أخبار اليمن

الثلاثاء - 09 ديسمبر 2025 - الساعة 10:51 ص بتوقيت اليمن ،،،

العرب


وضعت الأحداث والتطورات العسكرية والسياسية التي شهدها عدد من محافظات جنوب اليمن على مدى الأيام الأخيرة البلد الممزق بالحرب والصراعات الداخلية بشكل جدي على مسار الانقسام، وذلك بعد ما حققه المجلس الانتقالي الجنوبي الحامل لمشروع دولة الجنوب المستقلّة من مكاسب ميدانية كبيرة في حضرموت والمهرة شملت سيطرته على مناطق شاسعة ومرافق حيوية، انتزعها من أيدي خصوم محليين له وأيضا من أيدي قوات تابعة للسلطة اليمنية المعترف بها دوليا.

وترافقت التحركات العسكرية الخاطفة والسريعة لقوات المجلس مع خطاب سياسي وإعلامي وإجراءات رمزية صبت جميعها في سياق التبشير بقرب قيام الدولة المستقلة حيث جرى إنزال علم الجمهورية اليمنية من سطوح وواجهات العديد من المباني بما في ذلك في محافظة المهرة التي ظلت لسنوات بعيدة عن الصراعات نظرا لوقوعها في أقصى شمال البلاد وعلى حدود سلطنة عمان ونظرا أيضا لقوة تأثيرات السلطنة على أوضاعها الداخلية، جنبا إلى جنب الحضور السعودي وتأثيراته.

وفي عدن سيطرت قوات الانتقالي على قصر المعاشيق الجمهوري في وقت غادر فيه رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي إلى العاصمة السعودية الرياض في ظل أسئلة بشأن مدى إمكانية عودته إلى المدينة التي تحوّلت منذ سقوط صنعاء في أيدي الحوثيين إلى عاصمة مؤقتة لليمن.

وقال عمرو البيض المسؤول البارز في المجلس الانتقالي لوكالة رويترز، الاثنين، إن المجلس موجود في جميع محافظات جنوب البلاد، بما في ذلك مدينة عدن.

وأضاف أن أعضاء الحكومة المعترف بها دوليا برئاسة سالم بن بريك غادروا عدن، وأن المجلس لم يطلب منهم المغادرة.

وحرص المجلس بالتوازي مع كل ذلك على إضفاء بعد جماهيري على تحركاته وإجراءاته من خلال تنظيم تجمعات جماهيرية حاشدة في عدد من مناطق نفوذه تركزت خصوصا في عدن التي شهدت تظاهرات رفع خلال شعار "فك الارتباط"، فيما نصب المئات من النشطاء خياما للاعتصام في ساحة العروض بخور مكسر ضمن فعالية مطالبة بالإعلان الفوري لـ"دولة الجنوب العربي" المستقلة.

وسيطر المجلس الانتقالي الأسبوع الماضي على محافظة حضرموت الشاسعة والغنية بالنفط بينما انسحبت قوات المنطقة العسكرية الأولى التابعة للشرعية من مناطق سيطرتها بالمحافظة من دون مقاومة تذكر، ثم توسّعت سيطرة القوات الجنوبية لاحقا لتشمل محافظة المهرة ومركزها مدينة الغيضة بعد انسحاب قوات درع الوطن المرتبطة بالرئيس العليمي شخصيا، وليتم إنزال علم اليمن ورفع علم دولة الجنوب على أسطح وواجهات المؤسسات في المدينة.

وبقدر ما بدت السلطة اليمنية مذهولة من سرعة التطورات وحدّة التقلبات في الوضع الميداني فقد بدت قليلة الخيارات لوقف مسار الأحداث أو عكس وجهتها في اتجاه مضادّ.

واكتفى رئيس مجلس القيادة بالتعبير عن رفضه لخطوات الانتقالي في تصريحات خلال اجتماع في الرياض بكل من سفيرتي فرنسا

والمملكة المتحدة والقائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة اليمن "للبحث في مستجدات الأوضاع المحلية، وفي المقدمة التطورات في المحافظات الشرقية"، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء اليمنية سبأ في نسختها التابعة للحكومة المعترف بها دوليا.

وقالت الوكالة إنّ العليمي "وضع السفراء في صورة الجهود المبذولة لاحتواء التصعيد الأحادي في المحافظات الشرقية، بما فيها المساعي الحميدة التي قادها الأشقاء في المملكة العربية السعودية للتوصل إلى اتفاق تهدئة في محافظة حضرموت، مؤكدا دعم الدولة الكامل لتلك الجهود المنسقة مع قيادة السلطة المحلية، والعمل على تهيئة الظروف لتطبيع الأوضاع، وحماية المنشآت السيادية، بما يضمن تأمين الخدمات الأساسية للمواطنين."

كما جدد رئيس مجلس القيادة "الرفض المطلق لأي إجراءات أحادية من شأنها تقويض المركز القانوني للدولة، أو الإضرار بالمصلحة العامة، وخلق واقع مواز خارج إطار المرجعيات الوطنية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة، واتفاق الرياض".

وشدد "على أهمية عودة أي قوات مستقدمة من خارج المحافظات الشرقية، إلى ثكناتها بموجب توجيهات القائد الأعلى للقوات المسلحة، ومرجعيات المرحلة الانتقالية، وتمكين السلطات المحلية من أداء مهامها في حفظ الأمن والاستقرار على أكمل وجه، وفقا للقانون."

وأشار "إلى أن التحركات العسكرية الاحادية التي شهدتها المحافظات الشرقية، تمثل تحديا مباشرا لجهود التهدئة، وتهديدا للمكاسب المحققة على صعيد الإصلاحات الاقتصادية، واستقرار العملة، وانتظام صرف المرتبات، وتحسين الخدمات الأساسية، في وقت تبذل فيه الحكومة جهودا كبيرة بدعم من الأشقاء والأصدقاء لتعزيز الثقة مع مجتمع المانحين، والتخفيف من معاناة المواطنين."

وعلى الطرف المقابل أصدر المجلس الانتقالي الجنوبي بيانا قال فيه إنّ رئيسه عيدروس الزبيدي ترأس في عدن "اجتماعا مهما للقيادة التنفيذية العليا للمجلس" رحب فيه بـ“الانتصارات والمكتسبات” التي تحققت في محافظتي حضرموت والمهرة.

وناقش الاجتماع "مجمل المستجدات على الساحة المحلية، وفي مقدمتها تعزيز الأمن والاستقرار في حضرموت والمهرة، ومواصلة تطبيع الأوضاع فيهما عقب استكمال تطهيرهما وتأمينهما."

واستعرض "متطلبات المرحلة القادمة على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، إضافة إلى الترتيبات اللازمة لتطبيع الأوضاع وتعزيز الاستقرار في عموم محافظات الجنوب."

ودعا الزبيدي بحسب المنشور ذاته جماهير الشعب الجنوبي في الداخل والخارج إلى مزيد من التلاحم والاصطفاف والالتفاف حول القوات المسلحة، مؤكدا على "خصوصية المرحلة التي يمر بها وطن الجنوب، والتي تتطلب تضافر الجهود والاستشعار بالمسؤوليات والمهام الوطنية الملقاة على عاتق القيادات الجنوبية المدنية والسياسية والعسكرية، إلى جانب الدور الذي ينبغي أن تضطلع به مختلف شرائح المجتمع الجنوبي، وعلى رأسهم رجال المال والأعمال، في سياق بناء دولة الجنوب الفيدرالية الحديثة."