ولم يتبق لك سوى بضع ذخائر في دبابتك، وتقوم بتسخير… كل أفكارك لكي تكون أفضل، وتنتصر”.

ويعتبر كهلاني من أبطال الحرب في إسرائيل، ويتحدث بانتظام الى المجندين الشباب. وفي عام 1975 تمّ منحه “وسام الشجاعة”، وهو أعلى وسام عسكري في الدولة العبرية.

وجاء في شهادة تكريمه أنه “أظهر قيادة لافتة وشجاعة شخصية في معركة صعبة ومعقدة، غيرت نتيجتها مسار المعركة في مرتفعات الجولان”.

وبعد التراجع الأولي تمكنت إسرائيل من تغيير المعادلة في الميدان بدعم من جسر جوي أميركي، إلى حين التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار أقرته الأمم المتحدة في 25 أكتوبر.

وتكبّد الطرفان خسائر فادحة خلال الأسابيع الثلاثة من القتال، تجاوزت عتبة 2600 شخص لدى إسرائيل، و9500 قتيل ومفقود في الجانب العربي.

وعلى الرغم من الخسائر البشرية، ومن ضمنها أخ له، يرى كهلاني أن حرب 1973 كانت بمثابة “صفعة قوية للغاية على الوجه أعادتنا إلى صوابنا بعض الشيء”.

ويعتبر العديد من المؤرخين أن الانتصار الساحق لإسرائيل في حرب 1967 منح قيادتها وجيشها شعورا بفائض القوة والمِنعة غير القابلة للمسّ.

ويوضح “لو تم استدعاء جنود الاحتياط قبل يومين، لكان تجنّب الحرب محتملا”، إلا أن أعضاء حكومة رئيسة الوزراء آنذاك غولدا مئير كانوا “مترددين… حتى عندما توفرت مؤشرات واضحة على أن الحرب ستقع، بقوا في حالة إنكار”. ويؤكد أن “كل شيء تغيّر بعد حرب الغفران… لم تعد ثمة مقدسات”.

وشكّلت إسرائيل لجنة للتحقيق في الجاهزية العسكرية للبلاد ورد فعلها على اندلاع الحرب، كانت نتيجتها استقالة رئيس أركان الجيش دافيد إليغازر ورئيس الاستخبارات العسكرية إيلي زعيرا في عام 1974.

وبالرغم من عدم تحميلها مسؤولية مباشرة من قبل اللجنة استقالت مئير بدورها من رئاسة الوزراء في العام ذاته.

أما كهلاني فبقي في الجيش وتدرّج في المهنة وصولا الى رتبة عميد، قبل أن يستقيل وينتخب نائبا في 1992 عن حزب العمل الذي تركه لتأسيس حزب وسطي. وأصبح في ما بعد وزيرا للأمن في حكومة بنيامين نتنياهو الأولى (1996 – 1999).

ويرى العسكري السابق أن حرب 1973 كانت الشرارة التي دفعت إسرائيل الى تطوير “أسلحة أكثر حداثة” مثل نظام القبة الحديدية للدفاع الصاروخي.

لكنه يعتبر أن هذه الحرب مثّلت أيضا “تحذيرا” للدولة العبرية من “الأخطار الوجودية” المحيطة بها، والتي يرى أنها في المرحلة الراهنة تتمثّل في إيران، ألد أعداء إسرائيل في المنطقة.

ويقول “ستحين ساعة الحقيقة… لا أوهام لديّ في هذا الشأن”، مضيفا “آمل أن يكون لإسرائيل في ذلك الحين قادة شجعان”، في إشارة إلى احتمال خوض مواجهة عسكرية مع الجمهورية الإسلامية.