أخبار اليمن

الثلاثاء - 23 ديسمبر 2025 - الساعة 07:44 م بتوقيت اليمن ،،،

مأرب الورد


‏يُعدّ اتفاق مسقط لتبادل الأسرى والمختطفين بين جماعة الحوثي والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا خطوة إيجابية ومضيئة في مشهد يمني يلفّه قدر كبير من الظلام. وينص الاتفاق على الإفراج عن 1700 أسيرًا حوثيًا مقابل إطلاق 1200 محتجز لدى الحوثيين، بينهم سبعة سعوديين و23 سودانيًا.

ورغم أن أي جهد يُسهم في الإفراج عن أسير أو مختطف، مدنيًا كان أو عسكريًا، يُعدّ جهدًا مُقدّرًا ويجب البناء عليه، إلا أن أهمية هذا الاتفاق لا تكمن في بعده الإنساني فقط، بل في سرعة إنجازه مقارنة بجولات التفاوض السابقة، ودلالة توقيته وسياقه السياسي والعسكري، خصوصًا في ظل التطورات المتسارعة في شرق اليمن.

في هذا الإطار، يمكن النظر إلى الاتفاق بمثابة أرضية أولية لتفاهمات أوسع قد تتشكل لاحقًا، حتى وإن لم تتضح معالمها بعد. نحن لسنا فقط على أعتاب عام جديد، بل ربما على أعتاب مرحلة جديدة في المشهد اليمني بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

ومن الواضح أن السعودية كانت محتاجة لإنجاز هذه الصفقة، لا سيما أن المفرج عنهم من السودانيين يُحسبون عليها بحكم ارتباطهم بالقوات التي جرى استقدامها ضمن التحالف، ما يجعل الصفقة في جانبها العملي نجاحًا سياسيًا وإنسانيًا للرياض التي استعادت جنودها وحلفاءها.

ومع ذلك، لا ينبغي التعامل مع هذا الاتفاق من زاوية أخلاقية أو إنسانية خالصة، وكأن الأطراف المعنية قد استيقظ فيها الضمير فجأة، فالملف الإنساني ظلّ طوال سنوات أداة توظيف سياسي بامتياز، ويكفي التذكير بموقف الحوثيين المتعنت من قضية المختطف المدني محمد قحطان، ورفضهم المتكرر تقديم أي معلومات عن مصيره أو وضعه الصحي، لإدراك أن الاعتبارات الإنسانية لم تكن يومًا أولوية حقيقية.

باختصار، الانفراجة الحالية في ملف الأسرى لا تعكس تحولًا أخلاقيًا بقدر ما تعكس تفاهمات سياسية غير معلنة، فرضتها موازين القوى واللحظة الإقليمية، وقد تكون مؤشرًا على مسار سياسي قادم، حتى وإن ظلّ في الظل حتى الآن.