بررت السلطات الأردنية وقف تطبيق تيك توك في البلاد بنشر وسائل التواصل الاجتماعي محتوى يحض على الكراهية والتخريب، وذلك بعد انتشار مقاطع فيديو عن الاحتجاجات الواسعة التي تشهدها البلاد على المنصة.
وأكدت وحدة الجرائم الإلكترونية في مديرية الأمن العام الأردنية في بيان رسمي أنها رصدت خلال الأيام القليلة الماضية نشاطا لافتا لحسابات وهمية من داخل وخارج المملكة عملت على إعادة إنتاج فيديوهات لمظاهر احتجاجية سابقة، وتوظيف مقاطع فيديو من دول أخرى ونسبها إلى مناطق عديدة في المملكة، بما يحرض على المزيد من العنف والتخريب وأعمال الشغب.
وجاء البيان بعد أن شهد تطبيق تيك توك الجمعة توقفاً تاما في أنحاء البلاد، في ما يبدو محاولة لوقف انتشار مقاطع الفيديو عن الاحتجاجات، إذ استشعرت السلطات مدى تأثيرها على الشارع الأردني الذي يئن تحت وطأة الأزمات المعيشية والاجتماعية.
ورأى ناشطون أن الخطوة تأتي لوقف مشاركة تقارير وأخبار بشأن الاضطرابات، والحد من انتشار الدعوات على مواقع التواصل الاجتماعي إلى خروج المزيد من المظاهرات احتجاجاً على ارتفاع أسعار الوقود التي أضافت صعوبات فوق صعوبات كلفة المعيشة في المملكة.
فعلى مدار الأيام الماضية، تناقل ناشطون على الشبكات الاجتماعي صورا ومقاطع تعكس حجم الإضرابات، كما انتشرت مجموعة هاشتاغات تشير إلى تصاعد الوضع في الأردن أهمها #عصيان_مدني و#إضراب_الكرامة.
وأظهر أحد المقاطع المتداولة تجمّع العديد من سائقي الشاحنات في الطرقات ورفضهم نقل البضائع.
لكن الإضراب تسبب في حالة من الشلل التام وتكدس البضائع، خاصة في ميناء العقبة الرئيسي المطل على البحر الأحمر، وترتب على ذلك انقطاع الإمدادات من السلع الأساسية نحو الأسواق، بحسب ما ذكره إعلاميون ومغردون على موقع تويتر.
وتفاعل مغردون مع هاشتاغ #إضراب_النقل_العام، إذ عبروا عن تضامنهم مع سائقي الشاحنات وتداولوا “بيانات قبلية وعمالية” تلوح بالتصعيد إذا لم تستجب الحكومة لمطالبهم.
ولاحقا أبلغ عدد من مستخدمي الإنترنت والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي أن خدمات الإنترنت تعمل ببطء في مناطق عديدة من المملكة.
وأثارت مقاطع الفيديو التي تم تداولها عن الاحتجاجات حفيظة السلطات، حيث قال وزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة فيصل الشبول في مؤتمر صحافي إن “منصة تيك توك نشرت كماً كبيراً من الفيديوهات التي تحرض على القتل والفوضى”.
ونوهت وحدة الجرائم الإلكترونية بأنها وفي إطار جهودها لإنفاذ القانون وحفظ أمن واستقرار الأردن وأمن مواطنيه، أبلغت القائمين على هذه المنصات، وبالتعاون مع المؤسسات الحكومية المعنية وضمن الإطار القانوني، بشأن المحتوى التحريضي للعديد من الحسابات، مؤكدة أنها تلقت استجابة سريعة من هذه المنصات في حذف الكثير من الفيديوهات المفبركة والمغرضة، ووقف العديد من الحسابات التي تستهدف الأردن، عبر بث خطاب الكراهية والدعوة إلى العنف والتخريب.
وأكدت الوحدة أنها ماضية في تطبيق القانون بقوة وحزم، وإحالة أيّ شخص يرتكب مثل هذه الجرائم إلى القضاء، مشيرة إلى أن قرار ايقاف إحدى هذه المنصات مؤقتا يعود إلى العديد من الفيديوهات المليئة بالتحريض على القتل والفوضى على هذه المنصة.
