منوعات

الخميس - 24 نوفمبر 2022 - الساعة 04:33 ص بتوقيت اليمن ،،،

العرب


يسلط فقدان الأدوية في العديد من أسواق العالم الضوء على مشاكل شركات القطاع مع عمليات الإنتاج والتي يبدو أنها أمام حتمية إحداث تغيير جذري في أسلوب نشاطها.

وبين الأدوية المبتكرة التي تُباع بعشرات الآلاف من اليوروهات والنقص في الجزيئات الأساسية كالمضادات الحيوية، تُطرح الأسئلة بشكل متزايد عن قابلية النموذج الاقتصادي للدواء للاستمرار على ما هو عليه على المدى الطويل.


وتؤدي المشاكل المتكررة إلى لجوء منظمات غير حكومية وشركات مصنّعة إلى إعادة النظر في براءات الاختراع المُعطاة لعدد من العلاجات.

وفي مقدّمة تلك المشاكل يبرز النقص في بعض المنتجات والذي يتزايد منذ عقد في العالم.

ففي العام الماضي، تلقت وكالة سلامة الأدوية الفرنسية 2169 تقريرا عن نفاد مخزون عدد من الأدوية أو خطر نفاد الكميات المخزنة من المتاجر، وتشمل الأدوية بصورة رئيسية الأنسولين الضروري لمعالجة مرض السكري والمضادات الحيوية.

وتطرقت الوكالة الجمعة الماضي إلى “ضغوط كبيرة” تشهدها إمدادات الأموكسيسيلين الذي يؤخذ عن طريق الفم ويشكل مضادا حيويا يوصف بصورة شائعة للأطفال.

وقبل بضعة أسابيع، أشارت إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية إلى المشكلة نفسها في الولايات المتحدة.

وتذكر المتخصصة في علم اجتماع الصحة والمرض غاييل كريكوريان التي نشرت حديثا مقالة تتناول هذه المسألة أنّ الجزيئات التي تواجه ضغوطا في البلدان الغنية حاليا هي مفقودة منذ مدة طويلة في البلدان النامية.

وقالت “ما تغيّر هو أنّ المشاكل المرتبطة بإمكانية الحصول على الجزيئات تظهر الآن أيضاً في دول الشمال”.

وتابعت “ما يُشار إليه عادة بعجز السوق يتكاثر أينما كان، وأصبح من الواضح أنّ الأمر لا يشكّل فشلاً في النظام”.

وأما التفسيرات المرتبطة بالمشكلة فهي كثيرة ومعروفة. فمع العولمة، أصبح إنتاج المكونات النشطة التي توفّر فاعليتها للأدوية، يتركز حاليا في عدد قليل من البلدان الآسيوية، مما يتسبب في مشكلة في خط الإنتاج ويعطّل نظام وصول الأدوية في الوقت المناسب.

ومن بين الأسباب الأخرى عدم وجود نموذج اقتصادي لبعض الأدوية كالمضادات الحيوية، التي غالبا ما تباع بصيغة الدواء المكافئ (الجنريك).

وتميل المختبرات الكبيرة إلى التخلي عن الأمراض أو عدم الاكتراث بالأسواق النامية الأقل قدرة على دفع أسعار مرتفعة مقابل الحصول على الجزيئات.

فمن ناحية أولى ثمة أدوية لم تعد تحظى باهتمام المختبرات، ومن جهة ثانية تبرز العلاجات المبتكرة باهظة التكلفة التي لا تواجه مشاكل في الإمدادات بل تثقل كاهل ميزانيات الأنظمة الصحية.

وفي ظل كل ما يحصل، تعيد المنظمات غير الحكومية النظر في براءات الاختراع المُعطاة لعدد من العلاجات.

وينتظر أطباء العالم صدور قرار من مكتب براءات الاختراع الأوروبي الذي رفعت المنظمة طعنا أمامه في ما يتعلق بعلاج التهاب الكبد “سي” الذي يطرحه مختبر غلياد في الأسواق بنحو 42 ألف دولار.

ويشير المسؤول عن أسعار الأدوية لدى منظمة أطباء العالم أوليفييه ماغيه إلى أنّ “الشركات المصنّعة للأدوية امتنعت عن إجراء أبحاث منذ ثمانينات القرن الماضي وأصبحت تعتمد على الشركات الناشئة للحصول على براءات الاختراع” التي يتعيّن عليها شراؤها مقابل مبالغ مرتفعة.

وقال ماغيه لوكالة الصحافة الفرنسية إنّ النتيجة تتمثّل في “زيادة صعوبة العثور على الأدوية التي تؤخذ لمعالجة أمراض شائعة لأنها تدرّ أرباحا أقل من الابتكارات ولم تعد في صلب اهتمامات الشركات المصنّعة”.

وتقترح عالمة الاجتماع غاييل كريكوريان تطوير القوانين من خلال التفكير في “تطوير الحقوق الجماعية (في شأن براءات الاختراع) لأنّ البحوث الطبية تمثّل قبل أي شيء مجهودا جماعيا” وتحديدا عبر التمويل العام للبحوث.

وتكافح المنظمات غير الحكومية أيضا من أجل تحقيق المزيد من الشفافية على مستوى الأسعار، من خلال عقد مفاوضات سرية بين كل بلد ومختبر.

وهذا فضلا عن الحاجة إلى الحفاظ على الإنتاج الإقليمي لبعض الجزيئات الأساسية أو إعادة إنشاء هذا الإنتاج، وهو ما يرغب في إنجازه مختبر ديلبير الفرنسي الذي يسوّق نحو 15 دواء قديما بينها الأموكسيسيلين الذي يؤخذ عن طريق الحقن.

ويشير تييري هوفمان المدير العام لشركة ديلبير إلى أنّ هذا الدواء لا يجري تسويقه في فرنسا التي حددت سلطاتها سعرا منخفضا له يتمثل في نحو يورو واحد للعلبة.

وقال “رغبة في تشجيع الابتكار فقط، يغيب عن بال البعض أنّ نظام الرعاية موجود بفضل المنتجات القديمة الضرورية جدا في العلاجات”.