أخبار وتقارير

الجمعة - 23 ديسمبر 2022 - الساعة 11:08 م بتوقيت اليمن ،،،

كتبه / خالد سلمان


إسقاط الإنقلاب لم يعد مطروحًا.
إستعادة صنعاء تم التخلي عنه.

إسترجاع الدولة بالقوة المسلحة ، أصبح أكذوبة رمتها التطورات السياسية الميدانية خلف ظهرها.

إحلال السلام حرباً أو سلماً، خطاب موجه لإستهلاك الداخل، مجرد تسجيل حضور لم يعد جاذباً لفقدان مصداقيته.


الح وثي له مطالبه إشتراطاته إملاءاته ، ماذا لدى الشرعية المبعثرة قياداتها بين العواصم ، من مطالب وأولويات وآليات تحقيقها؟.

لا شيء ، ولإنها تفتقر لأدوات طرح نفسها كطرف مواز للح وثي، في كل الحوارات التي تجريها الدول الفاعلة في الملف اليمني ،فقد تم إلغائها وشطب حضورها وتفويض مادونها للحديث بإسمها ،بما يلبي مصالحه هو لا مصالح الشرعية .

الآن أصبح من أكبر منجزات الشرعية، إدارة إجتماعات للمجلس الرئاسي من دول الشتات عبر الزوم، بما يشبه مسامرة العواجيز الذين تخطاهم الزمن ، والمجابرة على المصاطب.

-----------------

التشظيات هي السمة الأبرز الآن ، ودغدغة المشاعر أو صناعة الوعي الزائف هي الأُخرى سمة يمكن ملاحظتها في صراع المشاريع في اليمن.

إن أردت إنفصالاً صنعوا لك داخل الإنفصال إنفصالات جهوية متعددة ، هذا ما نشهده اليوم من سرقة خطاب الإنتقالي أو بالأصح محاولة نحره ، فإذا كان إستعادة دولة الجنوب هو الشعار الرئيس منذ الحراك الجنوبي وحتى الإنتقالي ، فإن الشعار ذاته وبصورة مقزمة وبنوايا مغايرة ،يتخلق اليوم على مستوى حضرموت، بإنفصال حضرموت عن حاضنتها الجنوبية وإعلانها دولة مستقلة ،

في مفارقة لا تتسق مع هدف الشعار المعلن ، حيث جوهر هذه الدعوات تتصادم مقدماتها مع النتائج ، الدعوة لسلخ حضرموت والإنفصال عن الجنوب، ومن ثم الإتحاد أو الإنضواء الكلي تحت دولة مركزية موحدة، عاصمتها ومركز حكمها صنعاء أياً يكون الطرف الحاكم!.

ما يحدث اليوم في حضرموت هو صناعة مفبركة لأجسام موازية والذهاب بالمطالب بعيداً ، من دولة جنوبية إلى دويلة في خاصرة الجنوب ، ويبقى الهدف تفريغ الحراك المدني الحقيقي في حضرموت من عنفوانه، ورمي قنابل دخان لمضاعفة صعوبة تحديد الأولويات ووجهات السير ، وخلق أسئلة ملتبسة مع من وكيف وإلى اين، فالحراك الحقيقي يدعو إلى إنسحاب قوات المنطقة الأولى،والجسم المخلق يدعو إلى إستقلال حضرموت بأدوات ودبابات المنطقة الأولى! ، وهنا تكمن المفارقة الدالة على عدم أصالة أصحاب هذه الدعوة، وحقيقة إنتمائهم لمرجعيات سياسية غير ذي صلة بحضرموت ناساً وتطلعات ، مرجعيات عبارة عن أحزاب دينية تؤمن بالخلافة كهدف ،ولا تؤمن بالوطن كخيار نهائي ، ناهيك عن حضرموت دولة مستقلة.

ولأن السياقات مترابطة ، والصراع يحتدم على أكثر من جهة ومستوى، فإنه لا يمكن فصل عدم إستجابة رعاة إتفاق الرياض، بتنفيذ بند سحب القوات إلى ساحة المواجهة مع الح وثي ومنها المنطقة الأولى ، وبين وجود فقاعة دعاة حضرموت دولة ذات سيادة ، وصفقات الحلول النهائية الإقليمية الدولية ،التي لا تلبي الحد الأدنى من مطالب الجنوب ،

هذا التشابك يسعى للوصول إلى ممارسة الضغط على مشروع الإنتقالي ،ووضعه بين مطرقة الداخل المفتوح على إحتمالات متعددة، وسندان الخارج ،بصناعة كماشة تفتح أمامه قوس خيار قبول التعاطي مع القضية الجنوبية كمظلمة تُعالج في سياق كل مظالم اليمن، ولاشيء آخر على الطاولة، لا دولة مستعادة ولا حتى إقليم في يمن مكون من إقليمين ، وإبقاء نموذج إستقلال حضرموت للترويض ، شبحاً يحوم في سماء كل المحافظات الجنوبية ، وخاصة تلك ذات الميول الإنعزالية في مناطق الثروات .