وإلى جانب محاولة السلطات الحد من تأثير الشبكات الاجتماعية، تكرس وسائل الإعلام الأردنية جهودها لدعم الرواية الرسمية وإرسال رسائل للجمهور بشأن التضليل على الشبكات الاجتماعية وخطورة الموقف الذي تمر به البلاد.
وقد ذكرت وكالة الأنباء الأردنية “بترا” أن منصات التواصل الاجتماعي على اختلافها، شكلت بيئة خصبة للكثيرين لاستثمار الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها عدة مناطق بالمملكة، ورافقت إضراب أصحاب الشاحنات والعاملين في قطاع النقل، لتأجيج الرأي العام، عبر بث محتوى تحريضي ومفبرك.
وألقت بعض المواقع الإلكترونية المقربة من الحكومة باللوم على تطبيق تيك توك بنشر الفوضى، وقالت إن المحتوى التحريضي على منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية يأتي انعكاسا لرغبة جامحة لدى أصحابها في المس بأمن الأردن واستقراره، والإساءة إلى أجهزته الأمنية، في مخالفات للمهنية والموضوعية والمصداقية، ومس بسيادة الدولة الأردنية ومؤسساتها وعلى رأسها الأجهزة الأمنية.
وتشتكي السلطات الأردنية منذ سنوات من الشائعات والمعلومات المضللة على المواقع الاجتماعية، وذلك بعد انتشارها بشكل واسع في البلاد، وسياستها الإعلامية المتمثلة بحظر تداول المعلومات في القضايا المثيرة للجدل في البلاد، أو تلك التي تتناول قضايا حساسة ولا تجد الحكومة رواية مقنعة للرد على أسئلة المواطنين.
وكشف تقرير عالمي حديث حول الواقع الرقمي في الأردن أن عدد مستخدمي جميع منصات التواصل الاجتماعي في المملكة بلغ بداية العام الحالي قرابة 7 ملايين مستخدم نشط.
وقال التقرير الذي أصدرته شركة “Hootsuite” عن حالة الإنترنت حول العالم، إن “قاعدة مستخدمي مختلف شبكات التواصل الاجتماعي في الأردن مع بلوغها هذا المستوى تكون قد زادت بمقدار 500 ألف مستخدم وبنسبة 8 في المئة مقارنة بقاعدة المستخدمين المسجلة بداية العام الماضي والتي بلغت وقتها 6.5 مليون مستخدم”.
وأشار التقرير إلى أن مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي في الأردن أصبحوا يشكلون نسبة تصل إلى 67 في المئة من إجمالي عدد السكان الذي يتجاوز عشرة ملايين نسمة، ما يعني المدى الواسع الذي يتركه المحتوى المتداول على المواقع الاجتماعية، خصوصا أن تأثيرها يتزايد في أوقات الأزمات، حيث تمارس الرقابة في وسائل الإعلام التقليدية حظرا على المعلومات التي يحتاجها المواطن ويبحث عنها، ليكون الملاذ الوحيد مواقع التواصل وهي بيئة خصبة لانتشار الشائعات والتضليل إلى جانب المعلومة الصحيحة.
وزاد استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في الأردن خلال العامين الماضيين خصوصا مع تطبيق إجراءات الحجر المنزلي والتباعد الاجتماعي مع انتشار كورونا.
يذكر أن سائقي الشاحنات يقومون بإضراب منذ أسبوعين في عدد من المدن الجنوبية احتجاجاً على ارتفاع أسعار الوقود. وفي غضون ذلك، شارك عدد من مستخدمي الإنترنت صورا ومقاطع فيديو تشير إلى أعمال شغب وإطارات سيارات مشتعلة في محافظة معان جنوبي العاصمة.
ويأتي ذلك بعد يوم من مقتل نائب مدير شرطة محافظة معان العقيد عبدالرزاق الدلابيح برصاصة في الرأس، بحسب بيان الشرطة، فضلاً عن إصابة ضابطين بجروح في صدامات مع متظاهرين غاضبين في المحافظة.