حضرموت دولة مستقلة ،مجرد هراوة إبتزاز وفقاعة وشق صف ليس إلا.

---------------

سياسة الدفع بالأمور إلى حافة الهاوية ، أداة ضغط ومن ثم إجبار الخصم على التراجع.

هذا مايفعله الحوثي في إدارة ملف الصراع في اليمن ، حيث يجر الجميع إلى الخيار الصفري ، ولا يقدم نفسه بقدر كافٍ من المرونة الذي يستمع فيها للآراء الأُخرى، يناقش ويقدم مقترحات أقل تصلباً وأكثر إنفتاحاً بحثاً عن منطقة حل وسط.

الخميس أكد رئيس مجلسهم السياسي المشاط ، أن لا تنازل عن إشتراطاته ،وأن لا حديث قابل للتعاطي البناء معه مالم يكن مؤسس على مطالب الح وثي ، الذي لا يظهر منها سوى رأس الجليد ، الموجه لعموم الناس أي صرف المرتبات من عوائد النفط والغاز ، وهي خلطة كلام تلامس مشاعر الواقعين تحت ضغط الحرب، بمآلاتها الكارثية ومنها سياسة التجويع التي يتحمل الح وثي فيها قسطه الوافر ، من خلال إحتكار بيع الوقود لصالح جماعته ، والإنتفاع الفاسد من الأوعية الضريببة والهبات والإعانات المخصصة للضعفاء ،وتوسيع نطاق الجبايات إبتداءً من التجارة التبادلية بين المناطق، وحتى جباية المجهود الحربي وحتى غلال الفلاحين بعد كل موسم حصاد ، ومواشيهم الداجنة .

لو كان الح وثي جاداً في التخفيف من معاناة المواطن لا الإتجار بها، لرفع يده عن قوته وخبزه اليومي والجبايات المهولة المتعددة المفروضة بقهر السلاح وجبروت السلطة ، ولكنه لا يفعل ، ويظل ممسكاً بهذا الخطاب الهروبي لإخلاء ساحته من المعاناة الجمعية، ورميها بإتجاه الطرف الآخر ، في ما الحقيقة أن مطالب الح وثي تظل فرض أمر واقع جديد بقوة الأمر الواقع :

سفن النفط والوقود والتسهيلات الدولية ،وتدفقات المحروقات عبر موانئ الحديدة لنا ،وعوائد نفط الجنوب وغازه وبالشراكة والمناصفة أيضاً لنا ، وهي معادلة لا تستقيم في لغة حوار تبحث عن المشتركات ، وتؤجل نقاط الخلاف وخاصة في موضوع الثروات إلى مرحلة تالية.

المشاط في حديث الخميس يلوح بإستخدام القوة، ليس في مجال العودة إلى جبهات القتال الواسعة وحسب ، بل وبالضرب في الخاصرة الرخوة الموجعة للشرعية وللخارج معاً، أي إستهداف مكامن الثروات.

هنا يجب الإشارة إلى واقع مختل ماكان للح وثي أن يجاهر بمطالبه المستفزة ، لو لم يكن ميزان القوى أكثر ميلاناً لصالحه، ولو كان هناك توازن قوى ،لكان الملعب التفاوضي أكثر عدلاً ومعقولية لجهة المطالب المتقابلة والتنازلات المتبادلة.

السؤال الذي يعقب تصريح المشاط ، أنت توجه خطابك لمن ، وتفاوض من ، وتقدم مطالبك لفرض التنازلات لمن؟

الإجابة عن هذا السؤال تكشف أنه يفاوض الخارج ،ويخاطب وساطات الخارج ،ويقدم مطالبه للخارج ،وكأن ليس هناك طرفاً مفاوضاً محلياً شرعياً، يملك قراره وواجب التفاوض معه، وهو أمر حقيقي وإن كان صادماً وموجعاً.

الصراع في اليمن له طرف واحد داخلياً الحوثي ، وأطراف دولية إقليمية مقررة متعددة ، في ما الشرعية لم تغادر موقع جملة المبني للمجهول ،أي الغائب الأكبر وغير المعني ربما إجبارياً بكل مايدور.